الجارديان تكشف جرائم نتنياهو في غزة.. رفض توزيع المساعدات على المدنيين
الجارديان تكشف جرائم نتنياهو في غزة.. رفض توزيع المساعدات على المدنيين

بعد مرور يومين على إعلان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، ما تزال إسرائيل تمنع وصول المواد الغذائية إلى الفلسطينيين الذين يعانون من الجوع، بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة، في الوقت الذي صرّح فيه زعيم حزب "الديمقراطيين"، وهو حزب يسار الوسط في إسرائيل، بأن بلاده تتحول إلى دولة منبوذة تقتل الأطفال كهواية، وذلك وفقًا لما نقلته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
غير مسموح بتوزيع المساعدات التي تدخل القطاع على المدنيين
وفي هذا السياق، كشف ينس لاركي، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA)، في مؤتمر صحفي عقده في جنيف، أن 5 شاحنات فقط من المساعدات الإنسانية وصلت إلى قطاع غزة حتى ظهر أمس الثلاثاء، مشيرًا أن العاملين في مجال الإغاثة لم يُمنحوا الإذن بعد بتوزيع هذه الشحنة الرمزية على المدنيين بعد.
وأوضح لاركي، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية وافقت على دخول "حوالي 100" شاحنة إضافية، إلا أنها لم تسمح لها حتى الآن بعبور الحدود.
وبيّن أن هذه الكمية تبقى ضئيلة جدًا مقارنةً بما كان يدخل غزة قبل الحرب، حيث كانت تصل نحو 500 شاحنة يوميًا في فترة كان فيها السكان يتلقون الغذاء بانتظام.
من جانبها، زعمت جهات إسرائيلية مسؤولة عن تنسيق دخول المساعدات إلى غزة إن 93 شاحنة دخلت القطاع يوم الثلاثاء، إلا أنها لم ترد على أسئلة تتعلق بما إذا كان قد تم التصريح بتوزيع المواد الغذائية والأدوية التي كانت تحملها تلك الشاحنات.
ويأتي هذا الوضع في وقت يشهد القطاع أزمة إنسانية خانقة، وسط مخاوف متزايدة من حدوث مجاعة جماعية، ما أثار موجة غضب دولية وفرض ضغوط دبلوماسية مكثفة على رئيس الوزراء الإسرائيلي للسماح بوصول الغذاء إلى أكثر من مليوني شخص محاصرين في القطاع.
نتنياهو يعلن إنهاء الحصار بسبب "أزمة الجوع"
في تصريح أدلى به مساء الأحد، أعلن بنيامين نتنياهو إنهاء الحصار على غزة، مشيرًا أن استمرار أزمة الجوع قد يُلحق ضررًا بصورة إسرائيل على المستوى العالمي.
لكن على أرض الواقع، لم تظهر أي مؤشرات ملموسة على تخفيف الحصار أو تحسن الوضع الإنساني في القطاع بعد هذا الإعلان، وهو ما دفع مراقبين إلى التشكيك في جدية القرار الإسرائيلي.
دولة منبوذة
في هذا السياق، قال يائير غولان، رئيس حزب "الديمقراطيين" المعارض، والذي شغل سابقًا منصب نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: إن حملة الحكومة الإسرائيلية على غزة كانت وحشية بلا مبرر، وأن الضرر الذي ألحقته بصورة إسرائيل الدولية قد وقع بالفعل.
وفي تصريحات لراديو "ريشيت بيت"، شبّه غولان سياسة حكومة نتنياهو بوضع جنوب أفريقيا خلال فترة الفصل العنصري، وقال: "الدولة العاقلة لا تحارب المدنيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تضع تهجير السكان كهدف لها".
وردًا على هذه التصريحات، شن نتنياهو هجومًا حادًا على غولان، واصفًا تصريحاته بأنها "افتراءات دموية معادية للسامية موجهة ضد جنود الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل"، إلا أن غولان لم يتراجع، بل كرر موقفه في مؤتمر صحفي لاحق، مؤكدًا أن الحرب على غزة بدأت كحرب عادلة لكنها تحوّلت لاحقًا إلى حرب فاسدة.
وأضاف غولان، أن قوى اليسار في إسرائيل كانت خائفة من التعبير عن مواقفها، وأنه كان ينبغي عليها التنديد بما يحدث بصوت أعلى.
قمع داخلي للمحتجين على معاناة الفلسطينيين
داخل إسرائيل، ركزت المعارضة اليهودية في معظم فترات الحرب على فشل الحكومة في إعادة الرهائن، أو على الطريقة التي تُدار بها الحملة العسكرية، بدلًا من التركيز على أعداد القتلى في غزة أو معاناة السكان هناك من الجوع والدمار.
أما القلة القليلة التي وجهت انتقادات علنية لممارسات الجيش الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، فقد تعرضت للملاحقة من قبل وزارة الأمن القومي التي يقودها اليميني المتطرف إيتمار بن غفير.
فقد اعتقلت الشرطة، يوم الإثنين، عددًا من النشطاء المناهضين للحرب خلال تظاهرة قرب الحدود مع غزة، كانوا يحملون صورًا لأطفال فلسطينيين قُتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية. وتم احتجازهم طوال الليل، ثم أُطلق سراحهم لاحقًا بشرط الإقامة الجبرية.
وكان من بين المعتقلين ألون-لي غرين، المدير المشارك لحملة "نقف معًا"، وهي حركة يهودية-عربية مشتركة تسعى لبناء تعاون فلسطيني- إسرائيلي.
وأصدرت الحركة بيانًا شديد اللهجة قالت فيه: "في حين يُسحب المتظاهرون السلميون إلى المحاكم، يُسمح للمستوطنين اليمينيين المتطرفين بدخول غزة بصورة غير قانونية، وشنّ هجمات على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتنظيم مؤتمرات استيطانية على حدود غزة دون أي محاسبة؛ مما يكشف عن معيار مزدوج خطير في استخدام الدولة للقوة".
كارثة إنسانية تتفاقم في الداخل
وفي غزة، يواصل التصعيد العسكري الإسرائيلي، جوًا وبرًا، تعميق الكارثة الإنسانية. فقد أفادت وزارة الصحة في غزة بأن الغارات الجوية الإسرائيلية يوم الثلاثاء أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 85 شخصًا، بينهم 22 قتيلًا سقطوا في قصف استهدف منزلًا عائليًا ومدرسة تُستخدم كمأوى في شمال القطاع، وكان أكثر من نصف الضحايا من النساء والأطفال.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء شاملة لكل المناطق الوسطى من مدينة خان يونس، ثاني أكبر مدن القطاع، معتبرةً إياها "منطقة عمليات قتالية"، وطالبت السكان المُرهقين والجوعى بإخلائها والنزوح مجددًا.
ويُذكر أن الغالبية العظمى من سكان القطاع اضطروا إلى النزوح أكثر من مرة منذ بداية الحرب في محاولات متكررة للفرار من القصف الإسرائيلي، رغم أن أي منطقة في غزة لم تكن في مأمن من الغارات.
أكثر من 53 ألف قتيل نصفهم من المدنيين
بحسب بيانات الأمم المتحدة، تجاوز عدد القتلى جراء الغارات الإسرائيلية في غزة 53 ألف شخص، يشكل المدنيون أكثر من نصف هذا العدد. وذكرت هيئة "الأمم المتحدة للمرأة" هذا الأسبوع أن من بين القتلى أكثر من 28 ألف امرأة وطفل.
ورغم حجم الكارثة، يظل الخطاب العام داخل إسرائيل مُنصبًا على فشل الحكومة في استعادة الرهائن أو على أداء الجيش في ساحة المعركة، بينما لا تحظى معاناة الفلسطينيين ولا أعداد القتلى المدنيين بأي اهتمام يُذكر.
وتشير كل هذه المعطيات إلى أن الحرب في غزة، التي بدأت بحجة مواجهة هجمات حماس، تحولت إلى أزمة سياسية وأخلاقية تهدد بإغراق إسرائيل في عزلة دولية غير مسبوقة.