كيف روض أردوغان قاضية بالمحكمة الأوروبية للتغطية على جرائمه؟

كيف روض أردوغان قاضية بالمحكمة الأوروبية للتغطية على جرائمه؟
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

يعد دور سعادت يوجيل، القاضية في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مثيرا للجدل نظرا لأن تركيا أكثر الدول التي يقدّم ضدها شكاوى حقوقية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي يصدر فيها غالبية القضاة أحكاما ضد نظام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ماعدا القاضية الوحيدة التي تعتبر بمثابة حصان طروادة لأردوغان داخل المحكمة الأوروبية، ويتلخص دورها في اتخاذ موقف صريح يتماشى مع المحاكم التركية المحلية التي تخضع بالفعل لرقابة صارمة من حكومة أردوغان.

تخرجت في كلية الحقوق بجامعة إسطنبول

وذكر موقع "نورديك مونيتور" السويدي، أن القاضية التركية بالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، سعادت يوجيل، البالغة من العمر  38 عاما، أصغر عضو في المحكمة حتى الآن، والتي كانت أكاديمية في كلية الحقوق بجامعة إسطنبول، وبدأت عملها في المحكمة في 1 يوليو 2019.

وأضاف الموقع السويدي: "بعد تعيين يوجيل، واكتشاف الروابط القوية التي تجمعها بحكومة أردوغان، أعرب مراقبو حقوق الإنسان عن قلقهم بشأن حيادها، نظرًا للعلاقات الوثيقة بينها وبين حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، حيث كان شقيق يوجيل نائبًا سابقًا بحزب العدالة والتنمية، ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية أيضًا، كما كانت يوجيل نفسها تتولى الإشراف على مؤسسات إسلامية تدعمها حكومة أردوغان، وعملت مساعدة لكبير مستشاري أردوغان برهان كوزو".

استغلت منصبها لتوجه العدالة لصالح أردوغان

وتابع: "حادت يوجيل عن العدالة في كثير من القضايا الحقوقية لصالح أردوغان، منه تصويتها ضد قرارات قضائية تصب في صالح معارضي أردوغان، والذين يمكن أن يستفيدوا من المواد الأساسية للاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والتي تُعتبر على نطاق واسع المعاهدة الدولية الأكثر فعالية لحماية حقوق الإنسان".

وفي 22 ديسمبر 2020، قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بضرورة إفراج تركيا على الفور عن السياسي الكردي زعيم حزب الشعوب الديمقراطي، المعتقل منذ أربع سنوات، صلاح الدين دميرطاش، إلا أن يوجيل صوتت ضد قرار المحكمة، مشيرة إلى أنها لا تتفق مع الأغلبية فيما يتعلق بتعرضه للظلم وانتهاك حقوقه.

وقالت: "في ضوء ما سبق، أعتقد أن السلطات التركية لديها أسباب كافية في قرار سجنه بسبب ارتكابه جرائم، وعليه فأنا أرى أنه لم يكن هناك انتهاك قامت به السلطات التركية، فسجنه قرار قضائي سليم".

أحكامها تساعد أردوغان في تصفية معارضيه

وتابع "نورديك مونيتور"، أن تركيا خالفت قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتلقت المحكمة الجنائية العليا الثانية والعشرون في أنقرة لائحة اتهام جديدة في 28 ديسمبر 2020 تطالب بعقوبة سجن طويلة لأعضاء حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد بمن فيهم دميرطاش.

وفي 10 ديسمبر 2019، قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن احتجاز رجل الأعمال والناشط الحقوقي عثمان كافالا البالغ من العمر 63 عامًا كان لدوافع سياسية، ودعت المحكمة تركيا إلى وضع حد لاحتجاز كافالا والإفراج عنه على الفور.

لكن يوجيل قامت بدورها في التصويت ضد حكم إطلاق سراح كافالا، معتبرة أن قضيته لا يمكن اعتبارها قضية حقوقية.

وزعمت يوجيل أيضًا أن كافالا متهم بارتكاب جريمة بموجب المادة 309 من القانون الجنائي التركي، وهى محاولة الإطاحة بالنظام الدستوري، ودعمت الحكومة التركية بشكل علني، وادعت أن القضاء التركي لم يحاكم كافالا لأغراض سياسية، لتقضي المحكمة الدستورية التركية في 29 ديسمبر 2020 بأن احتجاز كافالا لا يُعد انتهاكًا لحقوقه في الحرية والأمن.

وفي 27 أكتوبر 2020، قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن تغريم زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا، كمال كليتشدار أوغلو، بتعويض مالي لأردوغان، حيث أدين في عام 2012 بالإساءة إلى أردوغان حينما كان رئيس الوزراء آنذاك، يعد انتهاكًا وقرارًا مسيسًا .

وقال حكم المحكمة إن دور المحاكم المحلية في مثل هذه الإجراءات لا يجيز أن يملي على المتهم أسلوب النقد المناسب، وأمرت تركيا بدفع أكثر من 12000 يورو كتعويض مالي لكليتشدار أوغلو، وعارضت يوجيل مرة أخرى القرار الأوروبي، وأيدت حكم المحكمة الدستورية التركية بتغريم زعيم الحزب المعارض، وبطلان قرار التعويض المادي له.

وفي 10 نوفمبر 2020، صوتت يوجيل ضد قرار المحكمة الأوروبية بتأكيد انتهاك تركيا الحق في حرية التعبير لمجموعة من الصحفيين والمسؤولين التنفيذيين في صحيفة جمهوريت، والذين حوكموا بتهم الإرهاب، واعتراضها على فقرات في الحكم.

وفي 24 نوفمبر 2020 حكمت المحكمة الأوروبية بالأغلبية بضرورة الإفراج عن النائب المعارض والصحفي بجمهوريت أحمد جيك، بتهمة الإرهاب، بينما كانت يوجيل القاضي الوحيد التي لم توافق على هذا الحكم.

ووجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن احتجاز القاضي التركي السابق، هاكان باش، بتهمة الانضمام لجماعة كولن، غير قانوني، وطالبت بتعويض مادي له، وهو ما اشتكت ضده القاضية التركية، مطالبة بضرورة استمرار حبسه.

وتعرضت يوجيل مؤخرًا لانتقادات شديدة خلال زيارة رسمية إلى تركيا في سبتمبر 2020 من قبل رئيس المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، روبرت سبانو، حينما التقى بالرئيس التركي في قصره الرئاسي، وشدد على أنه يتعين على تركيا أن تنفذ أحكام المحاكم الأوروبية وتحترم سيادة القانون، موضحًا أنهم أصيبوا بخيبة أمل شديدة.