تصعيد محتمل في لبنان.. هل تقود خسائر إسرائيل إلى غزو أوسع
تصعيد محتمل في لبنان.. هل تقود خسائر إسرائيل إلى غزو أوسع
تشهد الساحة الإسرائيلية تساؤلات متزايدة حول ما إذا كانت خسائر الجيش الإسرائيلي في لبنان، بما في ذلك مقتل 8 جنود وإصابة العشرات في اليوم السابق، بالإضافة إلى الخسائر الضخمة التي أشار إليها الإعلام الإسرائيلي اليوم - الخميس - ستدفع البلاد إلى اتخاذ خطوات عسكرية أوسع ضد حزب الله، ورغم تصريحات الجيش التي تؤكد أن العمليات في لبنان ما تزال "محدودة ومستهدفة"، يشير عدد كبير من الدبابات والجنود المتواجدين في الشمال إلى احتمال تحول العمليات إلى غزو أوسع، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست".
*الضغوط الداخلية والخارجية على نتنياهو*
في الوقت الذي يدرس فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خياراته المقبلة، يجد نفسه أمام ضغوط متزايدة من اليمين المتطرف الإسرائيلي الذي يدعو إلى اتخاذ خطوات أكثر حدة، بما في ذلك إنشاء "منطقة عازلة" داخل لبنان. ويعكس هذا الضغط الداخلي مطالب بعض القوى السياسية بضرورة اتخاذ إجراءات عسكرية قاسية ضد حزب الله.
وعلى الجانب الآخر، تتزايد الضغوط الدولية، وخاصة من الولايات المتحدة وحلفائها، لمنع إسرائيل من الدخول في حرب واسعة النطاق في لبنان، وذلك بسبب المخاوف من انتشار الصراع في المنطقة وتفاقم الأزمات الإنسانية.
*التحرك العسكري: بين الغزو والتصعيد المحدود*
ورغم نفي إسرائيل نيتها شن غزو شامل، إلا أن الجيش أصدر أوامر بإجلاء سكان 30 قرية جنوب لبنان إلى الشمال، على بعد 30 ميلاً من الحدود. كما أن انضمام وحدات المشاة والمدرعات إلى القتال يشير إلى استعداد الجيش الإسرائيلي لتوسيع نطاق العمليات البرية.
ويرى مايكل هورويتز، رئيس الاستخبارات في شركة استشارية للمخاطر، أن إسرائيل لا ترغب في الانخراط في عملية طويلة الأمد قد تعزز قوة حزب الله.
ومع ذلك، يظل احتمال توسع القتال قائماً، خاصة في ظل سابقة تاريخية تمثلت في توسع العمليات الإسرائيلية في لبنان خلال غزو 1978، عندما قرر الجيش التقدم إلى نهر الليطاني بعد ثلاثة أيام من بدء الهجوم، وانسحب من المنطقة بعد 22 عاماً.
*الدعوات لإنشاء منطقة عازلة*
تتزايد الدعوات لإنشاء "منطقة عازلة" داخل الحدود اللبنانية من أطراف اليمين المتطرف في إسرائيل، حيث دعا وزير الشتات اليميني المتطرف، عميخاي شيكلي، إلى إنشاء منطقة خالية من السكان اللبنانيين، باعتبارها "أمراً ضرورياً لأمن إسرائيل".
كما هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بالانسحاب من الحكومة في حال وافق نتنياهو على وقف إطلاق النار في لبنان، وهو تهديد يتماشى مع موقفه الصارم ضد أي تفاوض مع حماس.
ومع ذلك، تبقى فكرة إنشاء المنطقة العازلة موضع جدل في إسرائيل، فبينما يرى بعض المسؤولين، أن هذه الخطوة قد تضع القوات الإسرائيلية في مواجهة مباشرة وطويلة الأمد مع حزب الله، يعتقد إفرايم سنيه، وزير الدفاع السابق وقائد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان في الثمانينيات، أن إسرائيل يمكن أن تفرض منطقة آمنة عبر سياسة عسكرية صارمة، ويرى سنيه أن وجود قوة لبنانية أو دولية فعالة في المنطقة قد يساعد في منع حزب الله من استعادة قدراته العسكرية.
*نتائج عكسية*
من جانبه، يقول اللواء محمد عبد الأحد، الخبير الاستراتيجي، إن إسرائيل تواجه معضلة معقدة في التعامل مع حزب الله في لبنان.
على الرغم من أنها تسعى للرد على الخسائر الأخيرة، فإن أي تحرك عسكري واسع النطاق قد يؤدي إلى نتائج عكسية على المدى الطويل.
ويضيف الخبير الاستراتيجي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن إسرائيل تدرك أن توسع العمليات قد يعرّض قواتها لاستنزاف طويل، في وقتٍ تتزايد فيه الضغوط الداخلية والخارجية عليها.
وأضاف: علي أن السياسة الإسرائيلية قد تتجه نحو "التصعيد المحدود" لتجنب انهيار علاقاتها الدولية، خاصة مع الولايات المتحدة، التي تراقب تطورات الأوضاع عن كثب.
ويؤكد عبدالواحد، أن هناك احتمالية كبيرة أن تسعى إسرائيل لتحقيق "نصر رمزي" في لبنان دون التورط في حرب استنزاف مماثلة لما حدث في عام 2006.
وأضاف: أن الحكومة الإسرائيلية قد تجد نفسها مضطرة للاستجابة للضغوط الشعبية والسياسية الداخلية، خاصة من اليمين المتطرف، الذي يدعو إلى إجراءات عسكرية أكثر حدة، مثل إنشاء منطقة عازلة داخل لبنان.
ورغم ذلك، يحذر علي من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى عواقب غير محسوبة، حيث ستضع إسرائيل في مواجهة مباشرة طويلة الأمد مع حزب الله، ما قد يزيد من تدهور الوضع الإنساني في المنطقة ويعقّد الجهود الدبلوماسية الرامية للتهدئة.