قمة بروكسل الأولى بين الخليج وأوروبا.. ربع قرن من التعاون لتعزيز العلاقات الاستراتيجية

قمة بروكسل الأولى بين الخليج وأوروبا.. ربع قرن من التعاون لتعزيز العلاقات الاستراتيجية

قمة بروكسل الأولى بين الخليج وأوروبا.. ربع قرن من التعاون لتعزيز العلاقات الاستراتيجية
الاتحاد الأوروبي

تنطلق اليوم في العاصمة البلجيكية بروكسل القمة الأولى بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، لتكون تتويجًا لربع قرن من الشراكة والتعاون بين الكتلتين، تأتي هذه القمة في ظل ظروف دولية متغيرة تتطلب تعزيز الحوار والتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة؛ ما يعكس أهمية هذه الشراكة المتنامية بين الجانبين.

 

*تعزيز العلاقات*

 

تُعد القمة التي تُعقد اليوم بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي خطوة جديدة نحو تعزيز العلاقات المتينة التي تجمع بين الطرفين منذ توقيع اتفاقية التعاون في عام 1989.

 

تركز هذه القمة على توسيع وتعميق هذا التعاون عبر مناقشة قضايا حيوية تشمل التحديات الاقتصادية والاستراتيجية المشتركة. ومن بين أبرز المواضيع التي تتصدر أجندة القمة: التجارة والاستثمار، والطاقة، والاستدامة البيئية، والمناخ، والتواصل.

 

تأتي هذه القمة في وقت يشهد العالم تحديات اقتصادية وجيوسياسية متزايدة، وهو ما يبرز الحاجة إلى تعزيز الشراكات بين الأقاليم. ويعد مجلس التعاون الخليجي شريكًا جيوسياسيًا مهمًا للاتحاد الأوروبي، نظرًا لأهمية دول الخليج الاقتصادية والاستراتيجية.

*المحاور الرئيسية*

 

تركز القمة على 6 محاور رئيسية، تشمل التحديات العالمية والتعاون الاقتصادي والطاقة والمناخ والتواصل، يتطلع الاتحاد الأوروبي من خلال هذا اللقاء إلى تعزيز التعاون مع دول الخليج في مواجهة القضايا العالمية الملحة مثل التغير المناخي والأمن الغذائي والطاقة المتجددة. 

 

ويتوقع أن تشكل القمة منصة لتبادل الرؤى والخطط المشتركة لتحقيق الاستقرار والتنمية في هذه المجالات.

 

من المتوقع أيضًا أن يتناول الحوار بين الجانبين مسألة تعزيز التجارة والاستثمارات الثنائية، فالاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري الثاني لدول مجلس التعاون الخليجي بعد الصين، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين حوالي 170 مليار يورو في عام 2023، وفقاً لبيانات أوروبية حديثة.

 

بالإضافة إلى ذلك، تحتل دول الخليج مكانة استراتيجية في الاستثمارات الأوروبية، إذ تبلغ قيمة الاستثمارات الأوروبية في دول الخليج حوالي 180 مليار يورو حسب إحصائيات 2021.

 

*العلاقات بين أوروبا ومجلس التعاون*

 

ترتكز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي على اتفاقية التعاون الموقعة عام 1989، والتي أسست لحوار مستمر بين الطرفين في مجالات عدة، منها الاقتصاد، والطاقة، والتغير المناخي.

 

كما شهدت العلاقات تطوراً ملحوظاً مع إطلاق برنامج مشترك للفترة 2022-2027، يركز على تعزيز التعاون في مجالات مثل التحول الأخضر والمبادرات الإنسانية ومكافحة الإرهاب. هذا البرنامج تم تحديثه في أكتوبر 2023 ليشمل أنشطة وتعاونًا أعمق بين الجانبين.

 

في مايو 2022، أصدرت المفوضية الأوروبية بيانًا مشتركًا بعنوان "الشراكة الاستراتيجية مع الخليج"، والذي يهدف إلى تعزيز علاقات أكثر شمولاً واستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي. 

 

وفي خطوة مهمة لدفع هذه الشراكة إلى الأمام، تم تعيين لويجي دي مايو في يونيو 2022 كأول ممثل خاص للاتحاد الأوروبي في منطقة الخليج. "دي مايو" مكلف بتطوير شراكة أوسع وأقوى بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، وهو ما يتطلب استمرار التعاون الوثيق في العديد من الملفات.

*السياق العالمي وأهمية القمة*

 

تأتي هذه القمة في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية عالمية، تجعل من التعاون بين أوروبا والخليج ضرورة ملحة لمواجهة التحديات الدولية. تعد قضايا مثل تغير المناخ والطاقة المتجددة والأمن الإقليمي أبرز الملفات التي تهم الجانبين. 

 

ومن المتوقع أن يشكل هذا اللقاء نقطة انطلاق لتعزيز التعاون في المجالات الحيوية وتحديد استراتيجيات مشتركة لمواجهة التحديات المستقبلية.

 

من جانبهم، يرى مراقبون أن القمة ستشهد نقاشات خاصة بالقضايا الأمنية والسياسية، بما في ذلك تأثير النزاعات الإقليمية والتوترات في الشرق الأوسط على الاستقرار العالمي.

 

مؤكدين إن الاتحاد الأوروبي يعتبر دول مجلس التعاون الخليجي شريكًا هامًا في الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يعزز أهمية هذه القمة في ظل الأوضاع الراهنة.

 

*التبادل التجاري والاستثمار*

 

يعتبر التعاون التجاري والاستثماري بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي من أهم أركان هذه الشراكة. يحتل الاتحاد الأوروبي المرتبة الثانية كأكبر شريك تجاري لدول الخليج، بينما تعتبر منطقة الخليج تاسع أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي، وفقًا لبيانات 2022. 

 

وتلعب الاستثمارات الأوروبية دورًا حيويًا في دعم اقتصادات دول الخليج، خاصة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.

 

بالإضافة إلى ذلك، يُعد الاتحاد الأوروبي مصدرًا رئيسيًا للتكنولوجيا والخبرات في مجالات التحول الأخضر والطاقة المتجددة. ومع تزايد الحاجة إلى حلول مستدامة، من المتوقع أن يشكل التعاون بين الجانبين في هذا المجال أحد المحاور الرئيسية للقمة.

 

*ضرورة ملحة*

 

من جانبه، يقول د. طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة: إن قمة بروكسل الأولى بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي تمثل تحولًا استراتيجيًا هامًا في العلاقات بين الكتلتين.

 

ويرى فهمي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن هذه القمة تعكس مدى الوعي المتزايد بأهمية التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد والطاقة، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم اليوم، كما يشير إلى أن تعزيز الحوار بين الجانبين أصبح ضرورة ملحة لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة والتغير المناخي.

 

ويضيف د. طارق فهمي أن الاتحاد الأوروبي ينظر إلى دول الخليج كشريك استراتيجي أساسي في ظل تصاعد الأزمات العالمية مثل النزاعات الإقليمية والاضطرابات الاقتصادية.

 

 هذا التعاون، بحسب رأيه، لا يقتصر على المجالات الاقتصادية والتجارية فقط، بل يتجاوز ذلك ليشمل الأمن الإقليمي، حيث تلعب دول الخليج دورًا محوريًا في الحفاظ على الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.

 

يشدد فهمي على أن هذه القمة تشكل فرصة لتعميق العلاقات الثنائية، وتعزيز التعاون في قطاعات حيوية مثل الاستثمار والتكنولوجيا الخضراء. 

 

في ظل الظروف الحالية، يتوقع أن يسهم هذا التعاون في إيجاد حلول عملية للتحديات المتعلقة بالطاقة والتنمية المستدامة، مما يعزز مكانة كل من الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون في الساحة الدولية.