صراع السلطة يتصاعد: محاولة انقلابية فاشلة في كينشاسا والجيش يسيطر
محاولة انقلابية فاشلة في كينشاسا والجيش يسيطر
في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد، استيقظت العاصمة الكونغولية كينشاسا على أصداء الرصاص وأضواء الطوارئ التي تخترق الظلام، في تطور مثير، أعلن الجيش الكونغولي عن إحباط محاولة انقلابية، في حادثة تعكس التوترات السياسية المتصاعدة وتلقي بظلالها على الاستقرار الهش في البلاد.
*إحباط الإنقلاب*
أعلنت القوات المسلحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية عن إحباطها لمحاولة انقلابية في الساعات الأولى من صباح الأحد، في تصعيد خطير يشير إلى عمق الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.
الحادثة، التي شهدت تبادلًا لإطلاق النار في أحد الأحياء الراقية بالعاصمة كينشاسا، أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص واعتقال عدد من الجناة، بما في ذلك أجانب.
الجنرال سيلفان إيكينغ، المتحدث باسم الجيش الكونغولي، أكد في مؤتمر صحفي، أن الوضع تحت السيطرة وأن محاولة الانقلاب قد تم إجهاضها في مهدها، ومع ذلك، لم يقدم تفاصيل إضافية حول الحادثة أو الدوافع وراءها.
*قرب القصر الرئاسي*
الاشتباكات التي وقعت في شارع تشاتشي، والتي تبعد مسافة قصيرة عن القصر الرئاسي وعدد من السفارات، تأتي في خضم أزمة سياسية تشهدها البلاد، حيث يواجه الحزب الحاكم، بقيادة الرئيس فيليكس تشيسيكيدي، تحديات بشأن انتخابات قيادة البرلمان التي تم تأجيلها مؤخرًا.
ميشيل موتو موهيما، المتحدث الرسمي، أشار عبر منصة التواصل الاجتماعي إكس إلى أن المسلحين استهدفوا مقر إقامة فيتال كاميرهي، الشخصية السياسية البارزة ونائب رئيس الوزراء السابق للاقتصاد. وأكد أن كاميرهي وعائلته بخير وأن الأمن قد تم تعزيزه حولهم.
*من المهاجمين؟*
وفقًا لتقارير وسائل الإعلام المحلية، يُعتقد أن المهاجمين هم جنود من الجيش الكونغولي، مما يطرح تساؤلات حول إمكانية وجود انقسامات داخل القوات المسلحة، ولم يتضح بعد ما إذا كان الهدف من الهجوم هو اعتقال كاميرهي أو تنفيذ عملية أكبر.
الحادثة، التي بدأت حوالي الساعة 4:30 صباحًا، أسفرت عن مقتل رجلي شرطة وأحد المهاجمين، وفقًا لموهيما. وتظهر اللقطات المصورة من المنطقة شاحنات عسكرية ورجال مسلحين يتجولون في شوارع الحي الذي كان مهجورًا في تلك الساعات المبكرة.
*مؤشر على عمق الصراعات الداخلية*
من جانبه، يقول محمد عزت الباحث والخبير في الشئون الأفريقية، في ظل الأحداث الأخيرة التي شهدتها جمهورية الكونغو الديمقراطية، يبرز سؤال جوهري حول مستقبل الاستقرار في هذا البلد الإفريقي الغني بموارده والمعقد في تركيبته السياسية والاجتماعية، مؤكدًا أن إحباط محاولة الانقلاب ليس مجرد حادثة عابرة، بل هو مؤشر على عمق الصراعات الداخلية والتحديات التي تواجه النظام السياسي في الكونغو.
وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن التوترات السياسية ليست بالجديدة على الكونغو الديمقراطية، لكن تصاعدها إلى محاولة انقلاب تُظهر مدى الانقسامات داخل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، مضيفًا أن هذا الانقسام يمكن أن يعكس صراعًا أوسع على السلطة، يتجاوز الإطار العسكري ليشمل الحياة السياسية والمدنية.
وتابع خبير الشؤون الإفريقية، الضروري الآن أكثر من أي وقت مضى أن تتخذ الحكومة الكونغولية خطوات جادة نحو الإصلاح السياسي وتعزيز الديمقراطية، موضحًا ضرورة أن يكون هناك حوار وطني شامل يضم جميع الأطراف السياسية والاجتماعية للتوصل إلى توافق حول مستقبل البلادـ كما يجب أن تكون هناك جهود متضافرة لإعادة بناء الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وهو أمر حيوي لضمان الاستقرار والأمن.
المجتمع الدولي، بدوره، يجب أن يلعب دورًا داعمًا ولكن بحذر، مع التركيز على الحوار والحلول السلمية. يجب تجنب التدخلات التي قد تزيد من تعقيد الوضع أو تعطي الانطباع بالانحياز لطرف على حساب آخر.
واختتم عزت، تعد محاولة الانقلاب هذه بمثابة جرس إنذار للنظام السياسي في الكونغو الديمقراطية، مما يستدعي تحركًا سريعًا وحاسمًا لتعزيز الوحدة الوطنية وإعادة بناء الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.