من يدعم ياسر أبو شباب؟ قصة ميليشيا تتحدى حماس وتخاطب السلطة
من يدعم ياسر أبو شباب؟ قصة ميليشيا تتحدى حماس وتخاطب السلطة

في جنوب قطاع غزة، وتحديدًا في رفح الخاضعة بالكامل للسيطرة الإسرائيلية، يبرز اسم ياسر أبو شباب كلاعب غامض في مشهد معقد يختلط فيه العنف بالسياسة، والتنسيق الأمني بالاتهامات بالخيانة، ليس مجرد قائد ميليشيا مسلحة، بل شخصية مثيرة للجدل تدعي الارتباط بالسلطة الفلسطينية، وتعترف بتواصلها مع الجيش الإسرائيلي، وتدعو إلى "اجتثاث حماس" حتى آخر عنصر، بين ما يقوله الرجل عن دعم السلطة، وما تكشفه وسائل الإعلام الإسرائيلية عن دعم مباشر من حكومة نتنياهو، تتجلى ملامح مشروع ميداني خطير لإعادة رسم موازين القوى في غزة، بعيدًا عن المؤسسات الفلسطينية التقليدية، فمن هو ياسر أبو شباب، وما حقيقة مشروعه المسلح في منطقة رفح، ولماذا تصمت السلطة الفلسطينية إزاء هذه التصريحات المتفجرة، بينما تتوعده حماس بالملاحقة والمحاكمة؟
دعم السلطة
في تطور ميداني يحمل دلالات سياسية بالغة، خرج ياسر أبو شباب، قائد مجموعة مسلحة تُعرف باسم "القوات الشعبية" في جنوب قطاع غزة، بتصريحات غير مسبوقة زعم فيها تلقي دعم من السلطة الفلسطينية، وذلك بعد يوم واحد فقط من اعترافه بتنسيق مباشر مع الجيش الإسرائيلي.
في مقابلة أجراها مع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، قال أبو شباب: إن علاقته مع السلطة الفلسطينية بدأت منذ انطلاق مجموعته، مؤكدًا أن مستشار الرئيس محمود عباس، القاضي محمود الهباش، كان أول من أبدى دعمه لفكرته.
وعلى الرغم من أن حديثه يأتي في سياق حرج، حيث تُتهم مجموعته بالخيانة والعمل لحساب جهات معادية، فإن أبو شباب حاول تقديم نفسه كمشروع "مكافحة إرهاب" بديل لحركة حماس، معتبرًا أن نهايتها وشيكة.
ورغم تمركز قواته في منطقة تخضع بالكامل للجيش الإسرائيلي، حاول أبو شباب التخفيف من وطأة تصريحاته، قائلاً: إن مجموعته تنسق فقط من أجل تنفيذ مهام ميدانية محددة دون أن تكون جزءًا من الجيش الإسرائيلي.
لكنه عاد ليؤكد في تصريح آخر لهيئة البث الإسرائيلية، أن مجموعته تتلقى مساعدات لوجستية ومالية من عدة أطراف، ويرفض الإفصاح عن هويتها.
دعم عسكري إسرائيلي
التصريحات أثارت عاصفة من الجدل، خاصة أن إسرائيل نفسها أقرت عبر تقارير رسمية بأنها سلّحت مجموعة أبو شباب بأسلحة خفيفة من نوع كلاشينكوف، بناءً على توصية من جهاز "الشاباك"، وبتوجيه مباشر من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو دون علم مجلس الوزراء.
وأشارت المصادر ذاتها، أن إسرائيل تعكف على تكرار "نموذج أبو شباب" في مناطق أخرى داخل غزة، بهدف استنزاف حماس وإضعاف سلطتها الميدانية.
رد فعل حماس
من جهتها، لم تقف حماس مكتوفة الأيدي، إذ أصدرت بيانًا دعت فيه أبو شباب إلى تسليم نفسه خلال مهلة لا تتجاوز عشرة أيام بدأت في الثاني من يونيو.
التهم التي وُجهت إليه تتراوح بين التخابر مع العدو، وتشكيل عصابة مسلحة، مرورًا بالخيانة والعصيان المسلح، ويقول مراقبون: إن حماس تتعامل مع هذه القضية باعتبارها اختبارًا لهيبتها الميدانية، خصوصًا في مناطق نفوذها المتراجعة جنوبي القطاع.
في المقابل، يلف الغموض موقف السلطة الفلسطينية التي لم تُصدر أي تعليق رسمي بشأن تصريحات أبو شباب، لا بالتأكيد ولا بالنفي؛ مما يفتح باب التكهنات حول مدى صحة ادعاءاته.
صمت رام الله يمكن قراءته على أكثر من مستوى: فإما أن الرجل يكذب بهدف التغطية على علاقته بتل أبيب، أو أن السلطة بالفعل تراهن على مجموعات مسلحة جديدة كأداة نفوذ بديلة في غزة ما بعد حماس.
وبين هذا وذاك، يشير مراقبون إلى أن المشروع الإسرائيلي الظاهر في دعم "القوات الشعبية" قد يكون امتدادًا لخطة أوسع تقوم على تمكين فصائل ميدانية صغيرة لا تتبع فصائل تقليدية، لضمان بقاء حالة الانقسام الداخلي، وإحلال "أمن وظيفي" يخدم مصالح الاحتلال.
وفي هذا السياق، فإن أي دعم تتلقاه هذه الميليشيات سواء من تل أبيب أو من أطراف فلسطينية يعكس خللًا خطيرًا في المشهد السياسي الفلسطيني.
ويرى مراقبون، أن ما يجري في رفح ليس حدثًا عابرًا، بل مؤشر إلى تغيرات عميقة قد تشهدها غزة خلال الشهور المقبلة، خصوصًا في ظل الحديث الإسرائيلي عن سيناريوهات ما بعد الحرب، واحتمال تشكيل إدارة محلية "من أبناء غزة" لا ترتبط لا بحماس ولا بالسلطة.