إسرائيل تستعد لتصعيد ضد الحوثيين.. هل تشترك واشنطن؟ خبراء يجيبون

إسرائيل تستعد لتصعيد ضد الحوثيين.. هل تشترك واشنطن؟ خبراء يجيبون

إسرائيل تستعد لتصعيد ضد الحوثيين.. هل تشترك واشنطن؟ خبراء يجيبون
ميليشيا الحوثي

في تطور جديد قد يغير خارطة الصراعات في الشرق الأوسط، تتجه إسرائيل نحو تصعيدٍ محتمل مع جماعة الحوثيين في اليمن، هذا التحرك الذي تسعى تل أبيب لجعله ضربة عسكرية "كبرى"، يتم بحث تنفيذه بالتعاون مع دول أخرى، وسط تأكيدات بوجود تنسيق وثيق مع واشنطن، وفقًا لـ"هيئة البث الإسرائيلية"، وعلى الرغم من البُعد الجغرافي الذي يُعقد احتمالات المواجهة، فإن التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واستعدادات المؤسسات العسكرية، تعكس نوايا صريحة لإعادة صياغة قواعد الاشتباك مع الحوثيين، وتوسيع دائرة الردع الإسرائيلي لتشمل الساحة اليمنية. فهل نحن أمام مواجهة جديدة برعاية دولية؟ وما انعكاساتها على معادلة الصراع الإقليمي والدولي؟ 

*خسائر فادحة*


أعلنت ميليشيا الحوثي عن خسائر كبيرة تجاوزت قيمتها 313 مليون دولار، نتيجة غارات إسرائيلية استهدفت موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في ثلاث هجمات منفصلة منذ يوليو الماضي. 

وكشف محمد قحيم، الذي يشغل منصب وزير النقل في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا، عن هذه الخسائر خلال مؤتمر صحفي حضره عدد من القيادات الحوثية وأعضاء بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة "أونمها".

 وتناول المؤتمر تداعيات الغارات الإسرائيلية على الموانئ الثلاثة، والتي تسببت في أضرار جسيمة للبنية التحتية والمعدات الحيوية. 

وأشار بيان المؤتمر إلى استمرار مؤسسة موانئ البحر الأحمر في مواجهة تبعات هذه الغارات، التي دمرت معدات حيوية مثل محطة الكهرباء واللنشات المخصصة لمساعدة السفن؛ مما أثر بشكل كبير على قدرة الموانئ على مواصلة عملها. 

وفي ظل هذه الاعترافات، تتصاعد المخاوف بشأن التداعيات الإنسانية الخطيرة لتدمير الموانئ، حيث تمثل شريان حياة حيويًا لإمدادات الغذاء، الوقود، والدواء للملايين من اليمنيين، تأتي هذه الأضرار في وقت يعاني فيه اليمن من أزمة إنسانية متفاقمة، مما يزيد من خطورة الوضع الحالي ويهدد بتعميق الكارثة الإنسانية في البلاد.

*محاولات لتوسيع دائرة الردع*


تسعى إسرائيل من خلال التحركات الأخيرة إلى تحقيق هدف مزدوج: الحفاظ على هيبتها العسكرية من جهة، وإعادة بناء نظرية الردع من جهة أخرى.

وفقًا لمحللين، لا يُشكل الحوثيون تهديدًا مباشرًا لإسرائيل، لكن هجماتهم التي تزعزع استقرار المنطقة تؤثر سلبًا على صورة الدولة العبرية أمام شعبها، خاصة في ظل تصاعد عمليات إطلاق الصواريخ وإثارة الذعر بين المدنيين، مما يدفع الحكومة الإسرائيلية للتحرك لضمان سلامة مواطنيها، وفقًا لـ"هيئة البث الإسرائيلية".

الخبير الاستراتيجي اللواء محمد عبد الواحد، يرى أن تل أبيب تُواجه ضغوطًا داخلية بسبب الهجمات الحوثية، رغم أنها لا تُلحق أضرارًا كبيرة على المستوى البشري.

ويضيف في حديثه لـ"العرب مباشر"، إسرائيل تعتمد في هذا الإطار على تعزيز التنسيق مع دول تمتلك قواعد عسكرية في المنطقة، لتسهيل تنفيذ ضربات سريعة ومؤثرة.

*دور الشركاء الدوليين* 


ترتبط الخطط الإسرائيلية بشكل وثيق بالدور الأمريكي، حيث تشير تقارير أن واشنطن تُعتبر الشريك الأكثر احتمالًا لدعم عملية كهذه، رغم اختلاف وجهات النظر بين الجانبين بشأن استراتيجية التعامل مع الحوثيين.

كما تسعى إسرائيل لإقناع بريطانيا وبعض دول المنطقة للمشاركة في ضربات محدودة تستهدف المنشآت العسكرية ومراكز القيادة الحوثية.

لكن د. محمد المنجي أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية، يستبعد أن تُشارك بريطانيا في عمليات مشتركة واسعة، مشيرًا أن التدخل الأمريكي المحتمل قد يقتصر على عمليات محددة لحماية المصالح الحيوية، مثل السفن المبحرة عبر البحر الأحمر.

ويُحذر المنجي من أن مشاركة إسرائيل في هجوم واسع قد تُعطي الحوثيين فرصة لتسويق أنفسهم كـ"أبطال مقاومة" في مواجهة عدوان خارجي.

*تكتيكات المواجهة: ضربة مركزة أم حرب شاملة؟* 


تشير التسريبات وفقًا للإعلام العبري، أن إسرائيل تبحث عن ضربة نوعية تُحدث تغييرًا جذريًا في المعادلة، دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة.

الخبير العسكري عبد الواحد أوضح، أن "إسرائيل تفضل الضربات الجوية المركزة التي تستهدف بنية الحوثيين التحتية ومراكز قيادتهم".

وأضاف: أن ذلك لا يخلو من التحديات، حيث تُعد المنشآت الحوثية محصنة جيدًا؛ مما يستدعي استراتيجيات هجومية أكثر تعقيدًا تشمل استغلال المعلومات الاستخباراتية الدولية.

أما على المستوى العملياتي، فإن أي تدخل عسكري واسع النطاق يحتاج إلى مصفوفة متكاملة تشمل ضربات جوية مكثفة يليها تحركات برية لتحييد الحوثيين كقوة فاعلة، وهو ما يبدو مستبعدًا في الوقت الراهن، وفقًا لـ"عبد الواحد".


*انعكاسات إقليمية ودولية*  


التصعيد الإسرائيلي المحتمل ضد الحوثيين يحمل تداعيات واسعة، حيث قد يُعيد تشكيل خريطة النفوذ في اليمن ويضعف آخر أوراق إيران في المنطقة. 

ويُشير د. المنجي، أن تحالفًا دوليًا ضد الحوثيين قد يؤدي إلى إعادة ترتيب الساحة اليمنية جذريًا، لكنه في الوقت ذاته قد يُفاقم حالة الفوضى إذا لم يُدار بشكل مُحكم.

كما أن المخاوف من انخراط إسرائيلي مباشر قد تُثير استياء قوى إقليمية كبرى، مما يُعقد المشهد السياسي ويؤثر على مسار التسويات الدولية في اليمن.