فوضى ما بعد الأسد.. هل تواجه سوريا خطر التقسيم؟.. خبراء يجيبون
فوضى ما بعد الأسد.. هل تواجه سوريا خطر التقسيم؟.. خبراء يجيبون
بين ترحيب المجتمع الدولي بسقوط نظام الأسد والتوجس من مرحلة ما بعده، يقف السوريون على حافة مرحلة قد تكون أكثر تعقيدًا وخطورة، فما بين تهديدات التفكك الداخلي وصراعات القوى الإقليمية والدولية للسيطرة على سوريا، بات مستقبل البلاد محفوفًا بالمخاطر، ورغم الترحيب الواسع بنهاية حكم استمر لسنوات طويلة، إلا إن حالة الفوضى وغياب المؤسسات المنظمة، تجعل الخوف من الانقسامات والتقسيم خطرًا محدقًا يهدد وحدة الأراضي السورية، الجيش، الذي كان رمزًا للسيادة، أصبح نقطة خلاف؛ إذ تدور حوله دعوات التفكيك أو التبديل، وسط مطالب بإعادة تأسيس مؤسسات الدولة بشكل يُحقق الأمن والاستقرار، وفي هذا المشهد الضبابي، تتشابك مصالح دول الجوار مع الأطماع الدولية، ليبقى السؤال: هل تستطيع سوريا النهوض دون أن تتحول إلى ساحة نفوذ إقليمي ودولي؟
القلق من الفوضى الداخلية
ترحب قطاعات واسعة من السوريين والعالم بسقوط نظام بشار الأسد، لكن المخاوف حول مستقبل البلاد تزداد تعقيدًا مع غياب رؤية واضحة لإدارة المرحلة الانتقالية.
الوضع المتأزم في الداخل، بالتوازي مع أطماع خارجية وصراعات سياسية، يزيد من تعقيد الأوضاع ويهدد بتمزيق البلاد.
من جانبه، يقول د. محمد المنجي، أستاذ الأقتصاد والعلوم السياسية: إن أبرز المخاطر تتمثل في الفوضى الأمنية التي خلفها النظام قبل سقوطه، مضيفًا أن هروب القيادات وترك الأسلحة في أيدي المواطنين، سواء الموالين أو المعارضين، أدى إلى انفلات أمني يهدد حياة المدنيين.
وشدد المنجي في تصريحات لـ"العرب مباشر"، على أهمية تنظيم المؤسسات الأمنية والعسكرية الذي أصبح ضرورة قصوى لضمان استقرار سوريا ومنع الانزلاق إلى حرب أهلية جديدة.
الجيش السوري.. أزمة التفكيك وإعادة التشكيل
الجيش السوري، الذي يُنظر إليه كرمز وطني، أصبح اليوم موضع جدل كبير. يُحذر د. طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية، من خطورة الدعوات التي تنادي بتفكيك الجيش أو استبداله بكيانات مسلحة أخرى.
وأضاف فهمي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن مثل هذه الخطوات من شأنها أن تفتح الباب أمام صراعات أهلية، بل وقد تُسرّع عمليات التقسيم على أساس عرقي أو طائفي.
وشدد فهمي على أن الجيش هو ملك للسوريين جميعًا، حيث تأسس بمقدرات الدولة وأموال الشعب. وأي محاولة للتلاعب بمستقبله ستكون تمهيدًا لضياع سوريا ككيان موحد، مؤكدًا أن إعادة تنظيم الجيش ودمجه ضمن إطار وطني هو الحل الأمثل للحفاظ على الأمن الداخلي.
صراعات النفوذ الإقليمي والدولي
من جهة أخرى، تدور معارك النفوذ بين قوى إقليمية ودولية على الأراضي السورية، دول إقليمية تسعى إلى بسط هيمنتها لجعل سوريا امتدادًا لنفوذها الاستراتيجي، فيما تتلاعب قوى دولية ببعض المكونات الداخلية لتغذية الانقسامات وتحقيق مخطط التقسيم.
يقول فهمي، أستاذ العلوم السياسية: إن هذا الصراع، إذا تُرك دون ضوابط، لن يقتصر على سوريا فحسب، بل ستكون له ارتدادات خطيرة على المنطقة العربية بأكملها، مما يجعل من الضروري تدخل محيط سوريا العربي لدعمها وتثبيت أركان الدولة الجديدة.
العقوبات والاقتصاد المترنح
الاقتصاد السوري الذي أرهقته سنوات الحرب والعقوبات الدولية يواجه اليوم تحديًا جديدًا، وهو من جهته حذر د. محمد المنجي، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، من استمرار العقوبات التي فرضت على النظام السابق لا تزال ترخي بظلالها على الدولة.
وأضاف المنجي، أن المرحلة المقبلة تتطلب رفع تلك العقوبات تدريجيًا ضمن إطار دولي داعم، بهدف إعادة بناء الاقتصاد واستعادة الخدمات الأساسية للسوريين.
النبرة الانتقامية
في سياق آخر، حذر د. طارق فهمي، من تنامي النبرة الانتقامية تجاه مجموعات معينة، خاصة الأقليات، التي يُصوّر صمتها خلال حكم الأسد على أنه تعاون مع النظام، هذه النبرة الانتقامية قد تُعمّق الانقسامات وتؤدي إلى انفجار داخلي يصعب السيطرة عليه.
وأكد فهمي، أن المحاسبة يجب أن تكون وفق القانون وبعيدًا عن الثأر والانتقام، حتى تتمكن سوريا من بناء دولة حديثة قائمة على العدالة والمساواة.
وأكد أستاذ العلوم السياسية، أن التحدي الأكبر أمام سوريا هو صياغة دستور عادل يضمن حقوق جميع المكونات.
يرى د. فهمي، أن الحاجة باتت مُلحة لعقد مؤتمر وطني شامل يُشارك فيه جميع الأطراف السورية دون إقصاء، بهدف وضع خارطة طريق واضحة للمستقبل.
الحكومة المقبلة، سواء كانت حكومة انتقالية أو حكومة وحدة وطنية، يجب أن تُلبي تطلعات الشعب السوري وتضمن إعادة هيكلة مؤسسات الدولة على أسس مدنية وديمقراطية.