إخوان تونس وحرب المعلومات.. محاولات لإثارة الفوضى
إخوان تونس وحرب المعلومات.. محاولات لإثارة الفوضى

في ظلّ أجواء سياسية مشحونة وتهديدات أمنية متصاعدة، تجد تونس نفسها في مواجهة عاصفة من الشائعات والأخبار الزائفة التي تهدد استقرارها الاجتماعي والسياسي، ما بين صفحات التواصل الاجتماعي المشبوهة وحرب المعلومات المُمنهجة، تبرز أصابع "الذباب الإلكتروني" التابع لحركة النهضة (إخوان تونس)، الذي يعيد إحياء أساليب التضليل الإعلامي لزعزعة الأمن العام وإثارة الفتنة.
حرب الشائعات
في عالم يزداد ترابطًا عبر الفضاء الرقمي، أصبحت الشائعات سلاحًا فعالًا في يد من يريد زعزعة الاستقرار، مؤخرًا، انتشرت عبر صفحات التواصل الاجتماعي في تونس سلسلة من الأخبار الكاذبة والمقاطع المفبركة، تهدف إلى إثارة البلبلة وإعادة إشعال الاحتجاجات.
من بين هذه الشائعات، ادعاءات حول مرض الرئيس قيس سعيد، وإعادة تداول مقاطع فيديو لاحتجاجات قديمة، في محاولة لدفع التونسيين إلى النزول إلى الشارع.
السلطات التونسية، وعلى رأسها الإدارة العامة للحرس الوطني، سارعت إلى نفي هذه الادعاءات، مؤكدة أن ما يتم تداوله "لا يمتّ للواقع بصلة".
وأصدرت بيانًا حذرت فيه من خطورة نشر الأخبار المضللة، ودعت المواطنين إلى التحري والتثبت من صحة المعلومات قبل تداولها، كما أعلنت عن اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد كل من يثبت تورطه في نشر الشائعات.
العطش إلى السلطة وإثارة الفتنة
تحت المجهر، تظهر حركة النهضة (إخوان تونس) كأحد الأطراف الرئيسية التي تقف وراء هذه الحملات الإلكترونية.
وفقًا لتحليلات سياسية، فإن هذه الحركة تعتمد على صفحات مدفوعة الأجر ومدعومة ماليًا من الخارج، تهدف إلى تشويش الوضع العام وإثارة الغليان الشعبي.
المحلل السياسي التونسي محمد الميداني، أكد أن هذه الصفحات تدعو صراحة إلى التمرد والاحتجاج، في محاولة لإسقاط النظام القائم، مضيفًا، أن الهدف واضح، وهو إعادة حركة النهضة إلى الواجهة السياسية، بعد أن فقدت جزءًا كبيرًا من نفوذها في السنوات الأخيرة.
وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، تحركات الإخوان تسعى للعودة من خلال استغلال الفضاء الإلكتروني، تسعى الحركة إلى خلق حالة من الفوضى تدفع التونسيين إلى الشارع، في سيناريو مشابه لما حدث خلال الربيع العربي.
تنامي التطرف
بالإضافة إلى حرب الشائعات، تواجه تونس تحديًا آخر لا يقل خطورة، تنامي الفكر المتطرف بين صفوف الشباب والقُصَّر، كشفت السلطات التونسية عن استقطاب أكثر من 30 قاصرًا عبر شبكات التواصل الاجتماعي خلال عام 2024، من قبل جماعات إرهابية تستغل هذه المنصات لنشر أفكارها المتطرفة.
يقول الميداني: إن هذه الجماعات تعتمد بشكل كبير على استقطاب صغار السن من خلال كتب ومقالات إلكترونية، بالإضافة إلى خطب دعوية يتم بثها عبر الإنترنت.
ودعا الميداني، إلى تشديد الرقابة على منصات التواصل الاجتماعي، وإطلاق حملات توعية داخل الأسر والمدارس لحماية الأجيال الجديدة من خطر التطرف.
تمديد حالة الطوارئ
في هذا السياق، أعلنت السلطات التونسية عن تمديد حالة الطوارئ حتى نهاية عام 2025، في خطوة أثارت جدلًا بين مؤيدين يرونها ضرورية لمواجهة التهديدات الأمنية، ومعارضين يعتبرونها قيدًا على الحريات العامة.
الرئيس قيس سعيد، الذي تعهد بوضع حد للانفلات في الفضاء الإلكتروني، أكد أن الشائعات والأخبار الكاذبة لا علاقة لها بحرية التعبير، بل هي أدوات تستخدم لزعزعة الاستقرار، ومع استمرار حالة الطوارئ، يبدو أن تونس ستواصل سياستها الأمنية الصارمة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
من جانبه، أكد د. محمد المنجي أستاذ العلوم السياسية، أن حرب الشائعات التي تشنها حركة النهضة ليست جديدة، لكنها أصبحت أكثر تعقيدًا في عصر التواصل الاجتماعي.
وأضاف المنجي في حديثه لـ"العرب مباشر"، ما نراه اليوم هو استخدام متطور لأدوات التضليل الإعلامي، حيث يتم استهداف شرائح واسعة من المجتمع عبر منصات التواصل الاجتماعي والتي يصعب مراقبتها بالكامل.
وأشار أن هذه الحملات لا تهدف فقط إلى زعزعة الاستقرار، بل أيضًا إلى إعادة تشكيل الرأي العام لصالح أجندات سياسية معينة، مضيفًا: التحدي الأكبر يكمن في كيفية موازنة مكافحة الشائعات مع الحفاظ على حرية التعبير، وهو أمر يحتاج إلى إستراتيجية واضحة من الحكومة ومشاركة فعالة من المجتمع المدني.
وتابع: أن تمديد حالة الطوارئ حتى نهاية 2025 هو إجراء يثير تساؤلات حول مدى فعاليته في تحقيق الأمن دون المساس بالحريات العامة، في حين أن التهديدات الأمنية حقيقية، إلا أن الإفراط في الاعتماد على الإجراءات الأمنية قد يؤدي إلى نتائج عكسية، مثل تآكل الثقة بين الدولة والمواطنين.
وأكد أستاذ العلوم السياسية، يجب أن تكون المواجهة شاملة، تشمل تعزيز الشفافية وبناء مؤسسات قادرة على مواجهة التحديات دون اللجوء إلى إجراءات استثنائية طويلة الأمد، كما أن التعليم والتوعية يلعبان دورًا محوريًا في تحصين المجتمع ضد الشائعات والتطرف،
وهو ما يتطلب استثمارات أكبر في المجالين الثقافي والتعليمي.