محادثات نووية على صفيح ساخن.. ترامب يعلن بدء التفاوض المباشر وطهران تنفي

محادثات نووية على صفيح ساخن.. ترامب يعلن بدء التفاوض المباشر وطهران تنفي

محادثات نووية على صفيح ساخن.. ترامب يعلن بدء التفاوض المباشر وطهران تنفي
ترامب

في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة وإيران تستعدان لإطلاق محادثات مباشرة حول برنامج طهران النووي، إلا أن طهران سارعت إلى نفي ذلك، مؤكدة أن المفاوضات ستكون غير مباشرة وستُعقد في سلطنة عمان.

وأكدت وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية، أن تناقض التصريحات تعكس مدى تعقيد المشهد السياسي بين الخصمين الجيوسياسيين، وحذر ترامب من أن فشل هذه المحادثات سيعني، على حد وصفه، أن إيران ستكون في "خطر كبير".

تصريحات متناقضة


قال ترامب -خلال لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي-: إن المحادثات مع إيران قد بدأت فعلاً، وإن اجتماعًا مهمًا سيُعقد يوم السبت.

وأضاف: أن هذه المحادثات ستكون "رفيعة المستوى جدًا"، دون أن يذكر مكان انعقادها، لكنه لم يستبعد إمكانية التوصل إلى اتفاق.

في المقابل، كتب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عبر منصة "X"، أن المفاوضات ستكون غير مباشرة وستُعقد في سلطنة عُمان، واصفًا إياها بأنها "فرصة واختبار في آنٍ واحد"، مضيفًا أن الكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة.

وبحسب وسائل إعلام رسمية إيرانية، فإن المحادثات المرتقبة ستُعقد بقيادة عراقجي من الجانب الإيراني، وستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي من الجانب الأميركي، وبوساطة وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي.

ماضٍ من المحاولات غير المثمرة


وكانت الولايات المتحدة وإيران قد أجرتا محادثات غير مباشرة خلال ولاية الرئيس السابق جو بايدن، لكنها لم تحقق تقدمًا يُذكر.

 أما آخر مفاوضات مباشرة مع إيران، فكانت في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي قاد التوصل إلى الاتفاق النووي الدولي عام 2015، وهو الاتفاق الذي انسحب منه ترمب لاحقاً وأعاد فرض عقوبات صارمة على طهران.

واشارت الوكالة الدولية، أن تصريحات ترامب التصعيدية جاءت في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط توترًا متزايدًا على خلفية الحرب المفتوحة في غزة ولبنان، والضربات العسكرية في اليمن، وتبدل القيادة في سوريا، والمواجهات بين إسرائيل وإيران.

وأكد ترامب، أنه يفضل اتفاقًا دبلوماسيًا بشأن البرنامج النووي الإيراني على المواجهة المسلحة، مشيرًا أنه بعث برسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في السابع من مارس يقترح فيها بدء المحادثات.

غير أن المسؤولين الإيرانيين أكدوا آنذاك أن طهران لن ترضخ لما وصفوه بـ"الابتزاز الأميركي" من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات.

وفي هذا السياق، قال ترامب من المكتب البيضاوي: "إيران لا يمكنها امتلاك سلاح نووي، وإذا لم تنجح المحادثات، فسيكون ذلك يوماً سيئاً جداً لإيران".

ويُشار أن المحادثات المباشرة مع واشنطن لا يمكن أن تتم دون موافقة صريحة من خامنئي، الذي صرح في فبراير الماضي أن التفاوض مع الولايات المتحدة "ليس حكيمًا ولا مشرفًا".

المسار غير المباشر واتهامات بالتلاعب

وقبل ساعات من إعلان ترامب، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي: إن بلاده تنتظر ردًا أميركيًا على اقتراحها إجراء مفاوضات غير مباشرة. واعتبر بقائي أن إيران قدمت عرضاً "كريماً ومسؤولاً ومشرفاً".

وبعد تصريح ترامب، نقلت رويترز عن مسؤول إيراني كبير – طلب عدم ذكر اسمه – قوله: إن المحادثات لن تكون مباشرة، بل ستُجرى بوساطة عمانية.

وتُعد عمان قناة تقليدية وموثوقة لتبادل الرسائل بين طهران وواشنطن بفضل علاقاتها الجيدة مع الطرفين.

كما نقلت وكالة "نور نيوز"، المقربة من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن تصريحات ترامب حول المحادثات المباشرة تأتي في إطار "عملية نفسية تهدف إلى التأثير على الرأي العام الداخلي والدولي".

وقال مسؤول إيراني ثانٍ، أيضًا دون الكشف عن هويته، إن هناك نافذة زمنية لا تتعدى الشهرين للتوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى مخاوف من احتمال أن تقدم إسرائيل – العدو التقليدي لإيران – على شن هجوم إذا ما طال أمد المحادثات.

نتنياهو يعلق بحذر


وفي المقابل، أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشكيكاً في جدوى المفاوضات مع إيران، لكنه أقر بأن منع طهران من امتلاك السلاح النووي عبر الوسائل الدبلوماسية، "بالطريقة التي تم بها في ليبيا"، سيكون أمرًا جيدًا، على حد تعبيره.

وكان ترامب قد انسحب خلال فترة رئاسته (2017-2021) من الاتفاق النووي الإيراني، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية مشددة شملت قطاعات حيوية من الاقتصاد الإيراني.

ومنذ ذلك الحين، تجاوزت إيران بشكل كبير القيود المنصوص عليها في الاتفاق بشأن تخصيب اليورانيوم. وتتهم القوى الغربية طهران بالسعي سرًا إلى تطوير قدرة نووية عسكرية، بينما تصر إيران على أن برنامجها مخصص حصرًا للأغراض المدنية.

توقيت حساس لمحور المقاومة الإقليمي

تأتي هذه التحركات في وقت حساس يواجه فيه "محور المقاومة" الذي أسسته إيران في المنطقة تحديات غير مسبوقة. فقد تعرضت حركة حماس في غزة وحزب الله في لبنان لضربات إسرائيلية عنيفة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023.

 كما استهدفت الولايات المتحدة مواقع للحوثيين في اليمن خلال الشهر الماضي. وسبق لإسرائيل أن وجهت ضربة موجعة للدفاعات الجوية الإيرانية في العام الماضي.

وأكدت الوكالة الدولية، أنه إضافة إلى ذلك، فإن تراجع نفوذ الرئيس السوري بشار الأسد، الحليف التقليدي لطهران، زاد من تآكل حضور إيران الإقليمي.

البيت الأبيض يتريث


وفي ظل هذا التصعيد، لم يصدر تعليق فوري من مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض بشأن تفاصيل المحادثات المرتقبة.

ويُجمع مراقبون على أن فرص نجاح المحادثات ما تزال غير واضحة، وسط تصعيد في الخطاب وغياب التنسيق العلني بين الطرفين، ما يعكس هشاشة المرحلة الحالية وصعوبة الوصول إلى اتفاق دائم يعالج جوهر الأزمة النووية الإيرانية.