مستقبل العمل في ظل الذكاء الاصطناعي: بين المخاوف والحلول
مستقبل العمل في ظل الذكاء الاصطناعي: بين المخاوف والحلول
تتسارع تطورات الذكاء الاصطناعي بوتيرة مذهلة، ما يدفع الكثيرين للتساؤل عن مستقبل وظائفهم في ظل هذا التقدم. في سياق هذه المخاوف، رسم الملياردير إيلون ماسك سيناريو مخيف لمستقبل البشرية، متوقعًا أن يستولى الذكاء الاصطناعي على جميع الوظائف، وليس فقط نصفها كما يعتقد البعض، هذه الرؤية ليست حكرًا على ماسك، حيث يشاركها أيضًا الرئيس السابق لغوغل في الصين.
فهل حقًا سنتخلى عن وظائفنا؟ وما الحلول المتاحة لمواجهة هذا التحدي؟
*توقعات ماسك والمخاوف العالمية*
إيلون ماسك، المدير التنفيذي لتسلا، وأحد أبرز الأسماء في مجال التكنولوجيا، أعرب عن قلقه من أن الذكاء الاصطناعي سيجعل الوظائف اختيارية، مشيرًا إلى أن جميع الوظائف قد تختفي في المستقبل القريب.
هذا التصور ليس بعيدًا عن رؤية الرئيس السابق لغوغل في الصين، الذي يعتقد أيضًا أن الذكاء الاصطناعي سيستولي على نسب كبيرة من وظائفنا خلال السنوات القليلة المقبلة.
هذه التوقعات تثير قلق العديد من الناس حول العالم، الذين يتساءلون عن مصيرهم المهني في ظل هذه التحولات التكنولوجية الجذرية.
*نظرية الدخل الأساسي*
في ظل هذه المخاوف، يقترح البروفيسور جيوفري هينتون، أحد أبرز عرابي الذكاء الاصطناعي، حلاً يتمثل في تطبيق نظرية الدخل الأساسي الشامل.
يعتقد هينتون أن الدفع النقدي الثابت لجميع المواطنين يمكن أن يكون حلًا قابلًا للتطبيق لمعالجة الاضطراب الاقتصادي الناجم عن تقدم الذكاء الاصطناعي.
هذه النظرية تقترح توفير دخل ثابت للمواطنين بغض النظر عن حالتهم الوظيفية، مما يساعد في تخفيف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة نتيجة فقدان الوظائف.
*لا يمكن استبدال البشر*
من جانبه، عبر الدكتور زياد الصرايرة، خبير الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، عن أن هناك بعض المجالات التي سيظل فيها الذكاء الاصطناعي غير قادر على استبدال البشر، مثل القضاء.
وأوضح، أن التوجه نحو الذكاء الاصطناعي أصبح أساسيًا في علوم الحاسوب وهندسة البرمجة، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي سيظل بحاجة إلى أشخاص لأجل البرمجة ومتابعة التطورات، إضافة إلى تجميع البيانات.
وأضاف: أن العمل ليس فقط من أجل المال، بل لتحقيق الذات، وهو أمر لا يمكن أن تحققه الروبوتات، وأكد أن الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى ارتفاع نسب الأمراض النفسية والاكتئاب، مشددًا على أهمية العمل في تحقيق لذة الحياة والإنتاجية وتقديم الخير للآخرين.
*العمل البشري في ظل التطور التكنولوجي*
من جانبه، يقول الدكتور محمد عزام، خبير أمن المعلومات: إن التحدي الحقيقي الذي يواجه البشرية اليوم هو كيفية التكيف مع التقدم التكنولوجي السريع دون التضحية بالجوانب الإنسانية والاجتماعية للعمل.
وتابع في حديثه لـ"العرب مباشر": العمل ليس مجرد وسيلة لكسب المال، بل هو جزء أساسي من هوية الإنسان ووسيلة لتحقيق الذات والمساهمة في المجتمع.
وأضاف، رغم تقدم الذكاء الاصطناعي، ستظل هناك مجالات تحتاج إلى اللمسة البشرية، مثل القضاء والتعليم والرعاية الصحية، حيث لا يمكن للآلات أن تحل محل التفاعل البشري والتفكير النقدي.
*مخاطر تطوير الذكاء الاصطناعي*
في حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية في سان فرانسيسكو، عبر غاري ماركوس عن رأيه بأن السيناريوهات المتعلقة بانقراض البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي ليست واقعية في الوقت الحالي. وأوضح ماركوس، الذي قدم إلى كاليفورنيا لحضور مؤتمر، أنه ليس قلقًا جدًا بشأن هذه المخاطر المحددة، ولكنه يشعر بالقلق من تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي قد تفلت من السيطرة البشرية.
*تحذيرات ودعوات لتعليق التطوير*
في مارس الماضي، كان ماركوس من بين موقعي الرسالة التي نشرتها مئات الخبراء، مطالبين بتعليق تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي فائقة القوة مثل "تشات جي بي تي" لمدة 6 أشهر.
كانت هذه الدعوة تهدف إلى ضمان أن تكون البرامج المطروحة للاستخدام موثوقة، آمنة، شفافة، وموائمة للقيم البشرية.
ومع ذلك، لم يوقع ماركوس على الإعلان المقتضب الذي أصدرته مجموعة من كبار رجال الأعمال والخبراء هذا الأسبوع، والذي دعا إلى التصدي لمخاطر انقراض البشرية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
أثار النجاح الهائل لبرنامج "تشات جي بي تي"، الذي طورته شركة "أوبن إيه آي"، سباقًا بين شركات التكنولوجيا العملاقة لتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي.
هذا السباق صاحبته الكثير من التحذيرات والدعوات إلى وضع ضوابط لهذا المجال، وعلق ماركوس على هذا قائلاً: "إن كنتم مقتنعين فعليًا بأن هناك خطرًا وجوديًا، فلماذا تعملون على ذلك بالأساس؟ هذا سؤال منطقي".
وأضاف: أن انقراض الجنس البشري مسألة معقدة، وأن هناك دائمًا من سينجو. لكنه أشار إلى وجود سيناريوهات أكثر مصداقية يمكن أن يتسبب فيها الذكاء الاصطناعي بأضرار هائلة.
أكد ماركوس أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتسبب بأضرار كبيرة مثل التلاعب بالأسواق المالية أو إثارة صراعات دولية غير مقصودة قد تتطور إلى حروب نووية.
هذه المخاطر تتطلب تحركًا عاجلًا لضمان أن تكون التكنولوجيا تحت السيطرة البشرية، وأن تستخدم بشكل يضمن السلامة العامة.