تشهد إيران موجة غير مسبوقة من الأزمات المتراكمة التي تضرب أركان النظام من الداخل والخارج. من فشل المفاوضات النووية، إلى اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية، وصولًا إلى تزايد العزلة الدولية، يبدو أن نظام ولاية الفقيه بات محاصرًا في زاوية الانسداد الاستراتيجي، وسط دعوات متصاعدة لإنهاء سياسة "المسايرة" الغربية التي مكّنته لعقود.

انهيار المفاوضات النووية.. طهران تصطدم بالحائط

في تطور عكس فشل الرهانات الدبلوماسية، أفادت وكالة "رويترز" بانسحاب المبعوث الأميركي "ويتكاف" من محادثات طهران، نتيجة تمسك النظام الإيراني بخياراته المتشددة في ملف تخصيب اليورانيوم.

كما اعترفت صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد الأعلى بشكل غير مباشر بانسداد الأفق، ملقية اللوم على ما سمّته "تنسيقاً خفياً" بين واشنطن وتل أبيب، في إشارة إلى فشل الرهان الإيراني على تنازلات دولية.

مفاوضات إيران وأمريكا في روما

في ظل تصاعد الضغوط الدولية على النظام الإيراني، شهدت العاصمة الإيطالية روما جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة حول الملف النووي. 

وحسب التقرير، فإن هذه الجولة، التي جرت بوساطة عمانية، أتت في وقت حرج بالنسبة للنظام الإيراني، إذ تتزايد عزلة طهران سياسياً مع تنامي الدعم البرلماني الدولي للمقاومة الإيرانية، خاصة بعد قرارات وبيانات قوية صادرة عن الكونجرس الأمريكي، والبرلمان البريطاني، والبرلمان الإيرلندي، والتي أكدت جميعها على ضرورة محاسبة النظام ودعم تطلعات الشعب الإيراني للتغيير الديمقراطي.

نقاط الخلاف الجوهرية في المفاوضات

رغم ما وصفه الوسطاء بـ"تقدم نسبي"، انتهت المفاوضات دون التوصل إلى اتفاق نهائي أو تحقيق اختراق حاسم في القضايا الجوهرية، ما يزال الخلاف الأساسي يدور حول ملف تخصيب اليورانيوم، حيث تصر إيران على حقها في مواصلة التخصيب وتعتبر ذلك خطاً أحمر، بينما تواصل الولايات المتحدة الضغط من أجل وقف كامل لهذا البرنامج كشرط لأي اتفاق مستقبلي.

 وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أكد أن النقاشات معقدة للغاية وأن الأفكار التي قدمها الوسطاء لم تردم الفجوة بين الطرفين بعد.

من جهته، وصف رئيس الوفد الأمريكي المحادثات بأنها "بناءة"، لكنه شدد على أن واشنطن لن توافق على أي اتفاق ما لم يتم حل قضية التخصيب بشكل نهائي. 

اللافت، أن الوفد الأمريكي عقد قبل بدء المفاوضات لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين، في إشارة إلى التنسيق الوثيق بين واشنطن وتل أبيب في هذا الملف.

ايران تواجه عزلة سياسية متزايدة 

وقال الباحث السياسي والخبير في الشأن الإيراني سنا برق زاهدي: إن النظام الإيراني يشهد عزلة سياسية متزايدة، حيث أقر مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة قرارًا يدعم تطلعات الشعب الإيراني لتغيير ديمقراطي ويؤيد خطة المقاومة الإيرانية ذات العشر نقاط. 

وأضاف زاهدي -في تصريحات-: أن هذه المواقف الدولية تعكس تحوّلاً نوعيًا في السياسة الغربية تجاه النظام الإيراني، وتضعه في موقف ضعف غير مسبوق على الصعيدين الداخلي والخارجي.

وتابع رغم الأجواء الإيجابية النسبية وبعض المقترحات التي قدمها الوسطاء العمانيون، ما تزال المفاوضات تدور في حلقة مفرغة بسبب تمسك كل طرف بخطوطه الحمراء، خاصة فيما يتعلق بملف التخصيب.