محلل سياسي سوداني: الاقتصاد لن يتعافى دون إنهاء الحرب وتوحيد مؤسسات الدولة
محلل سياسي سوداني: الاقتصاد لن يتعافى دون إنهاء الحرب وتوحيد مؤسسات الدولة

يشهد السودان واحدة من أكثر مراحله الاقتصادية قسوة منذ اندلاع الصراع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، إذ دخلت البلاد في دوامة من الانهيار الاقتصادي وسط شلل تام في مؤسسات الدولة وتراجع حاد في الإنتاج الزراعي والصناعي.
تؤكد تقارير اقتصادية، أن أكثر من 80% من الأنشطة التجارية والخدمية توقفت في العاصمة الخرطوم ومدن دارفور وكردفان، فيما تحولت مناطق واسعة إلى ساحات نزوح وفقدان للقدرة على العمل والإنتاج.
ووفقًا لتقديرات منظمات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 25 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، في حين يعيش الملايين على حافة المجاعة.
أسعار السلع الأساسية شهدت قفزات غير مسبوقة، حيث تجاوز سعر جوال الدقيق في بعض المناطق مليون جنيه سوداني، فيما فقد الجنيه أكثر من 90% من قيمته أمام الدولار خلال عام واحد.
كما أدى انقطاع سلاسل الإمداد وضعف النقل الداخلي إلى مضاعفة الأزمة، خاصة بعد توقف الموانئ الرئيسية في الشرق وتعطل حركة البضائع عبر الحدود الجنوبية والغربية.
ويحذر مراقبون من أن استمرار الحرب سيجعل من الصعب على السودان استعادة عافيته قريبًا، خاصة مع نزوح رؤوس الأموال وانهيار المنظومة المصرفية، بينما يواصل المواطنون الكفاح اليومي لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم المعيشية.
وأكد المحلل السياسي السوداني الدكتور محمد عبدالله، أن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها السودان حاليًا هي انعكاس مباشر لاستمرار الحرب وتشتت مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن الحديث عن أي إصلاح اقتصادي في ظل الوضع الراهن "يبقى مجرد أمنيات لا يمكن تحقيقها دون استقرار سياسي شامل".
وقال عبدالله -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-: إن توقف عجلة الإنتاج، وانهيار منظومة الخدمات الأساسية، ونزوح ملايين المواطنين من مناطقهم، كلها عوامل أدت إلى شلل الاقتصاد الوطني، مضيفًا أن الحرب عطلت الزراعة في ولايات الجزيرة وكردفان ودارفور، وهي مناطق تمثل العمود الفقري للإنتاج الزراعي في البلاد.
وأشار إلى أن فقدان الدولة السيطرة على الموانئ والمعابر الحدودية، جعل السودان يفقد موارده من الصادرات، بينما تراجع الجنيه السوداني إلى مستويات غير مسبوقة أمام الدولار، وهو ما انعكس مباشرة على أسعار السلع الأساسية التي تجاوزت قدرة المواطن العادي.
وشدد المحلل السياسي على أن أي حديث عن دعم خارجي أو حلول اقتصادية من المجتمع الدولي سيظل بلا جدوى ما لم يتم "وقف الحرب أولاً، وتشكيل سلطة انتقالية موحدة تضع رؤية اقتصادية واضحة"، مؤكدًا أن الأزمة الحالية باتت "أزمة دولة وليس مجرد تدهور اقتصادي".
واختتم عبدالله حديثه بالتأكيد على أن السودان يمتلك مقومات نهوض كبيرة، لكن "الشرط الأساسي لأي تعافٍ اقتصادي هو إنهاء الحرب واستعادة مؤسسات الدولة، لأن غياب الدولة يعني غياب أي إمكانية للإصلاح أو النمو".