أزمة الوقود تهدد بوقف سير حياة اللبنانيين.. ما السبب؟

تضرب أزمة الوقود لبنان

أزمة الوقود تهدد بوقف سير حياة اللبنانيين.. ما السبب؟
صورة أرشيفية

أصبح انهيار لبنان هو الشغل الشاغل للتقارير الصحفية والدولية، ومع تفاقم أزمة الوقود في البلاد وانقطاع التيار الكهربائي وعودة الاحتجاجات إلى الشوارع، حذر كثيرون من الانهيار الكامل.

وكان قطاع الوقود هو الأكثر تضررا جراء الأزمة، وأوضحت علامات ذلك في كل شارع لبناني، فعلى سبيل المثال ينتظر اللبنانيون في مدينة دير زنون البقاعية بسياراتهم، بطوابير تصل لمئات الأمتار، لتعبئة ما لا يقل عن 20 لترا من مادة البنزين، وسط أزمة محروقات هائلة يعاني منها لبنان.

ويرجع اللبنانيون ذلك الانهيار وأزمة الوقود الصعبة إلى انهيار الكيان السياسي اللبناني وفرار سلطته السياسيّة أو تدميرها على الأقل.

كابوس المواطن اللبناني

وبحسب صحيفة "الإندبندنت"، فقد تجاوزت طوابير المواطنين في لبنان أمام محطات الوقود حدود الإذلال، وتحولت عملية ملء خزان السيارة بالوقود إلى كابوس يعيشه المواطن اللبناني، ويجعله عرضة لأشكال الاستغلال كلها.

وإلى جانب حالة التوتر التي يعيشها المواطن بسبب غياب الوقود، فقد اعتاد اللبناني في الفترة الماضية على أشكال مختلفة من الطوابير، بدءاً بالوقوف أمام البنوك مروراً بمتاجر الغذاء، وصولاً إلى الصيدليات والمستشفيات. 

طوابير الوقود تهدد سير الحياة 

وأصبحت الطوابير تتهدد سير الحياة العامة في لبنان، وتتفاقم أزمة الوقود يوما بعد يوم، ما يهدد بتحويل السيارات والدراجات النارية إلى مجرد قطع إكسسوار ساكنة في أماكنها.

أسعار الوقود كارثة جديدة 

فيما يصل ثمن صفيحة البنزين إلى 150 ألف ليرة لبنانية في حال رفع الدعم عنها، شرط ثبات الأسعار عالمياً واستقرار الدولار عند مستوى 13 ألف ليرة، بحسب تقديرات "الدولية للمعلومات".

تلك الأسعار وهذا الغلو يفتحان أبواب الجحيم على المواطن اللبناني، وخصوصا إذا تفلت سعر صرف الدولار من مستواه الحالي، واستمر ارتفاعه مقابل العملة الوطنية الليرة. 

غيث.. ضحية طوابير الوقود

تجاوزت أزمة الوقود في لبنان حد الطوابير والانتظار، ففي عكار دفع الشاب غيث المصري، ٢٣ عاما، حياته ثمنا لطوابير انتظار الوقود، عندما أطلق عليه شابان الرصاص في محطة الوقود التي يمتلكها والده.
 
وبحسب التقارير، جاءت عملية القتل بعدما رفض الشاب ملء صهريج عائد لقاتليه اللذين يبيعان الكميات المشتراة في السوق السوداء.

في أعقاب الجريمة، تحولت المدينة الواقعة في شمال لبنان، إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، مع بدء مراسم الدفن ظهر الاثنين 17 مايو، وقد خيم الحزن على البلدة والمحيط، مع سماع رشقات أسلحة آلية. 

فيما أعلنت عائلة الشاب القتيل عدم تلقيها العزاء، وطالب عمه المحامي مأمون المصري، بالقصاص من القتلة، مؤكداً عبر صفحته على "فيسبوك" أن حق العائلة هو عند كل من شارك بهذه الجريمة من مخطط ومراقب ومشارك، "وخصوصاً عند من اتخذ القرار بقتل غيث بدم بارد".

تأخر الاعتمادات

ويرى ممثل تجمع توزيع المحروقات، فادي أبو شقرا، أن "حل مشكلة شح البنزين هو تسليم الشركات الكميات الكافية من البنزين إلى المحطات، مرجعًا السبب الأساسي للمشكلة إلى عدم صرف مصرف لبنان للاعتمادات.

سوق سوداء

وازدهرت السوق السوداء في ظل إقفال محطات الوقود، فانتشرت ظاهرة بيع البنزين في بعض الشوارع بأسعار مرتفعة، وابتزاز المواطن المحتاج إلى الوقود لبلوغ مركز عمله أو العودة إلى منزله. 

ويقوم الباعة بملء "جالونات" بلاستيكية سعة 10 لترات والمُعدة أصلاً للمياه، ويتم نشرها على حافة الطرقات العامة. ويتولى الصبية بيعها لحساب أشخاص بعينهم.

وتبيع الصبية المواطن بمبلغ 35 ألف ليرة لبنانية وما فوق ثمناً للجالون الواحد، أي ضعف الثمن الرسمي. وهو مبلغ يساوي تقريباً التسعيرة النظامية لصفيحة البنزين.

أزمة مركبة.. عودة المدارس

وتزيد أزمة الوقود صعوبة على اللبنانيين مع بدء تطبيق إستراتيجية العودة الحضورية إلى التعليم، فقد امتنع عدد كبير من المعلمين في القطاع الرسمي عن الحضور بسبب انقطاع البنزين. 

كما امتنع بعض الأهالي عن إرسال أبنائهم، فلم يلتزم بعض الأهالي بالعودة بسبب ارتفاع تسعيرة الباصات الخاصة بالمدارس في ظل ارتفاع أسعار المحروقات وعدم توافرها، وانتشرت صورة لتقرير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أرسله أحد الأهالي إلى مديرة مدرسة أبنائه، قال فيه إنه غير قادر على توصيل أبنائه بسبب انقطاع مادة البنزين من محطات المحروقات. 

وبطبيعة الحال، تأثر قطاع النقل العام بسبب شح البنزين، ما هدد استمرارية سائقي التاكسي والنقل العام. 

طليس يكشف أبعاد أزمة الوقود

وأعرب بسام طليس، رئيس اتحاد النقل البري، في تصريحات صحفية عدة، عن تخوفه من المستقبل، قائلا: إن "سائق التاكسي يُعاني،  فمهنته متصلة مباشرة بتوفر الوقود".

 وأشار طليس إلى محاولة اتحادات النقل البري تجنب رفع التعريفة لأنها تؤثر على عامة الناس، وتحديداً الفقراء الذين تدهورت قيمة دخلهم بسبب الانهيار الكامل في لبنان. 

ويرى طليس، أن الحل البديل يكون عبر "دعم صفيحة البنزين والمازوت لسائقي النقل البري"، وثانياً  "بدل خسائر عن قطع الغيار والصيانة".

كما كشف رئيس اتحاد النقل البري عن لقاءات  مع ممثلي الحكومة لأجل "اعتماد بطاقة تمويلية للسائقين، أسوةً بباقي المواطنين اللبنانيين المحتاجين"، و"إقرار عدد محدد من صفائح البنزين المدعومة للسائقين العموميين"، لافتا إلى أن تلك المباحثات توصلت إلى تحديد العدد والمستحقين. 

 حزب الله يريد هذا الوضع

وفي  صحيفة "النهار" اللبنانية، يرى فارس خشان، أنه لا حل لأزمات لبنان، قائلا إن مستقبل لبنان "يُقرّره 'حزب الله' المرتاح إلى وضعيته الراهنة، فهو يمسك بناصية القرار اللبناني، والجميع يلهثون وراء رضاه".

ويختتم مقاله بالقول: "ثمة وسيلة واحدة يمكن أن تنفع، وهي إظهار المجتمع الدولي، بما لا يقبل أدنى شك، أنه لا يتحدث بلغتين، واحدة مضمرة تشجع على 'النوم مع الشيطان'، وثانية معلنة تنال ممّن لا حول لهم ولا قوة من اللبنانيين.