ذكرى "لوزان".. ١٣٧ منظمة تطلب الاعتراف بـ"الإبادة" التركية للأكراد

في ذكري مذبحة لوزان طالبت منظمات دولية بالاعتراف بالإبادة التركية للأكراد

ذكرى
صورة أرشيفية

أطلق الأكراد حملة إلكترونية جديدة بالتزامن مع انطلاق الذكرى الـ98 لتوقيع معاهدة لوزان، تلك الذكرى التي تجسد الجرائم التركية بحق الأكراد، ويشار إليها كـ"إبادة" عرقية مأساوية. 
 
جاءت حملة الأكراد الإلكترونية بعدة لغات، مطالبين باستجابة دولية على غرار تلك الاستجابة التي حظيت بها قضية الأرمن ممن تعرضوا لنفس المجازر والجرائم على يد الأتراك، فبادرت دول كبرى عديدة بإصدار قرارات لوصف "إبادة الأرمن" على يد تركيا أيضا، وكذلك "إبادة الإيزيديين" على يد تنظيم داعش الإرهابي.

وربطت حملة الأكراد وقائع الماضي العثماني البغيض بالحاضر المشين الذي يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإعادة إحياء تلك السلطنة العثمانية، فتحذر الحملة من "العثمانية الجديدة" المتمثلة في خطط أردوغان التوسعية لضم أجزاء من سوريا والعراق وليبيا إلى تركيا.

معاهدة لوزان 

ويزعم أردوغان أنها "أراض عثمانية" سُلبت من تركيا في معاهدة لوزان الموقعة 24 يوليو 1923 بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى (بريطانيا، فرنسا، اليابان، إيطاليا، اليونان، رومانيا، الدولة الصربية الكرواتية السلوفينية) وتركيا المهزومة في الحرب.

وكانت اتفاقية لوزان هي الوثيقة القانونية والتاريخية التي رفعت يد تركيا عن البلاد والمدن التي تحتلها، أو لها فيها امتيازات اسمية، مثل مصر وقبرص وليبيا واليمن.

كما تم إرجاء الخلاف حول تبعية الموصل للعراق أم تركيا لتحكيم عصبة الأمم التي أسقطت ادعاءات تركيا حولها، وتم ضم أقاليم شمالية سورية إلى تركيا، وتشكلت تركيا الحديثة بحدودها في الأناضول وتراقيا الشرقية برئاسة كمال أتاتورك.

خلاف لوزان

وعلى الرغم من الخلافات التاريخية الحادة بين الكرد والأتراك، إلا أن الطرفين يتفقان على رفض معاهدة لوزان، إذ ترفضها أنقرة بحجة أنها "سلبت" منها أراضي تتبع السلطنة العثمانية، بينما يرفضها الكرد لأنها أطاحت بحلمهم في إقامة دولة كردستان، بعدما علقوا آمالهم على مساعدة الحلفاء الأوروبيين لهم في إقامتها ثمنا لمساعدتهم لهم في الحرب ضد تركيا.

وأطلقت منظمة "مؤتمر المجتمع الديمقراطي الكردستاني- أوروبا" وهي منظمة كردية،  الهاشتاج  #WeRejectTreatyOf" أو "نرفض معاهدة لوزان" عبر  مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت، مطالبين بمحاسبة تركيا العثمانية والأردوغانية على الجرائم والانتهاكات بحق المكونات والأقليات في المنطقة، خاصة الإبادة ضد الكرد والأرمن.

وفي تصريحات إعلامية له، قال الصحفي الكردي، وعضو الحملة، دلـشـير آڤـيـسـتا، إن الحملة "تأتي في توقيت مهم؛ حيث تحُلُّ الذكرى السنوية الـ 98 لاتفاقية لوزان المشؤومة التي عُقِدت في العام 1923 وانقسمت كردستان بموجبها إلى أربعة أجزاء، وحُرِم الشعب الكُردي بالتالي من وطن لهم كسائر الشعوب الأخرى.

وأضاف آڤـيـسـتا، بات الكرد بهذه الاتفاقية أكبر شعب من حيث التعداد السكاني على مستوى العالم بلا وطن وبلا هوية، وفرضت هوية تلك الأنظمة الأربعة عليهم، وكذلك حرمانهم من كافة حقوقهم، وعانوا بسبب هذا التقسيم مختلف الويلات من القتل والتهجير و التنكيل والاضطهاد".

ويقول الأكراد المتواجدون في العراق وتركيا وسوريا وإيران، إن ترسيم الحدود في معاهدة لوزان، جعلهم موزعين بين هذه الدول.

وأشار الكاتب الكردي دلشير إلى أنه "لدينا الآلاف من الوثائق والثبوتيات التي تدين تركيا.. وكل جهودنا تصب في سياق محاسبتها على جرائمها بحق الكرد والأرمن والسريان والأشوريين والعلويين وبقية الأعراق والطوائف، وآخرها جرائمها في مدينة عفرين وسار كانييه (رأس العين) وگري سپي (تل أبيض)" في سوريا.

منظمات تحاسب تركيا

 وفي مذكرة إلى سكرتير عام منظمة الأمم المتحدة  أنطونيو جوتيريش، ورئيس المفوضية السامية لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، ووزير خارجية سويسرا إكنازيو كاسيس، ورؤساء المنظمات الدولية ذات الصلة، طالبت 137 مؤسسة ومنظمة عمالية وحقوقية المجتمع الدولي بمحاسبة تركيا على ما ارتكبته من المجازر العثمانية.

وقالت هذه المنظمات الـ١٣٧ في بيانها، إن: "دعاة التورانية في الاتحاد والترقي حافظوا على ميراث أسلافهم العثمانيين القائم على جماجم الشعوب الأصلية في الأناضول وبلاد الشام وشمال إفريقيا والبلقان، وبحق كل من رفض غزواتهم وثقافتهم  كما حدث في إبادة الأرمن  في أعوام 1918ـ 1914.

كما ذكرت المنظمات بحملات الإبادة الممنهجة والتهجير القسري والتغيير الديموغرافي والتشويه الثقافي التي ارتكبها الأتراك بهدف محو الهوية القومية لليونانيين والعلويين والكرد، بخاصة في انتفاضة محمود الحفيد  عام 1919 وانتفاضة كوجكري عام 1921 وانتفاضة الشيخ سعيد  عام  1925 وانتفاضة أكري عام 1930 وانتفاضة ديرسيم عام 1936".

كذلك، حذرت المنظمات من المخطط الجديد لأردوغان، الذي يسعى لضم أراض في شمال سوريا وشمال العراق، وهو ما يعني بالنسبة للأكراد ضم أراض يرونها ضمن "أراضيهم"؛ ما ينهي آمالهم في إقامة ما يسمونها بكردستان الكبرى.

أوهام التوسع

وعلى الجانب الآخر، جدد أردوغان الحديث عن مخططاته التوسعية في ذكرى توقيع معاهدة لوزان، محتفلا باحتلال تركيا لمناطق واسعة في شمال سوريا وقبرص، وتدخلاتها في العراق، وتواجدها العسكري في ليبيا وقبرص.

وبحسب الرسالة التي نشرتها وكالة الأناضول التركية، أمس السبت، تباهى أردوغان بمساعيه للسطو على بلدان الجوار، وقال نصا: "النجاحات الحاسمة التي حققناها في مختلف الساحات، بدءا من سوريا وليبيا، مرورا بشرق البحر المتوسط وصولا إلى مكافحة الإرهاب، هي أوضح مؤشر على إرادتنا لحماية حقوق بلادنا ومصالحها".

ويحذر المراقبون من أن تركيا تمهد للانسحاب من اتفاقية لوزان، من خلال التوسع واحتلال الأراضي التي سبق وتحررت من الاحتلال التركي عبر هذه الاتفاقية. 

وتأتي رسالة أردوغان بعد 4 أيام من زيارته لمدينة فاروشا في الجزء الذي تحتله تركيا من جزيرة قبرص، والتي يحاول إعادة فتحها رغم أنها مدينة مغلقة هجرها سكانها في سبعينيات القرن الماضي عقب الاجتياح التركي للجزيرة، حيث قررت الأمم المتحدة إبقاءها خاوية؛ لأن ملكيتها تعود لدولة قبرص الشرعية، إلى أن يتم حل المسألة القبرصية عن طريق التفاوض.

 ويعتمد أردوغان في نهجه الاستعماري الجديد على إثارة نزاعات عرقية ودينية بين السكان، محورها تغذية الولاء لتركيا تحت مظلة دينية متجسدة في تنظيم الإخوان الإرهابي، مثلما فعل في شمال سوريا وليبيا، أو بإحياء نعرات عرقية لدى بعض السكان المنحدرين من أجداد عثمانيين استوطنوا هذه البلاد منذ أيام الاحتلال العثماني البعيد، كما تفعل في سوريا وليبيا والعراق.