طهران تناور بالوقت.. اتفاق نووي مؤقت لتفادي قصف محتمل

طهران تناور بالوقت.. اتفاق نووي مؤقت لتفادي قصف محتمل

طهران تناور بالوقت.. اتفاق نووي مؤقت لتفادي قصف محتمل
ايران

كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية ومطلعة على الملف النووي الإيراني لموقع "أكسيوس" الأمريكي أن طهران تدرس تقديم اقتراح للولايات المتحدة للعمل على اتفاق نووي مؤقت في المرحلة الأولى من المفاوضات، قبل التوجه نحو اتفاق شامل وطويل الأمد.

السباق مع الوقت


وأكد الموقع الأمريكي، أن أهمية هذا التطور تنبع من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منح إيران مهلة تمتد لشهرين فقط للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، بالتزامن مع إصدار أوامر بتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، كخيار بديل في حال فشلت المساعي الدبلوماسية.


وفي حال تعثرت المحادثات أو فشلت، قد يلجأ ترامب إلى توجيه ضربة عسكرية أميركية ضد المنشآت النووية الإيرانية، أو دعم عملية عسكرية إسرائيلية في هذا السياق. 


وتُشير المصادر إلى أن الإيرانيين يعتبرون التوصل إلى اتفاق نووي معقّد تقنيًا وشاملًا خلال شهرين أمرًا غير واقعي، ويسعون إلى كسب مزيد من الوقت لتفادي أي تصعيد وشيك.


وفي هذا السياق، يرى علي واعظ، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، أن الإيرانيين يدركون صعوبة التوصل إلى اتفاق مستدام في المهلة الزمنية التي حددها الرئيس الأمريكي، ولذلك فإن التوجه نحو اتفاق مؤقت قد يكون ضروريًا كمحطة انتقالية نحو اتفاق نهائي.


ملامح الاتفاق المؤقت المقترح


ومن الناحية الفنية، يمكن أن يتضمن الاتفاق المؤقت بين الولايات المتحدة وإيران مجموعة من الإجراءات النووية المحدودة، مثل تعليق بعض أنشطة تخصيب اليورانيوم، وتخفيف مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، بالإضافة إلى منح مفتشي الأمم المتحدة وصولًا أوسع إلى المنشآت النووية الإيرانية.


ويرى خبراء تحدثوا لموقع أكسيوس أن هذه الخطوات، رغم محدودية تأثيرها الفوري، يمكن أن تسهم في بناء الثقة وتوفير أرضية لاستئناف المفاوضات حول اتفاق أشمل.


كما يمكن أن يشمل الاتفاق المؤقت تمديد العمل بآلية "سناب باك"، وهي البند الذي كان جزءاً من الاتفاق النووي لعام 2015 ويتيح إعادة فرض العقوبات الأممية بشكل تلقائي إذا انتهكت إيران شروط الاتفاق، ومن المقرر أن تنتهي صلاحيته في شهر أكتوبر المقبل.


وفي هذا الإطار، كانت فرنسا وبريطانيا وألمانيا قد أبلغت إيران أنها ستلجأ إلى تفعيل آلية "سناب باك" إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد بحلول نهاية شهر يونيو.

العقبة الاقتصادية


وأكد الموقع الأمريكي أن هذا الاتفاق المؤقت، في حال تم، سيكون مشروطاً على الأرجح بمطلب إيراني واضح يتمثل في تعليق حملة "الضغط الأقصى" التي يشنها ترامب ضد الاقتصاد الإيراني. وهنا تبرز نقطة خلاف محتملة، إذ لم يتضح بعد ما إذا كان الرئيس الأمريكي مستعدًا للموافقة على هذا المطلب.


ويأتي ذلك في ظل فرض الإدارة الأميركية هذا الأسبوع حزمتين جديدتين من العقوبات على شركات وأفراد إيرانيين مرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني وقطاع النفط.


وفي المقابل، قد يفاقم الاقتراح الإيراني بشأن الاتفاق المؤقت من شكوك إدارة ترامب إزاء نوايا القيادة الإيرانية، إذ قد ترى في ذلك محاولة لكسب الوقت دون تقديم تنازلات جوهرية على الصعيد النووي.

قنوات التفاوض


ومن المنتظر أن يلتقي المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يوم السبت المقبل في سلطنة عمان. وبينما تؤكد الولايات المتحدة أن المحادثات ستكون مباشرة، تصر طهران على أنها ستجري من خلال وساطة عمانية.


وفي تصريحات من المكتب البيضاوي يوم الأربعاء، أشار الرئيس ترامب إلى أن الوقت المتاح للمفاوضات ضيق للغاية، قائلاً إن الحكم على فاعلية هذه المحادثات سيكون سريعًا.


وأضاف أن المطلب الأساسي للولايات المتحدة يتمثل في منع إيران من امتلاك سلاح نووي. وشدد على أن الخيار العسكري مطروح إذا لزم الأمر، مشيرًا إلى احتمال مشاركة إسرائيل بشكل مباشر في أي تحرك عسكري، ولكن من دون التخلي عن قيادة القرار الأميركي.


ومن جانبه، حذّر علي شمخاني، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني والمستشار الحالي للمرشد الأعلى علي خامنئي، من أن استمرار التهديدات العسكرية ضد إيران قد يدفعها لاتخاذ "إجراءات رادعة".


ولمّح شمخاني إلى أن بلاده قد تطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتتوقف عن التعاون مع الهيئة الأممية، بل وقد تنقل المواد النووية المخصبة إلى مواقع سرّية غير خاضعة للرقابة الدولية.

الرسالة السرية


وكانت مصادر أمريكية قد كشفت في وقت سابق أن رسالة بعث بها ترامب إلى المرشد الأعلى علي خامنئي تضمنت مهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، لكن الغموض لا يزال يلفّ ما إذا كانت المهلة تبدأ من تاريخ تسليم الرسالة أو من انطلاق المفاوضات.


وفي حال رفضت طهران هذا المسار التفاوضي، فإن احتمالات قيام واشنطن أو تل أبيب بعمل عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية ستتصاعد بشكل كبير.


موازنة بين الضغط والدبلوماسية


ويتضح من التطورات أن إدارة ترامب تسير على مسار مزدوج: قبول مبدئي بالتفاوض غير المباشر، مع تحضيرات عسكرية مكثفة في الشرق الأوسط؛ تحسبًا لأي فشل في المسار الدبلوماسي.
وعلى الرغم من التصريحات العلنية التي تؤكد الرغبة في الاتفاق، فإن ترامب يكرر تحذيراته: إما اتفاق.. أو قصف.