ليلة الموت في أوكرانيا.. السماء تمطر نارًا والصمت الدولي يدوّي

ليلة الموت في أوكرانيا.. السماء تمطر نارًا والصمت الدولي يدوّي

ليلة الموت في أوكرانيا.. السماء تمطر نارًا والصمت الدولي يدوّي
الحرب الروسية الأوكرانية

شهدت أوكرانيا واحدة من أعنف الليالي منذ اندلاع الحرب الروسية في فبراير 2022، حيث شنت روسيا أكبر موجة من الهجمات الجوية حتى الآن باستخدام عدد قياسي من الطائرات المسيّرة والصواريخ؛ ما أسفر عن سقوط ما لا يقل عن 12 قتيلاً بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة العشرات في مختلف أنحاء البلاد، وفقًا لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

تصعيد غير مسبوق ومأساة إنسانية جديدة


أفادت السلطات الأوكرانية، أن الهجوم الليلي، الذي بدأ مساء السبت واستمر حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد، استهدف أكثر من 30 مدينة وقرية في أنحاء أوكرانيا، وأسفر عن أضرار جسيمة في البنية التحتية والمباني السكنية، إلى جانب إشعال حرائق واسعة النطاق.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -في بيان صباح الأحد-: إن روسيا تواصل جرّ الحرب وتزهق الأرواح يوميًا، في تجاهل تام للدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، مضيفًا: أن العالم قد يأخذ عطلة نهاية الأسبوع، لكن الحرب لا تتوقف، وهذا الواقع لا يمكن تجاهله.

وطالب زيلينسكي حلفاء بلاده بزيادة الضغوط السياسية

والاقتصادية على موسكو، معتبرًا أن إنهاء هذه الوحشية لا يمكن أن يتم دون عقوبات جديدة وفاعلة. ووجه رسالة مباشرة للولايات المتحدة قائلاً: "إن صمتها سيشجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، في إشارة واضحة إلى رغبة كييف في دفع واشنطن لاتخاذ موقف أكثر حزمًا.

تفاصيل الهجوم


ووفقاً لسلاح الجو الأوكراني، بدأت الضربات مساء السبت الساعة 20:40 بالتوقيت المحلي، حيث استخدمت روسيا 367 نوعًا من الصواريخ والطائرات دون طيار، من بينها طائرات مسيّرة انتحارية من طراز شاهد مزودة بمتفجرات أكثر تطورًا وتقنيات جديدة للتفادي والكشف.

وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية، أنها أسقطت 45 صاروخ كروز وتمكنت من تحييد 266 طائرة مسيّرة، في حين تم تسجيل إصابات مباشرة في 22 موقعًا في مختلف الأقاليم.

وصرّح وزير الداخلية الأوكراني إيهور كليمنكو، بأن الهجوم استهدف 13 إقليمًا، وأسفر عن إصابة أكثر من 70 شخصًا، وتدمير 80 مبنى سكنيًا، وتسجيل 27 حريقًا، واصفًا الضربة بأنها وحشية ومركبة وتهدف لاستهداف المدنيين.

وأضافت خدمة الطوارئ الحكومية، أن من بين الضحايا ثلاثة أطفال أعمارهم 8 و12 و17 عامًا من منطقة جيتومير، مؤكدة أن والديهم ما زالا يتلقيان العلاج في المستشفى.

في العاصمة كييف، أكدت السلطات المحلية مقتل أربعة أشخاص وإصابة 16 آخرين بينهم ثلاثة أطفال، مع تسجيل أضرار جسيمة في العديد من المباني السكنية واندلاع حرائق، بينما لجأ المئات إلى محطات المترو العميقة طلبًا للحماية.

وفي مشهد يختزل الرعب، قال أحد مراسلي هيئة الإذاعة البريطانية: إن مبنى سكنيًا قد دُمر بالكامل على بعد دقائق فقط من منزله.

الضربات تزامنت مع الاحتفال بيوم كييف السنوي

تزامنت الهجمات مع احتفال العاصمة الأوكرانية بعيدها السنوي المعروف بـ"يوم كييف"، الذي تحوّل إلى مناسبة يسودها الخوف والدمار بدلاً من الاحتفالات المعتادة.

وفي ضاحية مارخاليفكا بمنطقة كييف، أظهرت مشاهد من وكالة رويترز فرق الإنقاذ وهي تعمل على إخماد النيران وسط أنقاض المنازل التي دمرتها الصواريخ الروسية.

روسيا تتعرض لهجمات مضادة بالطائرات المسيّرة

في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أنها دمرت واعترضت 110 طائرات مسيّرة أوكرانية فوق 12 إقليمًا روسيًا وشبه جزيرة القرم بين منتصف الليل والساعة السابعة صباحًا.

وذكر عمدة موسكو سيرغي سوبيانين، أن الدفاعات الجوية أسقطت 12 طائرة مسيّرة كانت متجهة نحو العاصمة، فيما تم إرسال فرق الطوارئ لتقييم الأضرار الناجمة عن سقوط الحطام.

وفي إقليم تولا جنوب موسكو، سقط حطام طائرة مسيّرة في فناء أحد المباني السكنية، ما تسبب بتحطم نوافذ عدة شقق، دون تسجيل إصابات، بحسب ما أفاد به الحاكم المحلي دميتري ميليايف.

تبادل للأسرى دون اختراق سياسي

جاءت هذه التطورات العسكرية بينما دخلت عملية تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا يومها الثالث والأخير، حيث أكدت كلا الدولتين أنه تم الإفراج عن 303 من جنودها اليوم الأحد، ليصل إجمالي من تم تبادلهم خلال الأيام الثلاثة إلى ألف أسير من كل جانب، في أكبر عملية من نوعها منذ بدء الغزو الروسي الشامل.

وكانت هذه التبادلات قد جاءت بعد أول لقاء مباشر بين ممثلي روسيا وأوكرانيا منذ ثلاث سنوات، والذي استضافته تركيا مؤخرًا.

اتصالات بين ترامب وبوتين بشأن وقف إطلاق النار

وفي سياق دبلوماسي لافت، أجرى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مكالمة هاتفية استغرقت ساعتين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار في أوكرانيا.

وقال ترامب: إن المحادثة كانت إيجابية للغاية، مشيرًا أن الطرفين قد يبدأان مفاوضات فورية نحو وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.

لكن الكرملين اكتفى بالإشارة أن روسيا مستعدة للعمل مع أوكرانيا لصياغة مذكرة بشأن ما وصفه بـ"سلام مستقبلي محتمل"، دون قبول رسمي بوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا.

بينما يتصاعد العنف على الأرض، تتراجع آمال الحل السياسي، وتبقى أوكرانيا ساحة مفتوحة للدمار المتبادل، في ظل تعنت روسي ودعوات أوكرانية لدعم دولي أكبر، في وقت يراقب فيه العالم المشهد بقلق متزايد.