سيناريوهات ما بعد نصر الله.. إيران بين خيار الانتقام واستراتيجية البقاء
سيناريوهات ما بعد نصر الله.. إيران بين خيار الانتقام واستراتيجية البقاء
في ظل تزايد التوترات بين إيران وإسرائيل، تبرز التساؤلات حول ردود الفعل الإيرانية عقب مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، الذي يمثل ضربة قاسية لطهران وللجماعة المسلحة.
يُنظر إلى الوضع الحالي على أنه يفتح الأبواب أمام سيناريوهين محتملين: إما انتقام عسكري يتسم بالتصعيد، أو اعتماد صبر استراتيجي يهدف إلى إعادة بناء القدرة العسكرية والحفاظ على شبكات الوكلاء.
*التصعيد بعد القصف*
قبل عدة أشهر، عندما تعرضت القنصلية الإيرانية في سوريا للقصف من قبل القوات الإسرائيلية، تعهدت إيران بالانتقام، ونفذت هجومًا صاروخيًا، ومع ذلك، لم تُفض هذه الخطوة إلى اندلاع حرب شاملة، مما يثير الشكوك حول استعداد طهران للدخول في صراع موسع مع إسرائيل.
الأحداث اللاحقة، مثل مقتل قائد عسكري بارز في حزب الله واغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران بما يحمله من إهانة واضحة للسيادة الإيرانية، تلك الأحداث تعكس الضغوط متزايدة على المحور الإيراني في المنطقة، الذي يعاني من ضعف نتيجة الأحداث المتلاحقة.
من جانبهم يرى مراقبون، أن في أعقاب مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله، تشير التقديرات إلى أن إيران ستركز جهودها على إعادة بناء حزب الله وتعزيز شبكة وكلائها في المنطقة، فالتراجع المستمر في قدرة الحزب على مواجهة التهديدات، إلى جانب ضغوطٍ اقتصادية وسياسية تعاني منها إيران نفسها، يجعل السيناريو الأول—الانتقام المباشر—أقل احتمالًا.
*استراتيجية البقاء*
تشير تقارير عدة إلى أن إيران تتبنى حاليًا نهجًا من ضبط النفس، مدفوعةً بتقييمها للموقف العسكري الإسرائيلي وتواجد القوات الأمريكية في المنطقة، يظهر ذلك في تصريحات المسؤولين الإيرانيين، مثل محمد جواد ظريف، الذي أكد على أن الرد سيأتي في الوقت المناسب وبالطريقة التي تختارها طهران.
تلك التصريحات، بالإضافة إلى الرسائل التي أطلقها المرشد الأعلى علي خامنئي، تعكس رغبة في تجنب الدخول في حرب شاملة تفتقر إلى فرص الفوز، فبينما تطالب الأصوات داخل إيران بالانتقام، تبدو القيادة أكثر وعيًا بخطورة التصعيد في ظل الظروف الحالية.
*إعادة بناء محور المقاومة*
عند النظر إلى الوضع في لبنان، فإن الحفاظ على حزب الله وتعزيز قدراته يُعتبر أولوية قصوى لإيران، وفقًا للمحللين، فإن ردع أي تحركات إسرائيلية مستقبلية يتطلب إعادة بناء استراتيجية الحزب، والتي لن تكون سهلة بعد الضغوط العسكرية الأخيرة.
ومن المتوقع أن تعيد طهران توزيع مواردها العسكرية في العراق وسوريا لتعزيز وجودها بالقرب من الحدود اللبنانية.
من جانبه، أكد المحلل السياسي اللبناني، فادي عاكوم، أن الأولوية بالنسبة لطهران تتمثل في تعزيز موقفها الإقليمي وليس الانتقام المباشر لمقتل نصر الله، هذا النهج يعكس توازنًا دقيقًا بين الاستجابة للتحديات العسكرية والحفاظ على استقرار الوضع الداخلي الذي يعاني من أزمات متشابكة.
وأضاف المحلل السياسي اللبناني في حديثه لـ"العرب مباشر"، التجارب التاريخية في المنطقة، مثل مقتل قاسم سليماني في عام 2020، تُظهر كيف أن إيران يمكن أن تتعرض لضغوط كبيرة دون أن تؤدي هذه الضغوط إلى ردود فعل عسكرية متهورة، مؤكدًا أن قيادة إيران تدرك أن التصعيد قد يؤدي إلى فقدان ما تبقى لها من نفوذ في المنطقة، مما يعزز من موقف القوى الغربية.
وهو ما أكده مراقبون، بأن إيران ليست مهتمة فقط بالانتقام، بل أيضًا بالاستمرار كقوة مؤثرة في المنطقة، لذا، يُتوقع أن تتبنى أساليب جديدة مثل حرب العصابات واستخدام الوكلاء لتعزيز أهدافها، بدلًا من المواجهة المباشرة مع القوى الكبرى.