جفاف شديد في إيران.. حكومة الملالي تعترف بأزمة إمدادات المياه في فصلَي الربيع والصيف
تعيش إيران أزمة جفاف شديد
تتفاقم أزمة شح المياه في إيران يومًا بعد يوم، حيث حذَّر المركز الوطني لإدارة أزمات المناخ والجفاف في إيران، مؤخرًا، من مشكلة إمدادات المياه في فصلي الربيع والصيف، في ظل حالة الجفاف "الشديدة" في معظم أنحاء إيران.
انهيار احتياطي السدود
وحسبما نقلت وكالة أنباء "إيسنا" الإيرانية، قال رئيس المركز الوطني لإدارة أزمات المناخ والجفاف، أحمد وظيفة: إن موجات الجفاف الشديدة حدثت في بعض المحافظات مثل العاصمة طهران، بسبب انخفاض احتياطي المياه في السدود، وانخفاض بنسبة 35% في هطول الأمطار مقارنة بالمعدل هذا العام.
وأشار وظيفة، في معرض حديثه إلى تورط البلاد في أنواع مختلفة من الجفاف، ومنها: الأرصاد الجوية والزراعية، والهيدرولوجية، والاقتصادية والاجتماعية، موضحًا أنه من بين أنواع الجفاف يظهر نوع الأرصاد الجوي في وقت أبكر من الحالات الأخرى.
وقال رئيس المركز الوطني لإدارة أزمات المناخ والجفاف: إن من بين 31 محافظة، شهدت أكثر من 21 محافظة هطولًا أقل من المعتاد ودرجات متفاوتة من الجفاف.
سُوء إدارة
ووفقًا لصحيفة "إيران إنترناشيونال"، فقد حذر مسؤولون إيرانيون من الجفاف، وذلك في معرض إعلانهم عن انخفاض في هطول الأمطار العام الماضي 2021م، واستمرار الوضع هذا العام.
وبحسب الصحيفة، كان مصطفى فدايي فرد، عضو اللجنة الوطنية الإيرانية للسدود الكبيرة، قد قال في وقت سابق: إن إيران مرت بأزمة مياه ووصلت إلى "إفلاس مائي"، لافتًا إلى أن جزءًا كبيرًا من الأزمة في إيران يرجع إلى "سُوء الإدارة".
احتجاجات مستمرة
وكان الجفاف وعدم كفاءة إدارة المياه من جانب الحكومة الإيرانية قد أدى إلى احتجاجات واسعة النطاق في أجزاء مختلفة من إيران خلال العام الماضي، بما في ذلك الاحتجاجات الشعبية في خوزستان في يوليو، والاحتجاجات في أصفهان في ديسمبر، والتي قمعتها قوات الأمن بعنف أدانته المنظمات الدولية.
إيران تترقب أعوام الجفاف الشديد
ويبدو أنه لا انفراجة قريبة في الأزمة الإيرانية، ففي إبريل/ نيسان الماضي، حذرت هيئة الأرصاد الجوية الإيرانية من أن البلاد مقبلة على "جفاف غير مسبوق"، مع تأكيد بأن مستويات هطول الأمطار باتت أقل بكثير من معدلاتها المعتادة.
وفي مقاطعة خوزستان المنتجة للنفط، انتفض السكان في الشوارع بسبب نقص المياه، وكانت هناك احتجاجات ضد انقطاع الطاقة الكهربائية في مدن أخرى.
وعلى الرغم من استجابة الحكومة المؤقتة للأزمة بتقديم مساعدات طارئة للمناطق الأشد تضررًا، إلا أنها لم تعد قادرة على الوفاء بتلك الاحتياجات في ظل تفاقم الأزمة.
ووفقا لبيانات موقع وزارة الطاقة الإيرانية على الإنترنت، فإن كمية الأمطار في أحواض الأنهار الرئيسية في إيران بين سبتمبر/ أيلول 2020 ويوليو/ تموز 2021، في معظم الأماكن، كانت أقل بكثير مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
صور الأقمار الصناعية
وعلى الرغم من استماتة الحكومة الإيرانية لإخفاء البيانات الخاصة بالجفاف وشح المياه، إلا أن الباحثين في الولايات المتحدة جمعوا البيانات باستخدام صور الأقمار الصناعية، ووفقًا لمركز الأرصاد الجوية المائية بجامعة كاليفورنيا، فقد أظهرت الصور أن الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 كانت أقل بكثير من متوسط الهطول على مدى أربعين عامًا.
في حين قدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، أن حوالَيْ ثلث حقول القمح في إيران يعتمد على مياه الري، لذلك فإن عدم هطول الأمطار له ثمن باهظ.
قتلى في احتجاجات الجفاف
وفى تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر"، توضح الدكتورة سمية عسلة، الباحثة المتخصصة في الشأن الإيراني، أن خوزستان ومدينة الأحواز العربية كانت أكثر المناطق تأثرًا بأزمة الجفاف التي تضرب إيران، نظرًا لسوء الإدارة من جانب وتحيز الحكومة الشيعية ضدهم من جانب آخر.
وأشارت عسلة إلى أن التظاهرات التي خرجت في مدينة الأحواز، ذات الأغلبية العربية، وهتف فيها السكان: "أنا عطشان"، مضيفة أنه لأول مرة نرى في تظاهرات بسبب المياه مقتل متظاهرين في إيران.
وأضافت أنه حتى في المنطقة التي كانت تحتوي على مياه وفيرة، فإن نهر كارون الحيوي يبدو أنه بدأ بالجفاف، مؤكدة أن إمدادات المياه تتناقص مع مرور الزمن في إيران، التي تواجه احتمالية ظروف أكثر قسوة ناجمة عن تغير المناخ.
وأوضحت الدكتورة سمية عسلة، أن أزمة الجفاف في إيران ستلقي بظلالها على مناحٍ أخرى عديدة، لافتة إلى أنه سيكون للطقس الأكثر حرارة وجفافا تأثير أكبر على توليد الطاقة الكهرومائية، الأمر الذي أدى بالفعل إلى اضطرابات شديدة في التيار الكهربائي هذا الصيف في إيران، وهو ما أدى بدوره إلى خروج احتجاجات ضد انقطاع التيار الكهربائي.
انهيار البحيرات
ونوهت الباحثة المتخصصة في الشأن الإيراني إلى حالة القلق الشديد بشأن جفاف مناطق الأراضي الرطبة والأنهار، لافتة إلى أن بحيرة أورميا، التي كانت ذات يوم واحدة من أكبر بحيرات المياه المالحة في العالم، أصبحت رمزا لكارثة بيئية، بعدما كان منسوب المياه فيها ذات مرة 1930 ميلاً مربعاً، وتقلص إلى 1/10 من هذا الحجم بحلول عام 2015، وزاد الأمر سوءًا بمرور السنوات، ما يعني أن أزمة الجفاف في إيران تتجه إلى الأسوأ.