فايننشال تايمز: المعارضة التركية تتحد للإطاحة بحكم أردوغان الاستبدادي
كشفت فايننشال تايمز أن المعارضة التركية تتحد للإطاحة بحكم أردوغان الاستبدادي
تعزز المشاكل الاقتصادية آمال معارضة تركيا للإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ إذ تؤكد صحيفة "فايننشال تايمز" أن أردوغان، رئيس تركيا المتسلط، بات يتصرف أكثر من أي وقت مضى كما لو أنه لا توجد حدود لسلطته، معتبرة أن هذه اللحظة السياسية هي أكثر فترة يكون فيها أردوغان عرضة للخطر بعد عقدين من الشاهقة على السياسة التركية.
ويقول الكاتب الغربي ديفيد جراندر: إنه عندما وصل التضخم على أساس سنوي في تركيا إلى ما يقرب من 50 في المائة الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى في عهد أردوغان، أقال الرئيس التركي رئيس معهد الإحصاء التركي. وكانت أسعار المواد الغذائية والطاقة المرتفعة، التي ساعدت على تراجع وانهيار حزب العدالة والتنمية الحاكم في استطلاعات الرأي، لكونهم لم يتعاملوا مع الأزمة الاقتصادية بشكل حاسم.
وأضاف الكاتب: أن سلطة أردوغان غير محدودة، منذ أن استبدل الديمقراطية البرلمانية في تركيا برئاسة على غرار روسيا. لكن فرض حكم الرجل الواحد شجعه على ارتكاب أخطاء متهورة في الحكم. وبعد الاستغناء عن جميع مؤسسي حزب العدالة والتنمية وتجاهل كل الخبرات الاقتصادية الجادة، لم يعد هناك من حوله من يقول إن الفقر وصل لأخطر مراحله في تركيا.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول، أمر أردوغان بطرد 10 سفراء غربيين، بما في ذلك سفراء الولايات المتحدة، الأمر الذي كان سيقطع أخيرًا العلاقات المتوترة بين تركيا العضو في الناتو والغرب، لكنه تراجع عن التهديد.
وأضاف ديفيد جراندر: أنه يبدو أن أردوغان غير قادر على التراجع عن سياسته الاقتصادية المدمرة، ولاسيما الاعتقاد بأن رفع أسعار الفائدة يسبب التضخم بدلاً من كبحه. لقد هاجم البنك المركزي -وموكب المحافظين الذين أقيلوا- لخفض أسعار الفائدة؛ ما أدى إلى تدهور الليرة (انخفض بنسبة 44 في المائة العام الماضي مقابل الدولار) وأذكى التضخم.
وبحسب "فايننشال تايمز"، كان تعطش أردوغان للنمو الاقتصادي خلال العقد الأول جعله يعتمد على الائتمان الرخيص والاستهلاك والبناء الجامح. وتبخر هذا قبل وقت طويل من انتشار الوباء، موضحة أن فشله في الحفاظ على قيمة الليرة على الرغم من حرق أكثر من 100 مليار دولار من الاحتياطيات لتغطية خسائر العملة الوطنية، وترك المستثمرين يتساءلون عما إذا كانت تركيا ستكون قادرة على سداد ديونها.
واعتبر الكاتب أن هذا الانزلاق اللا محدود هو في صميم الاعتقاد المتزايد للمعارضة بأنها قد تكون قادرة أخيرًا على الإطاحة بأردوغان واستعادة الديمقراطية البرلمانية في تركيا. ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في يونيو من العام المقبل. لكن حزب العدالة والتنمية، منذ أن تولى السلطة لأول مرة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2002، حاول الترويج لنفسه كخليفة مسلمين، وبدأ أردوغان يتصرف في نفس الوقت كحزب حاكم متعجرف ومعارضة فظة تقاتل القوى العلمانية التي تنكر شرعيتها السياسية. ويمكن لأردوغان أن يدعو إلى خوض معركة مبكرة في ظروف تهدف إلى توجيه اللوم إلى المنافسين وتحميلهم الخطأ.
وأشار التقرير إلى أن أردوغان همش البرلمان، واستخدم القضاء سلاحًا ضد معارضيه، وشغل جميع وسائل الإعلام تقريبًا بأنصاره، وسلب الخدمة المدنية قيمتها. وقد قام بسجن قيادة حزب الشعوب الديمقراطي اليساري المؤيد للأكراد الذي حرم حزب العدالة والتنمية من الأغلبية البرلمانية في عام 2015، وأعاد أردوغان إجراء المنافسة في جو محموم من الحرب المتجددة مع المتمردين الأكراد وسلسلة من الفظائع الجهادية.
واعتبرت الصحيفة أن أردوغان معزول في قصره، ما يشير إلى الفناء السياسي.
وقال كاتب "فايننشال تايمز": إن السؤال إذن هو هل يمكن للمعارضة أن تتحد خلف مرشح قابل للحياة وتفجر موجة انتخابية لن يكون قادرًا على مقاومتها. ويعتقد العديد من المحللين السياسيين أن ذلك ممكن. ويقول أحدهم: "نحن في نهاية دورة تاريخية كبرى في تركيا".
وأضاف: أنه في عام 2019، بعد أن خسر حزب العدالة والتنمية معظم مدن تركيا العظيمة في الانتخابات المحلية، حاول أردوغان تكرار عام 2015 بإعادة المسابقة في إسطنبول، المدينة التي تعد معقله السياسي والتي كان رئيسًا للبلدية فيها، بينما فاز أكرم إمام أوغلو، من حزب الشعب الجمهوري من يسار الوسط (CHP)، المعارضة الرئيسية، بشكل قاطع بمعارضة موحدة، وكذلك فعل منصور يافاس في العاصمة أنقرة. وكلاهما الآن يتفوق عليه كمرشحين مفترضين للرئاسة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من شبه المؤكد أن كمال كيليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، كعضو في طائفة الأقلية العلوية في تركيا ذات الأغلبية السنية، لن يتمكن من هزيمة أردوغان. ويعتقد البعض أنه خدعة لحماية المرشحين الحقيقيين من هجمات النظام (توجد بالفعل قصص طائفية تفيد بأن يافاس، الذي يتمتع بأكبر تقدم على أردوغان، هو علوي غير معلن).
وتزداد ثقة المعارضة في أنها يمكن أن تسقط أردوغان وأن تسقط حكم الرجل الواحد. وسيعلن قريباً عن خطط بشأن كيفية القيام بذلك. واعتبرت الصحيفة أنه من الصعب تزوير الانتخابات في تركيا. وليس من المناسب العثور على ذريعة لحالة الطوارئ، أو الاستفزاز: مثل إعلان أن الدين الرسمي للدولة العلمانية هو الإسلام، على أمل تقسيم المعارضة، فهذا يمكن أن يكون ذا مردود سيئ وقبيح.