تل أبيب تخطط لاجتياح شامل لمدينة غزة بـ250 ألف جندي.. ما التفاصيل؟

تل أبيب تخطط لاجتياح شامل لمدينة غزة بـ250 ألف جندي.. ما التفاصيل؟

تل أبيب تخطط لاجتياح شامل لمدينة غزة بـ250 ألف جندي.. ما التفاصيل؟
حرب غزة

تتجه الأنظار مجددًا إلى غزة، حيث يقف المشهد العسكري والسياسي الإسرائيلي عند منعطف حاسم، مع إعلان نية تل أبيب شن عملية عسكرية واسعة النطاق للسيطرة على مدينة غزة، المعقل الأكبر والأكثر كثافة سكانية في القطاع، باستخدام قوة تصل إلى ربع مليون جندي.

 القرار، الذي خرج من أروقة "الكابينت" الإسرائيلي، يأتي بعد إعلان الجيش السيطرة على ثلاثة أرباع القطاع، في ظل إدراك المؤسسة الأمنية أن المعركة المقبلة قد تكون الأعنف والأطول منذ بداية الحرب، وفي وقت تسعى فيه القيادة الإسرائيلية للحفاظ على دعم واشنطن، تواجه الخطة انتقادات دولية متزايدة، وتحديات لوجستية وإنسانية معقدة، أبرزها ضمان سلامة الرهائن وتقليل الخسائر المدنية، وبينما تتحرك قنوات التفاوض خلف الكواليس بوساطة أمريكية وقطرية ومصرية، يبقى التهديد العسكري قائمًا كورقة ضغط، في ظل سباق مع الزمن لتحقيق الأهداف السياسية والعسكرية قبل حلول أكتوبر المقبل.

*مخاوف من فقدان دعم واشنطن*


في تطور يعكس انتقال الحرب في غزة إلى مرحلة أكثر تصعيدًا، كشف الإعلام العبري عن خطة عسكرية إسرائيلية لاجتياح مدينة غزة بشكل كامل، عبر تعبئة ما يصل إلى 250 ألف جندي احتياطي، في خطوة توصف بأنها الأكبر من نوعها منذ عقود.

القرار اتخذته الحكومة الأمنية المصغرة "الكابينت"، بعد تطويق المدينة وفصلها جغرافيًا عن بقية مناطق القطاع، تمهيدًا لما تصفه المؤسسة العسكرية بـ"المعركة الحاسمة" ضد حركة حماس.

وفقًا لتقرير القناة الإسرائيلية 12، سيقدم الجيش خلال أسبوعين خطة عملياتية متكاملة، تتضمن عدة مراحل عسكرية، المرحلة الأولى تشمل تطويق المدينة بالكامل وقطع جميع طرق الإمداد، بالتوازي مع إنشاء 12 نقطة مركزية لتوزيع الغذاء والمساعدات، بهدف عزل مقاتلي حماس عن المدنيين وتقليل الانتقادات الدولية.

أما المرحلة الثانية فستركز على إجلاء المدنيين بشكل منظم نحو جنوب القطاع، قبل بدء عمليات الاقتحام البرية الواسعة التي تستهدف المقرات القيادية والبنية التحتية للحركة، مع توقعات بامتداد القتال إلى المخيمات الوسطى.

لكن التحديات أمام العملية تبدو معقدة، فالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدرك أن "الشرعية الدولية" لأي تحرك عسكري واسع النطاق قد تراجعت بشكل ملحوظ، باستثناء الموقف الأمريكي الداعم، وهو ما دفع مسؤولين إسرائيليين للتحذير من فقدان هذا الدعم إذا لم تُدار الخطط بحذر.

أحد هؤلاء المسؤولين شدد على ضرورة "التصرف بذكاء"، محذرًا من أن فقدان واشنطن في هذه المرحلة سيكون بمثابة خسارة استراتيجية يصعب تعويضها.

*زيارة ويتكوف*


في هذا السياق، لعب الاتصال الأخير بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب دورًا محوريًا في تثبيت الدعم الأمريكي.

ووفقًا لبيان مكتب نتنياهو، فقد منح الأخير المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف الضوء الأخضر لبدء محادثات حول صفقة شاملة تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن مقابل وقف إطلاق النار، ويتكوف يستعد لزيارة قطر ومصر خلال الأيام المقبلة للقاء الوسطاء.

لكن هذه الخطوة لم تمر دون جدل داخلي، فقد أصدرت "هيئة عائلات المخطوفين" بيانًا شديد اللهجة، اتهمت فيه نتنياهو بالتخلي عن مسؤوليته المباشرة لصالح وساطة أمريكية، معتبرة أن "حياة الرهائن أمانة في يد الحكومة الإسرائيلية وحدها"، البيان طالب بإبرام الصفقة فورًا، محذرًا من أن التأخير سيكلف أرواحًا جديدة.

*مقاومة شرسة*


على الصعيد الميداني، يهدف الجيش الإسرائيلي إلى استكمال استعداداته بحلول أكتوبر، وهي نافذة زمنية تمنح القيادة السياسية خيارين: إما المضي في الهجوم العسكري، أو استثمار الوقت لبلورة اتفاق تبادل أسرى شامل.

ويعتبر نتنياهو أن السيطرة على مدينة غزة تمثل "مفتاح النصر"، نظرًا لكونها مركز القيادة والسيطرة لحماس، ومقرّ أغلب بنيتها التحتية.

لكن محللين عسكريين يرون، أن العملية، رغم قوتها المحتملة، ستواجه مقاومة شرسة، خاصة أن المدينة والمخيمات المحيطة بها تضم آلاف المقاتلين الذين يمتلكون خبرة ميدانية متراكمة منذ سنوات، كما أن المشهد الإنساني مرشح للتدهور بسرعة، ما قد يضاعف الضغوط على إسرائيل سياسيًا ودبلوماسيًا.

*إشعالًا لنار أكبر*


في المحصلة، يرى مراقبون أن خطة اجتياح غزة تبدو اختبارًا لقدرة إسرائيل على موازنة القوة العسكرية مع المعادلات السياسية والإنسانية المعقدة. 

وبينما تتحرك القوات على الأرض، يبقى السؤال الأهم، هل ستُحسم المعركة في الميدان، أم على طاولة المفاوضات.

من جانبه، يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في القاهرة، إن قرار إسرائيل باجتياح مدينة غزة بقوة عسكرية ضخمة يصل قوامها إلى 250 ألف جندي، هو خطوة محفوفة بالمخاطر على المستويات السياسية والعسكرية والإنسانية.

ويؤكد أن هذه العملية، إذا نُفذت، ستؤدي إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، نظرًا للكثافة السكانية العالية في المدينة، ما يعني وقوع آلاف الضحايا من المدنيين، وتدمير البنية التحتية بشكل شبه كامل، وهو ما سيضع إسرائيل في مواجهة عزلة دولية أكبر مما هي عليه الآن.

وأضاف فهمي - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن هذا القرار يعكس فشل الخيارات السياسية والعجز عن التوصل إلى حلول دبلوماسية تُنهي الحرب وتضمن الإفراج عن الرهائن، معتبرًا أن الاعتماد المفرط على القوة العسكرية لن يحقق الأمن لإسرائيل على المدى الطويل، بل سيؤدي إلى تعزيز المقاومة وتوسيع دائرة الصراع في المنطقة.

 ويضيف: أن توقيت العملية، في ظل تراجع الدعم الدولي، باستثناء الموقف الأمريكي، قد يقلب المعادلة إذا قررت واشنطن إعادة النظر في موقفها.

ويختتم الخبير المصري بالقول: إن أي تحرك عسكري واسع في غزة لن يكون إلا "إشعالًا لنار أكبر"، مشددًا على أن الحل الحقيقي يكمن في مسار سياسي شامل يضمن الأمن للطرفين، بدلًا من التورط في حرب استنزاف لا نهاية لها.