5 وزراء أتراك في دمشق.. هل تفتح تركيا صفحة جديدة مع سوريا؟.. خبراء يجيبون
5 وزراء أتراك في دمشق.. هل تفتح تركيا صفحة جديدة مع سوريا؟.. خبراء يجيبون
تتحرك أنقرة بخطوات مدروسة نحو دمشق، حيث تستعد لفتح ملفات حساسة تشمل الطاقة، الحدود، والإعمار، في ظل مؤشرات متزايدة عن زيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سوريا.
تأتي هذه التحركات في سياق تغيرات إقليمية ودولية تدفع البلدين نحو إعادة ترتيب أولوياتهما.
صحيفة "حريت" التركية كشفت عن استعداد خمسة وزراء أتراك لزيارة دمشق لإجراء محادثات مع الحكومة السورية المقبلة، في خطوة تعكس اهتمام أنقرة بإعادة بناء العلاقات الثنائية عبر بوابات التعاون الاقتصادي والأمني.
هذه التحركات قد تمثل بداية لمرحلة جديدة من التفاهمات السياسية بين الجانبين، في وقت تواجه فيه المنطقة تحديات معقدة تتطلب تنسيقًا أكبر.
*تفاصيل الزيارة المرتقبة*
أشارت صحيفة "حريت"، أن الوزراء الأتراك الخمسة سيزورون دمشق بشكل منفصل بعد تشكيل الحكومة السورية الجديدة.
الزيارة تشمل وزراء يمثلون قطاعات حيوية مثل الطاقة والنقل والدفاع والثقافة؛ مما يبرز اتساع نطاق الملفات المطروحة للنقاش.
وأوضحت الصحيفة التركية، أن جدول أعمال هذه الزيارات لم يتحدد بعد، لكنه سيشمل قضايا استراتيجية ذات أولوية للطرفين.
*وزيري الطاقة والنقل: الأولوية للتعاون الاقتصادي*
على رأس الوزراء المتوجهين إلى دمشق، يأتي وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار. يحمل بيرقدار معه ملفات شائكة تتعلق بتطوير قطاع الطاقة السوري، بما في ذلك السوق المحلية وآفاق تنفيذ مشاريع دولية للطاقة وخطوط الأنابيب عبر سوريا، هذا التعاون يعكس سعي تركيا لتوسيع حضورها الإقليمي في مجال الطاقة.
وزير النقل التركي عبد القادر أورالوغلو سيبحث قضايا البنية التحتية، بما في ذلك ترميم المطارات وترسيم الحدود البحرية.
هذه الملفات تتطلب تنسيقًا دقيقًا بين الجانبين نظرًا لحساسيتها وارتباطها بالاستقرار الإقليمي.
*الدفاع والأمن: مكافحة الإرهاب في المقدمة*
وزير الدفاع التركي ياشار غولر يركز على قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب، تعزيز التنسيق الأمني بين الجانبين قد يسهم في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة، خصوصًا مع استمرار أنشطة المجموعات المسلحة في بعض المناطق الحدودية.
إضافة إلى الملفات السياسية والأمنية، يتوجه وزير الثقافة محمد إرسوي إلى دمشق لبحث التعاون الثقافي، بينما يناقش وزير البيئة والتنمية الحضرية مراد كوروم قضايا الترميم الحضري، في خطوة تعكس رغبة أنقرة في توسيع أطر التعاون لتشمل مجالات التنمية.
*زيارة أردوغان: خطوة مرتقبة*
رغم عدم تحديد موعد رسمي، فإن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دمشق تلوح في الأفق، وفقًا لتقارير إعلامية تركية.
من المتوقع أن يصطحب أردوغان وفدًا كبيرًا يضم وزراء ومسؤولين رفيعي المستوى، مما يعكس جدية أنقرة في تعزيز علاقاتها مع سوريا.
الزيارة تأتي بعد سلسلة من اللقاءات بين مسؤولين أتراك وسوريين، أبرزها زيارة رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم كالين ووزير الخارجية هاكان فيدان إلى دمشق.
*القضايا العالقة*
تُظهر هذه التحركات التركية تجاه سوريا رغبة واضحة في تحقيق توازن بين المصالح السياسية والاقتصادية.
أنقرة تدرك أن التعاون مع دمشق قد يفتح آفاقًا جديدة لتحسين أوضاع المنطقة، في ظل تحديات متزايدة تشمل أزمة اللاجئين، ومكافحة الإرهاب، وإعادة إعمار سوريا.
من جانبه يقول د. محمد المنجي، أستاذ العلاقات الدولية: إن الزيارات التركية إلى دمشق تعكس تحولًا استراتيجيًا في سياسة أنقرة تجاه سوريا، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية الإقليمية.
ويشير المنجي في تصريحات لـ"العرب مباشر"، إلى أن ملف الطاقة، بما في ذلك خطوط الأنابيب الدولية، قد يكون المحرك الرئيسي لهذه التحركات، إذ تسعى تركيا لتعزيز مكانتها كمحور أساسي لنقل الطاقة إلى أوروبا.
ويضيف أستاذ العلاقات الدولية، أن هذه الزيارات تُظهر استعداد أنقرة لإعادة بناء جسور الثقة مع دمشق، وهو أمر قد يفتح الباب أمام تعاون أوسع في قضايا إعادة الإعمار ومكافحة الإرهاب.
ومع ذلك، يشدد المنجي، على أن نجاح هذه التحركات يعتمد بشكل كبير على قدرة الطرفين على تجاوز التحديات السياسية والاقتصادية، خاصة مع استمرار وجود قضايا عالقة تتعلق باللاجئين والوجود العسكري التركي في بعض المناطق السورية.
*تخفيف التوترات*
في السياق ذاته، قال د. مصطفى زيد، الخبير الاقتصادي: إن التعاون الاقتصادي بين تركيا وسوريا قد يشكل ركيزة مهمة لتحسين العلاقات الثنائية.
وأضاف - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن إعادة تأهيل البنية التحتية السورية، بما في ذلك المطارات والطرق، سيكون له تأثير مباشر على تحسين الاقتصاد السوري؛ مما سيصب أيضًا في مصلحة تركيا التي تسعى إلى توسيع سوقها الإقليمي.
ويعتبر الخبير الاقتصادي، أن الاستثمار في مشاريع الترميم الحضري والطاقة قد يمثل فرصة للبلدين لتحقيق مكاسب اقتصادية طويلة الأجل.
لكنه ينبه إلى ضرورة ضمان بيئة سياسية مستقرة لتفعيل هذه الشراكات، إذ لا تزال المخاوف الأمنية والمخاطر السياسية تشكل عائقًا أمام تحقيق أي تقدم فعلي.
في النهاية، يرى زيد أن التفاهمات الاقتصادية قد تكون مفتاحًا لتخفيف التوترات السياسية بين البلدين.