البنية التحتية في غزة تنهار تحت وطأة العدوان.. حياة 2 مليون فلسطيني في خطر
البنية التحتية في غزة تنهار تحت وطأة العدوان.. حياة 2 مليون فلسطيني في خطر
تشهد غزة أوضاعًا مأساوية تتفاقم يومًا بعد يوم نتيجة للدمار الذي خلّفه العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع. شبكات الصرف الصحي، المياه، والكهرباء تعرضت لأضرار جسيمة، مما يهدد حياة ما يقرب من مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع المكتظ، تقرير بلدية غزة يشير إلى أن نحو 165 ألف متر من شبكات المياه والصرف الصحي تضررت بشكل كامل، مما يعرّض المدينة لخطر صحي وبيئي شديد، في الوقت ذاته، يعاني السكان من إنعدام الكهرباء و المياه الصالحة للشرب، ما يجعل الأزمة الإنسانية أكثر حدة، رغم الجهود المبذولة من الطواقم المحلية لإجراء إصلاحات طارئة، فإن القطاع يواجه أزمة كبيرة قد تتفاقم في حالة عدم التدخل العاجل من قبل المجتمع الدولي، إضافة إلى ذلك، أدانت جهات دولية، مثل كندا والأمم المتحدة، الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت البنية التحتية المدنية، مشددة على ضرورة وقف هذه الإعتداءات بشكل فوري.
*دمار شبكات الصرف الصحي والمياه*
في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، أكد المهندس عاصم النبيه، مدير العلاقات العامة ببلدية غزة، أن المدينة تواجه كارثة حقيقية في شبكات الصرف الصحي والمياه. نحو 165 ألف متر من الشبكات المتضررة تؤثر بشكل مباشر على قدرة المدينة على تصريف مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي.
وأضاف النبيه، في تصريحات صحفية، أن الوضع الحالي ينذر بمخاطر بيئية وصحية جسيمة، حيث تضررت مضخات الصرف الصحي الثمانية التي تخدم المدينة، مما يهدد بحدوث فيضانات غزيرة قد تؤدي إلى غرق مناطق سكنية.
و أوضح النبية، إن واحدة من أكبر المخاطر التي تواجه المدينة هي بركة الشيخ رضوان، التي تعتبر أحد أبرز نقاط تجميع مياه الأمطار.
هذه البركة ممتلئة حالياً بمياه الصرف الصحي بسبب الأضرار التي لحقت بالخط الرئيسي الناقل إليها، مما يزيد من احتمالية طفحها وغمر المناطق المجاورة بمياه ملوثة.
*جهود محلية*
رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الطواقم المحلية لإصلاح الأضرار، إلا أن الصيانة التي تمت حتى الآن تعد مؤقتة وأولية في ظل نقص المعدات والوقود اللازم لتشغيل المضخات والمحطات.
بلدية غزة ناشدت الجهات الدولية مراراً وتكراراً لتوفير المستلزمات الضرورية لإصلاح الشبكات المتضررة، ومع تأخر دخول هذه المساعدات، تتفاقم الأزمة، مما يهدد بتعطيل الحياة بشكل شبه كامل في المدينة.
الخطط القائمة لصيانة الخط الرئيسي الناقل إلى بركة الشيخ رضوان تواجه صعوبات كبيرة بسبب عدم توفر الأدوات اللازمة، ومع اقتراب موسم الأمطار، تزداد المخاوف من أن أي تأخير إضافي قد يؤدي إلى كارثة بيئية، ما يهدد حياة المواطنين بشكل مباشر.
*الهجمات الإسرائيلية*
إلى جانب الأضرار التي لحقت بشبكات الصرف الصحي والمياه، تسببت الهجمات الإسرائيلية في تدمير واسع النطاق للبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمرافق العامة، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، وصف حجم الدمار في غزة بأنه "غير مسبوق"، حيث دُمرت 67% من البنية التحتية بالكامل، بما في ذلك منشآت تابعة للوكالة كانت تأوي مئات المدنيين الفارين من النزاع.
لازاريني أشار أيضاً إلى أن الحرب المستمرة منذ أكثر من عام ألحقت أضراراً بالغة بجهود الإغاثة الإنسانية، مؤكداً أن الأونروا فقدت 229 من أفراد طاقمها في القطاع، مما يفاقم من الصعوبات التي تواجهها الوكالة في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.
في السياق ذاته، تسببت غارة إسرائيلية، إلى مقتل 4 مهندسين مختصين في البنية التحتية كان يعملون على توصيل المياه في قطاع غزة لصالح منظمة إنسانية، وبحسب "آيه بي سي نيوز" فقد دعت منظمة أوكسفام، وهي اتحاد غير ربحي يمثل 21 منظمة غير حكومية، إلى إجراء تحقيق مستقل بعد مقتل 4 مهندسين مياه في بلدة شرق خان يونس بغزة أثناء توجههم لإصلاح البنية التحتية للمياه.
وفقا لأوكسفام: "كان المهندسون يعملون لصالح منظمة شريكة لأوكسفام وكانوا قد نسقوا مع السلطات الإسرائيلية للقيام بالعمل"، وذكرت المنظمة أنه "على الرغم من التنسيق المسبق مع السلطات الإسرائيلية، تم قصف مركبتهم التي تحمل علامات واضحة".
وكانت الأمم المتحدة قد مولت إنشاء محطة كبيرة لتوليد المياه في خان يونس والتي تأسست في 2017 لتوفير مياه الشرب لمناطق في دير البلح وخان يونس، وكذلك في المواصي، حيث نزح العديد من سكان غزة بسبب الحرب.
*غضب دولي*
في سياق متصل، أصدرت كندا بياناً أدانت فيه الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية المدنية في غزة، معبرة عن قلقها المتزايد بشأن الوضع الإنساني. ورغم دعمها للحملة العسكرية الإسرائيلية في البداية، بدأت كندا وحلفاء آخرين بالتعبير عن استيائهم من التدهور السريع للوضع الإنساني، خاصة مع تراجع المساعدات الدولية الموجهة إلى القطاع.
وأكدت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي ووزير التنمية الدولية أحمد حسين في بيانهما المشترك، أن الهجمات التي تستهدف المنشآت المدنية غير مقبولة ويجب أن تتوقف فوراً.
كما دعوا إلى وقف إطلاق النار الفوري بين الأطراف المتنازعة، محذرين من أن استمرار العمليات العسكرية سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من معاناة الفلسطينيين الذين يفتقرون إلى الاحتياجات الأساسية.
*انهيار كامل*
ووفقاً لتقارير الأونروا، فإن أكثر من نصف سكان غزة يعانون من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، حيث إن تدمير أنابيب المياه الرئيسية وعدم قدرتها على الصيانة يهدد حياة الآلاف، خاصة الأطفال.
كما أن تفشي الأمراض مثل شلل الأطفال، الذي كان قد تم القضاء عليه في غزة قبل 25 عاماً، عاد إلى الظهور بشكل خطير، مما يزيد من التحديات الصحية التي يواجهها القطاع.
من جانبه، يقول أيمن شاهين، 38 عامًا من سكان حي الزيتون في غزة، الحياة هنا أصبحت أقرب للجحيم، منذ أن تم تدمير خطوط الكهرباء والمياه في منطقتنا، ونحن نعيش في ظروف لا تُطاق.
وتابع في حديثه لـ"العرب مباشر"، الحصول على ماء نظيف للشرب أصبح أمرًا شبة مستحيل، الأطفال يعانون بشكل أكبر، وأنا كأب أشعر بالعجز التام.
وأضاف شاهين، اعتدنا الحياة بدون كهرباء، ونعتمد على الشموع، حيث أصبحت المولدات بلا فائدة بسبب نقص الوقود، موضحًا، الأوضاع الصحية خطيرة، حيث إن مياه الصرف الصحي تتدفق في الشوارع بسبب تدمير الشبكات، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض، حياتنا أصبحت عبارة عن صراع يومي للبقاء على قيد الحياة في ظل هذا الدمار المستمر."
من جهتها، تقول مريم السلمي، 29 عامًا، من سكان حي تل الهوى، بعد تدمير شبكات المياه والصرف الصحي، أصبحت حياتنا في تل الهوى مستحيلة، لم ترى عائلتي كوب ماء نظيف منذ عدة أيام، ننتظر لأيام حتى نحصل على كميات قليلة من الماء من الخزانات المتنقلة، وهذه المياه لا تكفي حتى للشرب، فكيف بالنظافة؟ أطفالي يعانون من التهابات جلدية وأمراض أخرى بسبب قلة النظافة.
وأضافت السلمي، لـ"العرب مباشر"، الوضع يزداد سوءًا مع اقتراب فصل الشتاء، حيث نخشى من غرق منازلنا بمياه الصرف الصحي. نحن بحاجة إلى تدخل دولي عاجل لإنقاذنا من هذه الكارثة، فالحياة هنا أصبحت مستحيلة.