رسائل مسمومة من إخوان تونس.. قيس سعيد يكشف محاولات النهضة لاغتياله

اتهم الرئيس التونسي قيس سعيد حركة النهضة وجماعة الإخوان بمحاولة التخلص منه واغتياله

رسائل مسمومة من إخوان تونس.. قيس سعيد يكشف محاولات النهضة لاغتياله
الرئيس التونسي والغنوشي

اتهم  الرئيس التونسي قيس سعيد، أمس الثلاثاء، أطرافاً سياسية في تونس بالسعي لإزاحته من الحكم ولو "بالاغتيال"، حسبما نقلت الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية عبر موقع فيسبوك.


جاءت تصريحات سعيد خلال لقائه رئيس الحكومة هشام المشيشي وعددًا من رؤساء الحكومات السابقين، إذ قال سعيد إن هذه الأطراف استعانت بالخارج لإزاحته من الحكم.


وفي إشارة غير مباشرة لممارسات قيادات حزب حركة النهضة ، وعلى رأسهم راشد الغنوشي زعيم الحزب الإخواني ورئيس البرلمان، قال سعيد إن «من كان وطنياً مؤمناً بإرادة الشعب لا يذهب للخارج سراً بحثا عن طريقة لإزاحة رئيس الجمهورية بأي شكل من الأشكال، حتى ولو بالاغتيال».


واقعة الاغتيال في يناير 


وجاءت تصريحات الرئيس التونسي لتعيد إلى الأذهان وقائع حول محاولات اغتيال قيس سعيد في مطلع العام الجاري 2021، لاسيما واقعة الطرد المشبوه عندما أعلنت الرئاسة التونسية في يناير، أن سعيد تعرض لمحاولة اغتيال عن طريق ظرف مسموم، مؤكدة أن الرئيس لم يتلق الظرف بشكل مباشر.


حينذاك، أوضحت الرئاسة التونسية في بيانها، أن مديرة الديوان الرئاسي فتحت الظرف فوجدته خالياً من أي مكتوب، ولكن بمجرد فتحه شعرت بحالة من الإغماء وفقدان شبه كلي لحاسة البصر، فضلاً عن صداع شديد.


رسالة مسمومة


وكانت محاولة اغتيال وتسميم الرئيس التونسي قيس سعيد، كفيلة باستدعاء تاريخ حركة النهضة وجماعة الإخوان الدموي، الذي ارتبط بالاغتيالات واستهداف المعارضين في تونس تحديدًا، إلا أن الواقعة كانت مختلفة هذه المرة، وتؤكد أنه لم يعد السياسيون المعارضون وحدهم هدفًا لإرهاب الجماعة، وإنما وصلت المسألة إلى أعلى مستويات العمل السياسي وقصر الرئاسة نفسه.


وكانت محاولة اغتيال قيس سعيد عن طريق الظرف المشبوه بعد يومين فقط من خطابه الذي هاجم فيه حركة النهضة الإخوانية في تونس، يتهمها صراحة بالوقوف وراء الأزمات التي تخنق تونس وتلاحقها منذ 10 سنوات من حكمهم.


ولم تستبعد رئاسة الجمهورية التونسية مسألة تعرض الرئيس قيس سعيد لمحاولة تسميم، بل وأبدت الرئاسة دهشتها إزاء مطاردة كل من نقل خبر محاولة تسميم الرئيس، داعية إلى البحث عمن قاموا بتلك المحاولة الإرهابية البائسة.

وفي بيان لقصر قرطاج التونسي، أكد ورود بريد خاص موجه لرئيس الجمهورية على ديوان الرئيس، موضحًا أن البريد المشار إليه لم يكن يحتوى على اسم المرسل، وأنه تضمن مادة غريبة تسببت في تعكر الحالة الصحية لمديرة الديوان التي قامت بفتحهن إلى جانب أحد موظفي رئاسة الديوان، حيث شعرا بالإغماء والصداع وفقدان مؤقت لحاسة البصر، وأنه تم نقلهم للفحص الطبي في الحال.


فجاء رد الجماعة الإرهابية بالرسالة المسمومة!


اغتيال بلعيد والبراهمي


وذكرت محاولة تسميم الرئيس التونسي بحادثة اغتيال المعارضين التونسيين البارزين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، عام 2013، إضافة إلى مذابح للجنود التونسيين في عمليات إرهابية عدة على يد أنصار الشريعة، التنظيم المقرب من حزب حركة النهضة التونسي.


اغتيال بـ "الريسين السامة"


وأشارت رئاسة الجمهورية التونسية حينها، إلى أنه لم تتحدد بعد طبيعة المادة حتى اللحظة، موضحة أنها لم تنشر الخبر في الإبان لعدم إثارة وإرباك الرأي العام.

بينما أشار مصدر آخر مطلع من وزارة الداخلية إلى أن الوزارة غير معنية بالتحقيق في الحادثة، وأن الأمر بين يدي القضاء، فيما أشارت مصادر مطلعة إلى أن الطرد البريدي كان يحتوي مادة "الريسين القاتلة".


وقالت مصادر مطلعة من داخل رئاسة الجمهورية في تونس إن رئيس الجمهورية لم يتلق هذا الظرف، وإن الموظفين الذين قاموا بفتحه بصحة جيدة وأن المادة المشبوهة الموجودة داخل الظرف عرضت على التحليل للكشف عن نوعيتها، كما تم فتح بحث بشأن مصدره.


وعلى الرغم من تقرير النيابة بعدها بأن المادة الغريبة داخل الظرف لم تكن مسمومة، إلا أن هذه الواقعة ظلت مثار جدل عميق ونوهت إلى محاولات الثأر السياسية التي ينتهجها الإخوان، ونبهت مؤسسة الرئاسة في تونس إلى احتمالات اغتيال متوقعة تطال قيس سعيد!


خطاب قيس سعيد يفجر غيظ الإخوان


وأشارت التقارير في ذلك الوقت إلى أن محاولة اغتيال وتسميم الرئيس التونسي كانت بسبب الخطاب الناري الذي ألقاه قبل ذلك بأسبوع، خلال اجتماع مجلس الأمن القومي، وهو الخطاب الذي أثار غيظ الإخوان، واعتبروه محاولة من قيس سعيد لفتح النار على جباه قيادات حركة النهضة في تونس، لاسيما رئيس الحركة راشد الغنوشي.


وكان خطاب قيس سعيد يحذر التونسيين بشدة من أن "الحركة الإخوانية أعدت دستورا على المقاس، خلال أعمال المجلس التأسيسي الذي صاغ دستور 2011"، مؤكدًا أن رئيس الحركة ورئيس مجلس النواب راشد الغنوشي ورئيس الوزراء هشام المشيشي لم يبلغاه بالتعديل الحكومي الذي تم عرضه على البرلمان وتمت المصادقة عليه، وهو ما يخالف الدستور.

الإخوان يعمقون صراع المؤسسات في تونس


وفجرت واقعة الاغتيال إلى جانب الأحاديث حول التعديل الوزاري الأخير المطروح في تونس أزمة صراع المؤسسات في البلاد، وهي ظاهرة غير صحية بالمرة داخل بلد يعيش على وقع انهيار اقتصادي زادته جائحة كورونا.


وكان التحوير الوزاري الذي اقترحه رئيس الحكومة هشام المشيشي ليشمل 11 وزيرا حظي بالقبول بأغلبية إخوانية تحت قبة البرلمان، إلا أنه لم يعرض من الأساس على رئيس الجمهورية.


وحتى يتم استكمال التعديل الوزاري بنص الدستور، كان يجب أن يؤدي أعضاء الحكومة الجدد القسم أمام رئيس الجمهورية بعد نيل ثقة مجلس نواب الشعب، وهو ما رفضه الرئيس، ما أثار أزمة إجرائية وصراعًا واضحًا بين المؤسسات التونسية، لاسيما البرلمان والرئاسة.


محاولات الإخوان لتشويه الرئيس


وإلى جانب الاغتيال، حاول الإخوان تشويه الرئيس قيس سعيد في الشارع التونسي، ما جعل شهاب رضا المكي، مدير الحملة الرئاسية لقيس سعيد، ينشر خطاب توبيخ لحركة النهضة عبر صفحته الرسمية، بينما سعت الصفحات الإخوانية لنفي التهمة عن قياداتها، بزعم أن القصة مناورات سياسية.


وتوجه رضا المكي لإخوان النهضة قائلاً: "طردكم المسموم لن يزيد الصلابة إلا صلابة، ولن يزيد اليقين إلا يقينًا، وصلتم إلى نقطة اللاعودة في انحداركم إلى الهاوية التي تليق بكم، يا كلاب.. وما أشرف الكلاب أمامكم".


ولم يفلت الرئيس التونسي من حملات التشويه التي يتعرض لها على يد جماعة الإخوان والصفحات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ شنت مواقع وصفحات محسوبة على حركة النهضة موجة تكذيب لخبر محاولة اغتيال وتسميم الرئيس، ووصفت الأمر بأنه مناورة سياسية من قِبل رئاسة الجمهورية، ومحاولة لاستعادة البريق واستعطاف التونسيين.