من مصر.. تنسيق وثيق بين ماكرون والسيسي في غزة والقضايا الإقليمية
من مصر.. تنسيق وثيق بين ماكرون والسيسي في غزة والقضايا الإقليمية

أكدت صحيفة "ليبرسيون" الفرنسية، أنه في زيارة رسمية إلى القاهرة يوم الاثنين 7 أبريل 2025، جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه الكامل لخطة إعادة إعمار قطاع غزة التي وضعها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتي تم تبنيها رسميًا من قبل جامعة الدول العربية في الرابع من مارس الماضي.
وفي لقاء جمع الزعيمين في القصر الرئاسي المصري، وأعلن ماكرون رفضه القاطع لخطة بديلة تدعمها إسرائيل والولايات المتحدة، تهدف إلى تغيير جذري في التركيبة السكانية لقطاع غزة وإعادة هندسته الجغرافية والسياسية.
رفض قاطع لمخططات التهجير والضم
وقال ماكرون - خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري-، إن فرنسا تعارض بشدة أي محاولات لتهجير سكان غزة أو ضم القطاع، وكذلك الضفة الغربية، مؤكدًا أن مثل هذه الإجراءات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة بأكملها، بما في ذلك أمن إسرائيل نفسها.
وأضاف: أن الخطة العربية، التي لا تقوم على منطق التطهير العرقي أو إفراغ القطاع من سكانه، تشكل بديلاً واقعيًا لإعادة إعمار غزة وإنشاء منظومة حوكمة فلسطينية جديدة.
الخطة الأمريكية الإسرائيلية
وفي خلفية هذه التصريحات، تبرز الخطة التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمدعومة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تهدف إلى تحويل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب إلى ما يشبه «ريفييرا الشرق الأوسط» – أي منطقة سياحية واقتصادية فاخرة – وذلك بعد تهجير أكثر من مليوني فلسطيني يقطنون في القطاع حاليًا.
وترى باريس والقاهرة أن هذه الرؤية تفتقر إلى الشرعية الدولية وتشكل انتهاكًا مباشرًا لحقوق الإنسان، كما تهدد بإعادة إشعال دوامة العنف في المنطقة.
الخطة العربية
وتتبعت الصحيفة، أن الخطة التي قدمتها مصر وحظيت بتأييد عربي رسمي، تتضمن إعادة إعمار شاملة للبنية التحتية المدمرة في غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، إلى جانب إنشاء نموذج حكم فلسطيني متجدد يكون أكثر شمولاً وتمثيلاً.
وتسعى الخطة إلى استبعاد الفصائل المسلحة عن أي دور سياسي مستقبلي، وتأسيس سلطة مدنية مدعومة دولياً تعمل على إعادة توحيد الصف الفلسطيني ومباشرة مفاوضات سلام جادة.
الموقف الفرنسي
وتابعت الصحيفة، أن ماكرون دعا إسرائيل بوضوح إلى استئناف وقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون تأخير.
كما عبر عن دعمه المطلق للمبادرة المصرية التي اعتبرها المسار الواقعي الوحيد لوقف دوامة الحرب والتوجه نحو إعادة إعمار القطاع تحت رعاية دولية وإقليمية.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يتزايد فيه الضغط الدولي لوقف العمليات العسكرية في غزة، بينما تتباين الرؤى بين واشنطن والدول الأوروبية بشأن مستقبل القطاع. ففي حين تدفع إدارة ترامب باتجاه حل يكرس السيطرة الأمنية الإسرائيلية ويهمش القيادة الفلسطينية، تصر باريس والقاهرة على أن الحل الحقيقي لا يمكن أن يتم إلا عبر احترام القانون الدولي وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره.
تنسيق وثيق
وأكدت الصحيفة، أن اللقاء الذي جمع ماكرون بالسيسي يعكس مستوى عاليًا من التنسيق بين البلدين حول ملف غزة، كما يؤكد وجود رؤية مشتركة لمستقبل القطاع، قائمة على رفض منطق الهيمنة والضم، والدعوة إلى مسار سياسي يضمن الأمن والعدالة للجميع.
وتابعت، أن هذا اللقاء قد يشكل نقطة انطلاق لتحرك أوسع على المستوى الأوروبي والعربي لإجهاض الخطط الإسرائيلية الأمريكية، وتعزيز المسار الدبلوماسي البديل الذي تقوده مصر.
وأضافت، أنه مع استمرار المعاناة الإنسانية في غزة وتصاعد الدعوات الدولية لوقف الحرب، تبدو المبادرة الفرنسية المصرية بمثابة فرصة لإعادة توجيه البوصلة نحو حل سياسي شامل.
وتابعت، أن نجاحها يتوقف على مدى قدرة المجتمع الدولي على فرض احترام القانون الدولي، وعلى استجابة إسرائيل والولايات المتحدة للضغوط الدبلوماسية المتزايدة.
وفي خضم هذا المشهد المضطرب، تراهن القاهرة وباريس على أن الدبلوماسية، إذا ما اقترنت بالإرادة السياسية، قد تنجح في تجنيب المنطقة مزيدًا من الكوارث.