الرئيس المصري في الخليج.. جسور السياسة والاقتصاد تمتد من الدوحة إلى الكويت

الرئيس المصري في الخليج.. جسور السياسة والاقتصاد تمتد من الدوحة إلى الكويت

الرئيس المصري في الخليج.. جسور السياسة والاقتصاد تمتد من الدوحة إلى الكويت
تميم والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

في توقيت حرج تتصاعد فيه التوترات بالشرق الأوسط، ويترقب الإقليم زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، اختار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن يبدأ جولة خليجية تشمل قطر والكويت، حاملاً معه ملفات مشتعلة تتجاوز حدود الجغرافيا إلى عمق السياسة الدولية. الزيارة، وإن بدت في ظاهرها بروتوكولية، إلا أن أبعادها تتقاطع مع مساعي مصرية واضحة لتوحيد المواقف العربية، لا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتداعيات العدوان على غزة.

 من الدوحة إلى الكويت، يتحرك السيسي في محور حاسم، لتثبيت موقع مصر كدولة محورية في معادلة الأمن الإقليمي، وتفعيل الدور العربي المشترك قبل أن تُرسم معالم المرحلة المقبلة في ضوء التحركات الأميركية، الجولة تحمل دلالات تتعلق بإعادة التوازن داخل المنطقة، في ظل تعدد الوسطاء وتضارب المصالح، حيث تسعى القاهرة إلى استثمار لحظة سياسية دقيقة لتثبيت رؤيتها بشأن القضية الفلسطينية، وتعزيز تحالفاتها الخليجية لمواجهة التحديات المقبلة.

*تقاربًا متسارعًا*


بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جولته الخليجية من العاصمة القطرية الدوحة، في محطة أولى تعكس تقاربًا متسارعًا بين القاهرة والدوحة، بعد سنوات من الفتور السياسي.

 استُقبل السيسي رسميًا من قبل أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إيذانًا ببدء سلسلة من المباحثات التي تركز على القضايا الإقليمية الملحة، وفي مقدمتها الأوضاع في قطاع غزة.

وتأتي هذه الزيارة وسط تحضيرات لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنطقة الشهر المقبل، ما يضفي على جولة السيسي بعدًا استباقيًا في رسم خريطة التفاهمات العربية.

فمصر، التي تسعى إلى تثبيت موقعها كوسيط رئيسي في الملف الفلسطيني، تجد نفسها مضطرة لتنسيق المواقف مع لاعبين إقليميين مؤثرين، مثل قطر والكويت، قبل أن تملي الإدارة الأميركية رؤاها بشأن مستقبل غزة والمنطقة.

ووفق بيان الرئاسة المصرية، فإن المحادثات بين السيسي وأمير قطر تناولت سبل تعزيز التعاون الثنائي، إلى جانب مناقشة التطورات المتسارعة في فلسطين، خاصة ما يتعلق بجهود وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار في غزة.

كما شملت الزيارة اجتماعًا اقتصاديًا مع رجال أعمال قطريين لبحث فرص استثمارية جديدة، ما يعكس تطلعًا مصريًا إلى شراكات اقتصادية تواكب الانفتاح السياسي المستجد.

العلاقات المصرية القطرية شهدت تحولًا بارزًا منذ عام 2021، تُوّج بزيارات متبادلة وتوقيع اتفاقيات تعاون في مجالات الموانئ، والشؤون الاجتماعية، والاستثمار السيادي. وفي ظل بلوغ الاستثمارات القطرية في مصر نحو 5.5 مليار دولار، يصبح الاقتصاد أحد أذرع التقارب السياسي بين البلدين.

*تشكيل الموقف العربي*


من قطر، يتوجه السيسي إلى الكويت، حيث من المقرر أن يلتقي أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، إلى جانب كبار المسؤولين الكويتيين. 

وتُعد هذه المحطة الثانية في الجولة بمثابة تأكيد على عمق التحالف الاستراتيجي بين القاهرة والكويت، وحرص الطرفين على تطوير العلاقات في مجالات السياسة والاستثمار والطاقة.

في السياق ذاته، يرى المحلل الكويتي فهد الشليمي، أن زيارة السيسي لكل من قطر والكويت تحمل أبعادًا مهمة، في ظل ما تشهده القضية الفلسطينية من تطورات حرجة. 

وأكد الشليمي أن مصر، بما تمثله من ثقل سياسي وجغرافي، تلعب دورًا مركزيًا في تشكيل الموقف العربي، خصوصًا فيما يتعلق بإدارة معبر رفح ورفض الضغوط الغربية لإعادة فتحه بشكل غير مشروط.

وأشار الشليمي -في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن مواقف السيسي، سواء في لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أو زيارته إلى العريش برفقة الملك الأردني عبد الله الثاني، تعكس ثباتًا مصريًا في دعم الفلسطينيين دون التفريط في السيادة الوطنية.

كما لفت إلى المضايقات التي تتعرض لها مصر عبر استهداف الملاحة في البحر الأحمر، وهو ما يستدعي تحركًا عربيًا موحدًا لردع هذه التهديدات.

وفي الاتجاه نفسه، د. محمد المنجي أستاذ العلوم السياسية أكد، أن جولة السيسي تُعد من أبرز التحركات الدبلوماسية العربية في الوقت الراهن، إذ تهدف إلى بلورة موقف خليجي عربي موحد قبل زيارة الرئيس الأميركي.

ولفت في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن هناك مؤشرات واضحة على رغبة القيادات العربية في كسر نمط "رد الفعل"، والتحول إلى فاعلين في صياغة الحلول للأزمات الإقليمية، من غزة إلى السودان، مرورًا بليبيا وسوريا ولبنان.

وأضاف: أن التحركات المصرية تأتي إذًا ضمن استراتيجية أشمل لإعادة ترتيب أوراق المنطقة، وتفعيل الشراكات الخليجية، وتثبيت خطاب عربي واحد قادر على التأثير في مراكز صنع القرار العالمية، مضيفًا، بينما تُرسم خرائط جديدة لما بعد الحرب على غزة، تسعى مصر إلى أن تبقى في صلب الحدث، لا على هامشه.