محكمة تونسية تؤيد سجن الغنوشي 15 شهرًا بتهمة تمجيد الإرهاب
محكمة تونسية تؤيد سجن الغنوشي 15 شهرًا بتهمة تمجيد الإرهاب

في تطور جديد يعكس التحولات العميقة التي يشهدها المشهد السياسي والقضائي في تونس، أصدرت المحاكم أحكامًا قاسية بحق عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية البارزة، في قضايا تتعلق بـ"المساس بأمن الدولة" و"تمجيد الإرهاب".
وتأتي هذه الأحكام وسط اتهامات متزايدة للرئيس قيس سعيّد باستخدام القضاء كأداة لتصفية الخصوم السياسيين، وهو ما تنفيه السلطات، معتبرة أن هذه المحاكمات تأتي في إطار "فرض سيادة القانون"، ومن أبرز المحكوم عليهم: راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، الذي تم تثبيت عقوبة سجنه لمدة 15 شهرًا، إلى جانب حكم إضافي بالسجن 22 عامًا في قضية منفصلة، كما صدرت أحكام بحق رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي، وصحافيين، وسياسيين معارضين، في قضايا أثارت جدلًا واسعًا حول استقلالية القضاء واتجاه البلاد نحو تشديد القبضة الأمنية على الحياة السياسية والإعلامية.
تفاصيل الأحكام وتعقيدات المشهد القضائي
أكدت دائرة التعقيب بالمحكمة التونسية تثبيت الحكم الاستئنافي بحق راشد الغنوشي، الذي اتُّهم بـ"تمجيد الإرهاب" بسبب تصريحات أدلى بها خلال تأبين أحد أعضاء حركته، حيث استخدم مصطلح "الطواغيت"، ما اعتبره القضاء تحريضًا على العنف.
هذا الحكم، الذي شمل مراقبة إدارية لمدة ثلاث سنوات، يأتي في سياق سلسلة من القضايا التي تلاحق الغنوشي، حيث يقضي بالفعل أحكامًا بالسجن في قضايا أخرى.
لكن الحكم الأشد كان في قضية "إنستالينغو"، حيث صدر ضده حكم بالسجن 22 عامًا، فيما وُجهت تهم مشابهة إلى رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي، الذي حُكم عليه بالسجن 35 عامًا.
قضية "إنستالينغو"
بدأت التحقيقات في القضية عام 2021، حين اتُهمت شركة "إنستالينغو"، المتخصصة في إنتاج المحتوى الرقمي، بالتورط في مخططات إعلامية تهدف إلى زعزعة الأمن القومي.
وُجهت الاتهامات إلى عشرات الشخصيات، بينهم المتحدث السابق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي، الذي حُكم عليه بالسجن 16 عامًا، والقيادي في حركة النهضة السيّد الفرجاني، الذي نال حكمًا بالسجن 13 عامًا.
كما صدرت أحكام بالسجن بحق الصحافية شذى الحاج مبارك لمدة 5 سنوات، وشهرزاد عكاشة لمدة 27 عامًا.
وقد رفض القيادي الإخواني البارز "الغنوشي" المثول أمام القضاة، واصفًا المحاكمة بأنها "ذات دوافع سياسية"، في حين اعتبرت هيئة الدفاع أن الأحكام تهدف إلى "إبعاد الخصوم السياسيين".
اتهامات متبادلة بين السلطة والمعارضة
بينما تعتبر المعارضة الإخوانية هذه المحاكمات جزءًا من حملة قمع تهدف إلى تصفية المناوئين السياسيين وإحكام السيطرة على المشهد العام، تصر السلطات على أن القضاء يعمل باستقلالية لمحاربة الفساد والإرهاب، وفقًا لرويترز.
وقد أصدر حزب النهضة الذراع السياسي لجماعة الإخوان بيانًا ندد فيه بالحكم على زعيمه، معتبرًا أنه "محاكمة سياسية ظالمة تهدف إلى تصفية الحسابات"، فيما وصف الرئيس سعيّد معارضيه بأنهم "مجرمون وخونة وإرهابيون"، مشددًا على أن القضاء لن يكون ملاذًا "لمن يتآمرون على الدولة"، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.