رحيل عبد العزيز بوتفليقة.. أطول الرؤساء حكمًا في الجزائر
توفي الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة
في صمت تام وبعيدا عن الأضواء، توفّي الرئيس الجزائري السابق، عبدالعزيز بوتفليقة، عن عمر يناهز 84 عاما.
وفاة بوتفليقة
أعلن التلفزيون الحكومي الجزائري، فجر اليوم، وفاة الرئيس السابع للبلاد، عبدالعزيز بوتفليقة، بعد استقلالها عن فرنسا سنة 1962، حيث تولى الحكم في 1999، خلال مرحلة حرجة بتاريخ الجزائر، واستمر لمدة حوالي ٢٠ عاما، وترك الحكم استجابة لاحتجاجات شعبية عام 2019.
البداية والنشأة
ولد عبدالعزيز بوتفليقة، في 2 مارس 1937 من أب وأم جزائريين، في مدينة وجدة المغربية التي عاش وترعرع فيها إلى أن أنهى دراسته الثانوية، ولكنه في عام 1956 التحق بجيش التحرير الوطني، وخدم في الولاية التاريخية الخامسة منطقة وهران، ثم تولى تنفيذ مهام بالحدود الجزائرية المالية.
وظائف ومسؤوليات
لعب بوتفليقة دورا في استقلال بلاده، حيث إنه في عام 1961، أوفده قائد أركان جيش التحرير الوطني، هواري بومدين، في مهمة سرية إلى قلعة أولنوا، حيث كان يوجد قادة الثورة الخمسة التاريخيون المسجونون، لإقناع أحدهم بالانضمام إلى معسكر بومدين في صراعه ضد الحكومة الجزائرية المؤقتة بقيادة يوسف بن خدة، لكن المقترح لاقى الرفض القاطع من قبل محمد بوضياف والقبول التام من طرف أحمد بن بلة.
بعد استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962، قرر بوتفليقة ترك مساره العسكري الذي كان يحمل حينها رتبة رائد، لينضم إلى العمل الحكومي، حيث إنه خلال وزارة بن بلة تولى حقيبة الشباب والرياضة والسياحة في سن الخامسة والعشرين، كأصغر وزير حينها، وبعد أشهر، أصبح وزيرا للشؤون الخارجية في سن السادسة والعشرين.
في 18 يونيو 1965، قرر بن بلة إقالته من وزارة الخارجية، ولكن باليوم التالي، جرى الانقلاب العسكري الذي نفذه وزير الدفاع آنذاك، هواري بومدين، المعروف بـ"التصحيح الثوري"، ليعود بوتفليقة إلى منصبه واستمر فيه لمدة 14 عاما.
بعد وفاة الرئيس هواري بومدين سنة 1978، وتولي الشاذلي بن جديد رئاسة الجمهورية، ترك بوتفليقة وزارة الخارجية في سنة 1979، وعين وزيرا للدولة دون حقيبة، في 1981، وتم الإطاحة به من اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، كما طرد هو وعائلته من الفيلا، التابعة للدولة، التي كان يشغلها في أعالي العاصمة الجزائرية، لقرار مغادرة الجزائر، ولم يعد إليها إلا بعد مرور 6 سنوات، بضمانات من الرئيس الشاذلي بن جديد بعدم ملاحقته بسبب قضية الاختلاس التي اتهم فيها.
وبعد عودته، شارك في المؤتمر السادس لحزب جبهة التحرير الوطني سنة 1989 وانتخب عضوا في لجنته المركزية.
مع ظهور الأزمة الجزائرية خلال التسعينيات والتي عرفت بـ"العشرية السوداء"، استقال الرئيس الشاذلي، وأدارت الجمهورية هيئة مؤقتة سميت بالمجلس الأعلى للدولة ترأسها محمد بوضياف، ليقترح عليه بوتفليقة في 1992 وزير مستشار لدى المجلس الأعلى للدولة، ثم منصب مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة، لكنه رفض العرضين، كما رفض عرضا آخر سنة 1994 بتولي منصب رئيس الدولة.
رئاسة الجمهورية
في عام 1999، تقدم بوتفليقة للانتخابات الرئاسية بعد استقالة الرئيس اليامين زروال، ليحقق فوزا بها، بسبب انسحاب جميع منافسيه إثر تهم بالتزوير، ليتعهد بإنهاء العنف الذي شهدته البلاد بسبب إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية سنة 1991، ولقبه جزائريون بـ"الرئيس الذي قلب قدَر البلاد مرتين"، حيث إنه عندما تولى السلطة، كانت البلاد في أخطر مرحلة أمنية وأعادها إلى بر الأمان.
وفي إبريل 2004، فاز بوتفليقة بولاية ثانية بعد حملة انتخابية شرسة أمام رئيس الحكومة السابق علي بن فليس، وحصل على 84.99% من أصوات الناخبين، ثم أعيد انتخابه لولاية ثالثة في إبريل 2009، بأغلبية 90.24٪.
وبعد تعديل دستوري في 2008 ألغى قصر الرئاسة على ولايتين فقط، الذي نال انتقادات واسعة، واعتبره معارضوه مؤشرا على نيته البقاء رئيسا مدى الحياة، وعلى تراجعه عن الإصلاح الديمقراطي.
أزمات صحية
في تلك الفترة، وأثناء عام ٢٠٠٥، تعرض بوتفليقة لأزمات صحية شديدة، نقل على إثرها إلى المستشفى العسكري الفرنسي "فال دو"، واستمر فيها لمدة شهر و5 أيام، أجرى خلالها عملية جراحية تتعلق بقرحة معدية.
وفي 27 من إبريل 2013، أصيب الرئيس الجزائري بجلطة دماغية، نقل على إثرها إلى المستشفى الفرنسي أيضا، ليعود إلى بلاده في 16 يوليو 2013 على كرسي متحرك، وهو ما أثار جدلا ضخما حينها، وكان نادرا ما يظهر في فعاليات عامة منذ ذلك الحين، لذلك شكك كثيرون في قدرته على ممارسة صلاحياته كرئيس للدولة وقائد أعلى للقوات المسلحة، ولكن رغم ذلك، ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة سنة 2014 وفاز بها بنسبة 81.53٪.
التنحي عن الحكم
في فبراير 2016، وافق البرلمان الجزائري على تعديل دستوري جديد، تمكن من خلاله بوتفليقة من تحديد رئاسة الجمهورية في ولايتين على الأكثر، لتتصاعد المعارضة ضده حتى من أصوات الأحزاب الداعمة له، خصوصا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، لرفض ترشحه لولاية خامسة في انتخابات 2019.
وفي أثناء ذلك ومع تصاعد المعارضة، شهدت الجزائر الحراك الشعبي شهر فبراير 2019 لعرقلة الولاية الخامسة لبوتفليقة، ما دفعه إلى الاستقالة والتنحي عن منصبه في إبريل 2019، ليقرر الاختفاء تماما عن الأنظار إلى أن أعلنت الرئاسة الجزائرية وفاته فجر اليوم السبت.