دفاعات جوية سرية لحماية قيادات الحوثي من الاغتيال الإسرائيلي
دفاعات جوية سرية لحماية قيادات الحوثي من الاغتيال الإسرائيلي

في وقتٍ يتصاعد فيه التوتر الإقليمي بين إسرائيل والحوثيين، تكشف تقارير دولية عن خيوط شبكة تهريب معقدة تمد الجماعة المسلحة في اليمن بأسلحة إيرانية متطورة، وسط اتهامات مباشرة لطهران بتغذية هذا المسار، فقد نجحت قوات حكومية يمنية مؤخرًا في ضبط شحنة وُصفت بأنها الأكبر من نوعها عند مضيق باب المندب، تضمنت صواريخ مضادة للسفن وأخرى دفاعية من طرازات حديثة، هذه التطورات، التي تأتي بالتوازي مع تحذيرات إسرائيلية من تنفيذ عمليات اغتيال تستهدف قيادات حوثية بارزة، دفعت الجماعة إلى تعزيز مواقعها الدفاعية عبر أنظمة جوية جديدة لحماية كبار قادتها.
الدفاع عن القيادات
مصدر مطلع كشف أن الحوثيين ركزوا مؤخرًا على تحصين أماكن تواجد قياداتهم عبر نشر أنظمة دفاع جوي متطورة، في خطوة جاءت بعد تهديدات إسرائيلية معلنة باغتيال بعض الشخصيات البارزة في الجماعة.
وأكد المصدر في حديث لـ"العرب مباشر"، أن الحوثيين باتوا مقتنعين بأن الاختباء أو التحرك السري لم يعد كافيًا، إذ قرروا الانتقال إلى مرحلة جديدة عنوانها حماية المقرات قبل حماية الجبهات.
وتابع المصدر، أن هذا التوجه يطرح تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الحوثيين وطهران، خاصة أن أنظمة الدفاع الجوي الحديثة لا تُهرَّب عادة مثل الأسلحة الخفيفة، بل تحتاج إلى بنية تقنية ودعم لوجستي معقد، ما يعزز فرضية وجود خبراء أو قنوات إمداد غير تقليدية تقف وراء وصولها إلى اليمن.
شبكات تسليح متجددة
من جانبه، أفاد المركز الدولي لأبحاث التسليح خلال النزاعات، ومقره لندن، أن الحوثيين ما زالوا يعتمدون بشكل أساسي على الدعم الخارجي لتوسيع قدراتهم العسكرية، خصوصًا في ظل الضربات الجوية التي أضعفت بعض بنيتهم العسكرية خلال الأشهر الماضية.
التقرير الأخير للمركز أشار، أن الشحنة المضبوطة قرب مضيق باب المندب تضمنت صواريخ أرض–جو (سام)، وأسلحة مضادة للسفن، ومكونات خاصة بالطائرات المسيرة، إلى جانب وحدات ملاحة وبحث متقدمة مطابقة لتلك التي تُصنع في مصانع حكومية إيرانية.
وبحسب المركز، فإن هذه الشحنة تكشف أن الحوثيين لم يعودوا يكتفون بالأسلحة التقليدية أو الوسائل البدائية في تصنيع الطائرات المسيرة، بل أصبحوا يمتلكون منظومات قادرة على تغيير قواعد الاشتباك في البحر الأحمر والبر اليمني على حد سواء. ويؤكد خبراء أن مثل هذه المنظومات تزيد من خطر استهداف السفن التجارية الدولية، وتضاعف التهديدات للممرات المائية الحيوية التي يمر عبرها نحو 12% من تجارة العالم.
البعد الإقليمي
الضبط الأخير للشحنة أعاد إلى الواجهة النقاش الدولي حول التدخل الإيراني في اليمن، ورغم نفي طهران المتكرر لأي دور مباشر، إلا أن تطابق المكونات مع أسلحة وثّقها المركز في مناطق نزاع أخرى (مثل سوريا والعراق) يضع إيران في قلب الاتهامات.
القيادة المركزية الأميركية وصفت العملية بأنها "أكبر ضبط لأسلحة إيرانية متطورة موجهة إلى الحوثيين في التاريخ الحديث"، في إشارة واضحة إلى خطورة حجم التسليح ونوعيته.
بالنسبة لإسرائيل، فإن استمرار الحوثيين في استهداف السفن منذ أكتوبر 2023 يشكل تحديًا مزدوجًا من جهة تهديد لمصالحها ومصالح حلفائها التجاريين، ومن جهة أخرى إثبات على أن الجماعة ما زالت قادرة على إرباك المشهد الأمني رغم الضربات الجوية المتواصلة. هذا ما يجعل أي دعم خارجي للحوثيين ليس مجرد شأن يمني داخلي، بل مسألة تمس توازنات البحر الأحمر والخليج العربي.
معادلة المستقبل
في السياق ذاته، أكد المصدر، أن الحوثيين رغم تعرضهم لضربات موجعة، مستمرون في استراتيجيتهم القائمة على الاعتماد على الدعم الإيراني، سواء عبر تهريب الأسلحة أو تلقي التكنولوجيا اللازمة لتشغيل أنظمة متقدمة، مضيفًا أن هذا الدعم يُبقي الجماعة لاعبًا عسكريًا لا يمكن تجاهله في معادلات البحر الأحمر واليمن، ويضعف في الوقت نفسه فرص التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.
ومع كل شحنة يتم ضبطها، تبرز عشرات التساؤلات عن الشحنات التي لم يُكشف عنها بعد، وعن حجم الترسانة الفعلي في يد الحوثيين، وفي المقابل، يبقى المدنيون اليمنيون هم الحلقة الأضعف، يدفعون ثمن استمرار الصراع، بين ضربات إسرائيلية مدمرة، وهجمات حوثية متواصلة، وتقاعس دولي يراوح مكانه.