واشنطن تتراجع عن خطة غزة.. تعثر مبادرة ترامب وغياب الإجماع العربي والدولي
واشنطن تتراجع عن خطة غزة.. تعثر مبادرة ترامب وغياب الإجماع العربي والدولي
بعد مرور شهر على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة من 20 بندًا لقطاع غزة، تبدو واشنطن اليوم أمام حقيقة معقدة: الخطة لم تُصقل بما يكفي من التفاصيل التنفيذية، وفرضية تطبيقها على الأرض اصطدمت بعقبات سياسية ولوجستية وجغرافية تجعل تحقيقها أمرًا شبه مستحيل في المدى القريب، حسبما نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
أسباب المعضلة الأمريكية
وتابعت الصحيفة، أنه منذ إطلاق الخطة، توالت في واشنطن توقعات متفائلة بأن يتم خلال أسابيع قليلة تشكيل "مجلس السلام" الذي يفترض أن يتولى إدارة إعادة الإعمار والإشراف على القطاع، لكن الاتصالات المكثفة التي جرت خلال الأسابيع الماضية بمشاركة مبعوثين أمريكيين وشخصيات سياسية رفيعة، أوضحت أن تأسيس هذا المجلس ما يزال أمرًا بعيد المنال، وأن فكرة إنشاء قوة استقرار لمواجهة حركة حماس وتأمين التطبيقات الميدانية أجلت إلى أجل غير محدد.
وأضافت أن جذر المشكلة يكمن في أن الخطة أُعلن عنها قبل أن تُنجز تفصيلاتها النهائية، وقد دُفعت بشكل مفاجئ وبوتيرة سريعة أمام ضغط دولي وإقليمي.
العائق الثاني يتعلق بموقف حماس نفسه، فالمجلس المقترح لا يمكن أن يقوم بدون التزام دولي بتحويل أموال أو نشر قوات أو وضع ترتيبات أمنية ثابتة، ولا توجد دولة مستعدة لأن تتحمل تبعات إرسال قوات تقاتل حماس أو إدارة القطاع دون وضوح حول مستقبل السلاح والنفوذ داخل غزة.
غياب رغبة الدول في القتال ضد حماس
الصيغة الأمريكية التي تقترح مشاركة قوات عربية ومسلمة للقيام بدور "قوة استقرار" اصطدمت بالواقع: دول عدة أعربت عن استعدادها للمشاركة بأدوار رمزية أو شرطية وإرسال عناصر أمنية لأغراض حفظ النظام العام، لكن لا دولة أكدت رغبتها في خوض معارك في الشوارع ضد حماس أو اقتحام أنفاقها.
إرسال قوات يقاتلها الشارع العربي المحلي قد يعرّض أي دولة عربية لخسائر سياسية داخلية ويجعلها محط اتهام بأنها أداة نفوذ غربي، وهو ما لا ترغب فيه أي حكومة حاليًا.
إندونيسيا، التي أعلنت استعدادها نظريًا لإرسال آلاف الجنود، تبددت مصداقية الإعلان سريعًا بعدما تبيّن أن قيادتها غير مستقرة سياسيًا، وأن هذا التعهد شبه مستحيل التطبيق.
مصر بدورها لم تبدِ رغبة في التورط العميق بوجود عسكري موسع داخل غزة، بينما قطر تبدو غير قادرة على توفير عناصر بشرية كافية لخدمة مقترحات نشر قوات، إذ إن هيكلها الأمني يعتمد على عناصر مستقدمة وليست قوة وطنية كبيرة يمكنها تلبية متطلبات انتشار أمني واسع.
مفاوضات القاهرة وامتناع الدول عن الالتزام المالي والعسكري
المفاوضات الجارية في القاهرة بين مصر وحماس والسلطة الفلسطينية ودول عربية تهدف إلى بلورة تسوية للمرحلة الثانية، لكن الخلافات عميقة: حماس تحتاج إلى ضمانات بخصوص مصير سلاحها ودورها السياسي، والدول المانحة لا ترغب بتحويل أموال ضخمة إلى قطاع تظل فيه قوات مسلحة غير محكومة بشكل واضح.
السيناريو المصري المرجو أن يتراجع حماس خطوة إلى الخلف ويسلّم جزءاً من سلاحه طوعاً، ويتقارب مع السلطة الفلسطينية، لكن هذا المسار يبدو بعيد المنال مادام حماس تتمتع بشبكة سياسة شعبية ونفوذ في الشارع الفلسطيني.
على المستوى الإسرائيلي، مواقف اليمين في حكومة بنيامين نتنياهو وترحيد اليمين المتطرف تزيد من حدة التوتر. الحد الأقصى الذي قد توافق عليه حماس لا يقترب من الحد الأدنى الذي يطالب به نتنياهو، خصوصًا في ظل ضغوط من شخصيات داخل الائتلاف الإسرائيلي المعادية لأي تسوية تُبقي لحماس بقايا نفوذ في غزة.
الضغوط الأمريكية
الولايات المتحدة تضغط لمنع انهيار وقف إطلاق النار ولضمان عدم إعادة تصعيد العمليات، كما لعبت دور وساطة بخصوص ملف رفات الجنود.
ونتيجة للضغط الأمريكي تم السماح مؤخرًا بدخول آليات هندسية مصرية إلى الجنوب للمساعدة في البحث عن رفات، مع متابعة أمريكية دقيقة للتطورات من قاعدة كريات غات.
إدارة ترامب وعدت بمتابعة ملموسة، ومع استمرار الجهود يُتوقع مزيد من عمليات تسليم رفات خلال الأيام المقبلة.

العرب مباشر
الكلمات