انتشار غير مسبوق للجماعات الإرهابية يفاقم التهديدات العالمية
انتشار غير مسبوق للجماعات الإرهابية يفاقم التهديدات العالمية

يواجه العالم اليوم تهديدًا إرهابيًا متزايدًا بوتيرة غير مسبوقة، في ظل تمدد الجماعات المتطرفة وتوسع شبكاتها الجغرافية، رغم تراجع الموارد المخصصة لمكافحتها.
هذا ما أكده سيباستيان جوركا، نائب مساعد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والمدير الأول لمكافحة الإرهاب، خلال مؤتمر نظمه مجلس السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن، في 11 فبراير من العام الحالي.
انتشار جغرافي غير مسبوق
بحسب جوركا، فإن الجماعات الإرهابية لم تعد محصورة في بؤر الصراع التقليدية مثل الشرق الأوسط، بل توسعت لتشمل مناطق جديدة لم تكن في السابق معرضة لخطر الإرهاب. وأضاف: "اليوم، نرى انتشارًا غير مسبوق لهذه الجماعات في منطقة الساحل، ووسط وشرق أفريقيا، بالإضافة إلى آسيا الوسطى؛ مما يزيد من تعقيد جهود مكافحتها".
وضرب جوركا مثالًا بدول غرب أفريقيا مثل بنين وتوغو، التي كانت حتى وقت قريب بمنأى عن الهجمات الإرهابية، لكنها باتت اليوم تواجه نشاطًا متزايدًا للجماعات المسلحة، مما يهدد سيادتها الوطنية واستقرارها الداخلي.
هذا الانتشار الواسع يعكس تحولًا استراتيجيًا في أساليب التنظيمات الإرهابية، التي أصبحت تعتمد على استغلال الفراغات الأمنية والتوترات السياسية في هذه المناطق لتعزيز نفوذها.
تداعيات الصراعات الإقليمية على المشهد الإرهابي
وفي سياق متصل، أشار جوركا أن بعض الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، مثل "حزب الله"، تعرضت لضغوط متزايدة في السنوات الأخيرة، واستشهد بالحرب التي اندلعت في غزة عقب هجوم "حماس" على إسرائيل في أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص وأسر 250 رهينة؛ مما دفع إسرائيل إلى شن حملة عسكرية واسعة النطاق أسفرت عن سقوط أكثر من 48,200 فلسطيني، وفقًا للسلطات الصحية في غزة.
وأضاف جوركا: "نتيجة لهذا التصعيد، تعرضت جماعات مثل حماس وحزب الله لضربات قوية، ما أضعف قدراتها بشكل جذري"، لكنه حذر في الوقت ذاته من أن هذه الجماعات قد تلجأ إلى استراتيجيات جديدة لتعويض خسائرها، سواء عبر تجنيد المزيد من الأفراد أو تعزيز تعاونها مع جماعات إرهابية أخرى.
إيران واستمرار الدعم للجماعات المتطرفة
على الرغم من هذه الضغوط، يرى جوركا أن إيران ما تزال تمثل التهديد الأكبر بوصفها الداعم الرئيسي للجماعات الإرهابية في المنطقة، وقال: "إن انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، إلى جانب الضغوط المتزايدة على الميليشيات التابعة لإيران، يمثلان ضربة قاسية لأكبر راع دولي للإرهاب".
لكنه أشار، أن طهران ما تزال تمتلك شبكات نفوذ واسعة يمكن أن تستخدمها في زعزعة الاستقرار الإقليمي، سواء من خلال وكلائها المسلحين أو عبر تمويل جماعات إرهابية جديدة في مناطق مختلفة من العالم.
ورغم تزايد المخاطر، أشار جوركا أن الموارد المخصصة لمكافحة الإرهاب تشهد تراجعًا ملحوظًا، مما يزيد من صعوبة مواجهة التهديدات المتصاعدة.
وأوضح، أن العديد من الدول أصبحت أقل استعدادًا للانخراط في عمليات مكافحة الإرهاب بسبب الأعباء الاقتصادية والتحديات السياسية التي تواجهها.
وأضاف: "مواجهة هذه التهديدات تحتاج إلى استراتيجية متكاملة تشمل تعاونًا دوليًا أوسع، بالإضافة إلى تعزيز القدرات الاستخباراتية والعسكرية للدول المتضررة".
ويشير الخبراء، أن العالم يواجه اليوم مرحلة جديدة من التهديدات الإرهابية، حيث لم تعد هذه الجماعات مقتصرة على مناطق الصراع التقليدية، بل باتت تنتشر في بقاع جديدة، مما يجعل مكافحتها أكثر تعقيدًا.
ومع تراجع الموارد المخصصة لمحاربتها، تبرز الحاجة إلى تبني استراتيجيات أكثر كفاءة وتعاون دولي موسع، لضمان عدم تحول هذه الجماعات إلى تهديد أكثر خطورة في المستقبل.
وقد أكد المحلل السياسي في شؤون الجماعات الإرهابية، مصطفي حمزة، أن تمدد هذه الجماعات ليس مفاجئًا، بل هو انعكاس مباشر للتغيرات الجيوسياسية والتراجع الملحوظ في جهود مكافحة الإرهاب، التنظيمات الإرهابية أصبحت أكثر تكيفًا مع التحولات السياسية والعسكرية، حيث تستغل النزاعات الإقليمية والفراغات الأمنية للتوسع.
ويضيف حمزة - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن هذه الجماعات تتجاوز حدودها التقليدية، وهو ما يفسر انتشارها الملحوظ في أفريقيا وآسيا الوسطى، كذلك ضعف التنسيق الدولي في مكافحة الإرهاب يؤدي إلى تفاقم الأزمة.