السيناريوهات المحتملة لإدارة غزة بعد الحرب: السلطة أم حماس.. خبراء يجيبون

السيناريوهات المحتملة لإدارة غزة بعد الحرب: السلطة أم حماس.. خبراء يجيبون

السيناريوهات المحتملة لإدارة غزة بعد الحرب: السلطة أم حماس.. خبراء يجيبون
حرب غزة

مع استمرار الحرب في قطاع غزة، تزداد التساؤلات حول من سيحكم القطاع بعد توقف العمليات العسكرية، خاصة في ظل غياب خطة واضحة لإدارة المنطقة بعد الحرب، الأطراف الدولية والإقليمية تختلف بشأن مستقبل غزة، وهناك تباين في الرؤى حول كيفية إدارة القطاع، خصوصًا في ظل ضعف إمكانية أن تواصل حركة حماس حكمها منفردة، وتصر إسرائيل وحلفاؤها على رفض أي دور لحماس في إدارة غزة بعد الحرب، بينما تؤكد حماس والفصائل الفلسطينية أن القرار بشأن اليوم التالي للحرب يجب أن يكون فلسطينيًا خالصًا بعيدًا عن أي تدخل خارجي.

تشير التقديرات إلى أن هناك أربعة جهات سياسية رئيسية قد تتصدر الساحة لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، وهي السلطة الفلسطينية، حركة حماس، هيئة فلسطينية مشتركة، أو هيئة دولية إقليمية لإدارة القطاع.

* السلطة الفلسطينية*

على الرغم من أن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية تعدان الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني على الساحة الدولية، إلا أن عودة السلطة لإدارة قطاع غزة تبدو صعبة في ظل التحديات الحالية، خاصة أن مراقبين يؤكدون أن عودة السلطة لإدارة القطاع بعد الحرب أمر شديد الصعوبة في ظل المعطيات المحلية والإقليمية"، خاصة أن السلطة الفلسطينية تواجه رفضًا جماهيريًا في عدة مناطق سواء في الضفة الغربية أو غزة.

وقال د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية: إن أحد العوامل الرئيسية التي تعوق عودة السلطة لغزة هو القرار الإسرائيلي الذي يرفض هذا السيناريو بشكل قاطع، حيث تخشى إسرائيل أن تعزز عودة السلطة مطالب الفلسطينيين بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وفق قرارات الشرعية الدولية، هذا التصور قد يعيد فتح باب المفاوضات الدولية حول الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وهو ما لا ترغب فيه الحكومة الإسرائيلية.

وأضاف فهمي - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، رغم أن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير تُعتبران الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، فإن عودتهما لإدارة قطاع غزة تبدو معقدة، الانقسام الفلسطيني الذي بدأ منذ عام 2007 وما يزال يشكل عقبة كبيرة، كما يشير فهمي إلى أن العودة ستتطلب دعمًا دوليًا واسعًا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وهو ما يبدو بعيد المنال نظرًا للانتقادات الموجهة للسلطة دوليًا وإقليميًا.

*حكم "حماس"*

سيناريو آخر يتمثل في بقاء حركة حماس كحاكم للقطاع، لكنه يتطلب اتفاقات غير مسبوقة مع إسرائيل. هذا الخيار، وفقًا لفهمي، "لن يكون مقبولاً لدى إسرائيل أو المجتمع الدولي إلا بشرط وجود ضمانات لتحقيق الاستقرار طويل الأمد". كما يرى أن استمرار حكم حماس بشكل منفرد سيمثل فشلًا في تحقيق أهداف إسرائيل، وسيكون له تأثير سلبي على حكومة بنيامين نتنياهو التي تعمل على منع استعادة الحركة لقوتها العسكرية والسياسية.

بالإضافة إلى ذلك، يتطلب استمرار حكم حماس اتفاقًا إقليميًا دوليًا، يشمل ضمانات بعدم تكرار هجوم مثل الذي وقع في السابع من أكتوبر الماضي.

و يرى فهمي، أن "استمرار حكم حماس سيعني فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها من الحرب، وسيعتبر هزيمة لحكومة بنيامين نتنياهو". ومن الواضح أن نتنياهو سيسعى جاهدًا لمنع عودة حماس إلى الحكم بكل قوتها العسكرية والسياسية في غزة، حيث تعتبر هذه العودة بمثابة ضربة كبيرة لأهداف إسرائيل الاستراتيجية.

*هيئة فلسطينية مشتركة*

أحد الحلول المحتملة هو تشكيل هيئة فلسطينية مشتركة من مختلف الفصائل، تعمل في إطار منظمة التحرير لإدارة غزة. يُعد هذا الحل أكثر واقعية ولكنه مرهون بالتزام الفصائل الفلسطينية بأي اتفاق يتم التوصل إليه.

 المحلل السياسي المصري يسري عبيد يشير أن "هذا الخيار يحتاج إلى جهود كبيرة وحوار داخلي مكثف"، مضيفًا أن المصالح الحزبية قد تقف عائقًا أمام هذا الحل. يرى عبيد أن تشكيل هيئة كهذه يمكن أن يكون خطوة نحو حل شامل ينهي الانقسام الفلسطيني ويمهد الطريق للمطالبة بتطبيق حل الدولتين.

وأضاف عبيد - في تصريحاته لـ"العرب مباشر"-، أن "تشكيل هيئة مشتركة يحتاج إلى مباحثات داخلية مكثفة بين الفصائل الفلسطينية، لكن هذا الخيار قد يصطدم بالشروط والمصالح الحزبية". 

وأوضح أن الفصائل الفلسطينية بحاجة إلى عمل جاد لتجاوز الخلافات الداخلية وإنهاء الانقسام السياسي الذي يؤثر على وحدة الموقف الفلسطيني.

ويرى عبيد أن تشكيل هيئة فلسطينية مشتركة قد يُمكّن الفلسطينيين من المطالبة بحل الدولتين وإجبار إسرائيل على تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية. ومع ذلك، يبقى هذا الحل مرهونًا بقدرة الفصائل الفلسطينية على تحييد المصالح الحزبية والتدخلات الخارجية، خاصة تلك التي تأتي من حلفاء حركة حماس، والتي تعرقل أي اتفاق فلسطيني داخلي.

*هيئة إقليمية دولية*

 

الخيار الرابع المطروح هو تشكيل هيئة إقليمية دولية لإدارة غزة بعد الحرب. قد يتطلب هذا السيناريو اتفاقًا مع الفلسطينيين، إلا أن معظم الفصائل الفلسطينية ترفض هذا الحل، لأنه يمثل تدخلًا خارجيًا في الشأن الفلسطيني الداخلي.

ويتضمن تشكيل هيئة دولية أو إقليمية لإدارة غزة، ولكنه لا يبدو واقعيًا نظرًا للرفض الفلسطيني المتوقع.

يرى عبيد أن هذا السيناريو سيواجه معارضة كبيرة من الفصائل الفلسطينية، حيث إن أي تدخل دولي سيعتبر انتهاكًا للسيادة الفلسطينية، يشدد على أن الحل الأمثل هو تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وتنظيم انتخابات شاملة، موضحًا أن وجود هيئة فلسطينية موحدة يمكن أن يسهم في حل الكثير من الأزمات العالقة مثل إعادة الإعمار وتوفير المساعدات.

وأشار عبيد إلى أن تشكيل هيئة فلسطينية موحدة تخاطب المجتمع الدولي قد يسهم في حل العديد من الملفات العالقة، مثل إعادة إعمار غزة وتقديم المساعدات العاجلة للسكان المدنيين المتضررين من الحرب.