محلل دولي: انتهاء الحرب الإسرائيلية الإيرانية بعد 12 يومًا لا يعني نهاية الصراع
محلل دولي: انتهاء الحرب الإسرائيلية الإيرانية بعد 12 يومًا لا يعني نهاية الصراع

مع تراجع حدة الصراع العسكري المباشر بين إيران وإسرائيل خلال الساعات الأخيرة، بعد موجة من التصعيد غير المسبوق، تتجه الأنظار الآن إلى ما هو قادم: ماذا بعد هذه الجولة؟ وهل انتهى حلم إيران النووي، أم أن طهران ستستغل هذا الهدوء النسبي لإعادة ترتيب أوراقها؟
التبريد العسكري لا يعني نهاية الحرب
ورغم أن التصعيد شهد ضربات صاروخية متبادلة واستهدافات لمواقع حساسة، فإن حالة "الهدوء الحذر" التي تسود الآن ليست بالضرورة إعلانًا عن نهاية المعركة بقدر ما هي وقفة تكتيكية من الطرفين.
فإسرائيل، التي استهدفت البنية التحتية للمشروع النووي الإيراني أكثر من مرة، تدرك أن طهران ما تزال متمسكة بمشروعها الاستراتيجي.
المشروع النووي.. غاية لا تُنسى
يرى محللون، أن الحلم النووي الإيراني لم ينتهِ، بل إن ما حدث ربما يدفع طهران إلى تسريع خطواتها في الخفاء، خصوصًا مع دعم داخلي متزايد لتحدي الضغوط الغربية.
ويشير تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران ما تزال تمتلك مخزونات من اليورانيوم المخصب بنسب مرتفعة تتجاوز سقف الاتفاق النووي لعام 2015.
الرهان على الوقت والمفاوضات
من جهة أخرى، يبرز توجه لدى دوائر صنع القرار في طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات، ولكن بشروط مختلفة، مستفيدة من الانقسام الغربي في التعامل مع الملف النووي، والانشغال الأمريكي في الانتخابات المقبلة.
ويعتقد مراقبون، أن إيران ستراهن على الوقت لكسب أوراق تفاوضية أكبر، دون التخلي عن برنامجها النووي كأداة استراتيجية لبقائها الإقليمي والدولي.
إسرائيل.. لا هدنة دائمة
في المقابل، لا يبدو أن إسرائيل مستعدة لتقبل عودة طهران إلى الساحة النووية. تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم وزير الدفاع، تؤكد أن أي دلالات على إعادة إحياء المشروع النووي ستقابل بضربات استباقية ويأتي ذلك وسط دعم أمريكي مشروط، وتحذيرات أوروبية من خروج الأوضاع عن السيطرة مجددًا.
المستقبل.. صراع تحت الرماد؟
المرحلة المقبلة مرشحة لأن تكون صراعًا "غير مرئي" في الغالب، يعتمد على العمليات السيبرانية، والاغتيالات الدقيقة، والحروب بالوكالة. فإيران ستواصل دعم حلفائها في المنطقة، من حزب الله إلى الحوثيين، فيما تسعى إسرائيل إلى تعزيز شبكة تحالفاتها الإقليمية لاحتواء طهران.
ورغم انتهاء جولة التصعيد الحالية، فإن حلم طهران النووي لم ينته، بل تحول إلى مسار أكثر حذرًا ودهاءً. أما إسرائيل، فستبقى على أهبة الاستعداد لنسف أي تطور نووي إيراني.
وبين هذا وذاك، يظل الشرق الأوسط على صفيح ساخن، ينتظر شرارة جديدة قد تعيد إشعال فتيل المواجهة.
وقال الدكتور أسامة الكردي، المحلل في الشؤون الدولية: إن انتهاء الجولة الأخيرة من الحرب بين إسرائيل وإيران بعد 12 يومًا من التصعيد العسكري المكثف، لا يعني بالضرورة نهاية الصراع بين الطرفين، بل يشير إلى انتقاله لمرحلة أكثر تعقيدًا وخطورة، تعتمد على الأدوات غير التقليدية والضربات غير المعلنة.
وأضاف الكردي -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن الطرفين وصلا إلى نقطة "التوازن الردعي المؤقت"، حيث أدرك كل طرف حدود الردع والرد، بعد تبادل الضربات الجوية والصاروخية التي استهدفت منشآت عسكرية وبنية تحتية للطرف الآخر، دون أن تصل الأمور إلى حرب شاملة.
وأشار أن توقف العمليات القتالية لا يعكس توافقًا سياسيًا، بل هو نتيجة ضغوط دولية، وتقديرات داخلية لكل طرف بأهمية التهدئة في هذه المرحلة، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الأمريكية وانشغال المجتمع الدولي بأزمات متعددة.
وأوضح الكردي، أن طهران، رغم الخسائر التي تكبدتها في بنيتها العسكرية، لن تتخلى عن مشروعها النووي، بل قد تتجه إلى تسريع خطواته بهدوء، خاصة في ظل عدم وجود اتفاق نووي فاعل وغياب آلية رقابية صارمة، مضيفًا أن الحلم النووي الإيراني يمثل ركيزة استراتيجية للنظام، ولن تتم مقايضته بسهولة.
وحذر الكردي من أن المرحلة المقبلة قد تشهد تصاعدًا في "حرب الظل" بين الجانبين، من خلال العمليات السيبرانية والاغتيالات والاستخبارات، وكذلك عبر وكلاء إيران في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، مؤكدًا أن الجبهة ستظل مفتوحة لكن بأساليب أقل صخبًا وأكثر دقة.
واختتم الكردي بقوله: "الهدوء الراهن لا يعني السلام، بل هو بداية لجولة جديدة من الصراع غير المباشر، وربما الأشد تعقيدًا في تاريخ المواجهة بين إسرائيل وإيران".