سوريا تطالب إيران بتعويضات بمليارات الدولارات.. إدارة جديدة تُعيد ترتيب المشهد

سوريا تطالب إيران بتعويضات بمليارات الدولارات.. إدارة جديدة تُعيد ترتيب المشهد

سوريا تطالب إيران بتعويضات بمليارات الدولارات.. إدارة جديدة تُعيد ترتيب المشهد
أحمد الشرع

تستعد السلطات السورية، بقيادة الإدارة الجديدة التي تولت السلطة بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، لتقديم مذكرة إلى المحاكم الدولية تطالب فيها إيران بدفع مئات المليارات من الدولارات كتعويضات للشعب السوري. 

هذه الخطوة تأتي في سياق تحميل طهران مسؤولية الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية السورية، والخسائر التي تكبدها الشعب السوري خلال الحرب التي استمرت 13 عامًا. 

إيران في دائرة الاتهام


وفقًا لما نشرته وسائل إعلام قريبة من الإدارة السورية الجديدة، فإن المذكرة القانونية المزمع تقديمها ستطالب إيران بدفع ما يقدر بـ300 مليار دولار كتعويض عن الأضرار الناجمة عن دعمها العسكري لنظام الأسد خلال سنوات النزاع. 

صحيفة "المدن" أشارتء أن هذه المطالبة تأتي ضمن خطوات الإدارة الجديدة لتفكيك إرث العلاقة السورية-الإيرانية، الذي أدى إلى تفاقم الأزمة الداخلية وتدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية.

تحذير من التدخل الإيراني


وزير الخارجية السوري المكلف، أسعد حسن الشيباني، وجه تحذيرًا صريحًا إلى إيران عبر منصة "إكس"، حيث دعاها إلى احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد، مؤكدًا أن أي تدخل إضافي من طهران قد يفاقم الأوضاع. 

الشيباني أضاف: "نحذر إيران من بث الفوضى في سوريا، ونحمّلها تداعيات تصريحاتها الأخيرة"، دون أن يوضح بشكل دقيق طبيعة هذه التصريحات.

هذا التحذير يأتي في وقت حساس للغاية، إذ تسعى الإدارة الجديدة إلى إعادة بناء صورة البلاد داخليًا وخارجيًا، وتحقيق استقلالها عن التأثيرات الإقليمية التي تسببت في معاناة الشعب السوري لعقود.

خسارة استراتيجية لإيران


رحيل الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الجاري مثل ضربة قاسية لإيران، التي دعمت نظامه لسنوات طويلة بالمال والعتاد العسكري، إرسال قوات من الحرس الثوري ومستشارين عسكريين إلى سوريا ساعد الأسد في البقاء بالسلطة خلال الحرب الأهلية، ما جعل طهران شريكًا رئيسيًا في النزاع، لكن النهاية جاءت بمثابة "خسارة ثقيلة" لها.

الخسائر لم تقتصر على رحيل الأسد، انسحاب المستشارين الإيرانيين وفصائلها من سوريا الأسبوع الماضي جاء ليفقد طهران خط الإمداد البري الحيوي الذي يربطها بحزب الله اللبناني، الذي واجه بدوره هزائم متتالية في الأشهر الأخيرة نتيجة التصعيد العسكري مع إسرائيل.


الإدارة الجديدة وإعادة بناء العلاقات


الإدارة الجديدة في سوريا، التي ظهرت إلى الواجهة بعد سيطرة فصائل مسلحة أبرزها "هيئة تحرير الشام" على العاصمة دمشق، تسعى لتقديم رؤية مختلفة للعلاقات الإقليمية والدولية. الإطاحة ببشار الأسد في الثامن من ديسمبر مثلت نقطة تحول رئيسية في مسار الحرب السورية.

الإدارة الجديدة تبدو حريصة على إعادة بناء العلاقات مع المجتمع الدولي على أسس جديدة. ورغم التحفظ الإيراني تجاه الإدارة الحالية، إلا أن طهران أبدت مواقف متروية في الآونة الأخيرة، ربما بهدف الحفاظ على مصالحها المتبقية في سوريا، وسط التحولات السياسية الجذرية في البلاد.



تحديات إعادة الإعمار والسيادة الوطنية


تطالب الإدارة الجديدة المجتمع الدولي بدعم إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار، لكنها تصر على أن سوريا يجب أن تتحرر من كل أشكال النفوذ الخارجي، بما في ذلك النفوذ الإيراني. 

خطوة تقديم مذكرة دولية ضد إيران تعكس الرغبة في محاسبة المسؤولين عن تفاقم الأزمة السورية، لكنها في الوقت ذاته تفتح الباب لتساؤلات حول مدى إمكانية تنفيذ هذه المطالب في ظل التعقيدات القانونية والسياسية.


مع تقدم الإدارة الجديدة في ترسيخ سلطتها، يبدو أن سوريا دخلت مرحلة جديدة تتسم بمحاولة الخروج من إرث الحرب الذي أرهق الشعب السوري. 

العلاقات مع إيران ستكون واحدة من الملفات الساخنة في المرحلة المقبلة، إذ تسعى دمشق لتقليل النفوذ الإيراني وتحقيق استقلالية القرار الوطني.

المجتمع الدولي يراقب بحذر هذه التحولات، حيث تشكل الخطوات التي تتخذها الإدارة السورية الجديدة اختبارًا لمصداقيتها في تحقيق العدالة والمساءلة، وإعادة بناء بلد تمزق بفعل صراعات داخلية وخارجية استمرت لسنوات طويلة.

وتظل المطالبات بتعويضات من إيران خطوة رمزية تعكس الرغبة في تحميل المسؤولية للجهات التي أسهمت في تدمير سوريا، لكنها في ذات الوقت قد تشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الإدارة الجديدة على فرض إرادتها على الساحة الدولية.