بلومبرج: هدنة ترامب لا تصل إلى البحر.. سفن عالقة وبحّارة في المجهول قبالة اليمن
بلومبرج: هدنة ترامب لا تصل إلى البحر.. سفن عالقة وبحّارة في المجهول قبالة اليمن

أكدت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أنه رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع وقف الضربات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن، وهو ما كان يفترض أن يكون نبأ سارًا للعشرات من البحّارة العالقين قبالة سواحل البلاد منذ أسابيع، إلا أن الواقع الميداني يبدو أكثر غموضًا وأقل طمأنينة.
وأفادت مصادر بحرية بيّنها ضابط كبير على متن ناقلة نفط راسية في المنطقة، طلب عدم الكشف عن اسمه التزامًا بسياسات الشركة التي يعمل بها وتم التعريف به من قبل الاتحاد الدولي لعمال النقل (ITF)، بأن حالة التهدئة المُعلنة لم تُترجم عمليًا إلى ضمانات واضحة لسلامة الطاقم أو إتمام تفريغ الحمولة ومغادرة السفينة بسلام.
وأشارت البحرية البريطانية مؤخرًا إلى تلقيها تقارير عن منع بعض السفن من مغادرة الموانئ، في ظل تهديدات واضحة باستخدام العنف.
مخاوف البحّارة وغياب الإجلاء
وفي بيان صدر يوم الأربعاء، أوضح الاتحاد الدولي لعمال النقل أنه على تواصل مباشر مع قرابة 15 طاقمًا ما يزالون عالقين في ميناء رأس عيسى، وأكد أن البحّارة أبلغوا بأنهم غير قادرين حتى الآن على مغادرة الميناء ولم يتم إجلاؤهم.
ويعكس هذا الوضع حجم المخاطر التي يواجهها طواقم السفن التجارية في مناطق النزاعات، خصوصًا أن الأسطول التجاري العالمي مسؤول عن نقل أكثر من 80٪ من التجارة العالمية، ما يجعله عرضة لأخطار هائلة تتراوح بين هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وعمليات القرصنة قبالة سواحل غرب أفريقيا.
ترامب يسعى لتهدئة قبل جولة شرق أوسطية
الإدارة الأمريكية كانت قد أعلنت سابقًا أنها استهدفت أكثر من 1000 موقع تابع للحوثيين في إطار الحملة العسكرية التي أطلقها الرئيس ترامب ضد الجماعة، والتي جاءت امتدادًا للعمليات التي بدأت في عهد سلفه جو بايدن.
وبدأ الحوثيون، المدعومون من إيران، بشن هجمات على السفن التجارية في منطقة البحر الأحمر منذ أواخر عام 2023، بالتزامن مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.
ويبدو أن الاتفاق الذي توسطت فيه سلطنة عُمان بين الولايات المتحدة والحوثيين يهدف إلى تمهيد الطريق لزيارة ترامب المرتقبة إلى منطقة الشرق الأوسط الأسبوع المقبل، في وقت أظهرت فيه الجماعة المسلحة موافقة مبدئية على التهدئة، لكنها أكدت في الوقت ذاته استمرار أعمالها العدائية ضد إسرائيل، حليفة واشنطن الأساسية في المنطقة.
الوضع الميداني في رأس عيسى
ووفقًا لبيانات تتبع السفن التي جمعتها بلومبرغ، فإن أكثر من اثنتي عشرة سفينة ما تزال راسية بالقرب من ميناء رأس عيسى اليمني، وهو الموقع الذي تعرض لهجوم أمريكي في شهر أبريل الماضي، أسفر – بحسب ما أفادت به السلطات الصحية الخاضعة لسيطرة الحوثيين – عن مقتل ما لا يقل عن 74 شخصًا.
وفي موازاة ذلك، أشار مكتب عمليات التجارة البحرية التابع للبحرية الملكية البريطانية إلى تلقيه بلاغات عن صدور أوامر للسفن تحت التهديد باستخدام العنف، بينها حادثة أُطلقت فيها طلقات تحذيرية، بالإضافة إلى تقارير أخرى تحدثت عن صعود مسلحين على متن بعض السفن.
معاناة مستمرة وعقود منتهية
وإحدى الرسائل الإلكترونية التي تلقّتها بلومبرغ، وشاركها بها الاتحاد الدولي لعمال النقل، نُقلت عن أحد أفراد طاقم ناقلة نفط عالقة خارج الميناء، وأكد فيها أن عقودهم انتهت منذ أكثر من أربعة أشهر، وأضاف قائلاً: "العائلات تعيش في حالة ذعر دائم".
والمشهد في البحر الأحمر يعكس هشاشة أي تهدئة في منطقة مشتعلة بالنزاعات والتجاذبات الإقليمية، كما يسلّط الضوء على معاناة بحّارة يدفعون ثمن صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بينما ما يزال مصيرهم معلقًا بقرارات سياسية وأمنية لا يمكن التنبؤ بها.