لبنان تحترق بين نيران "كورونا" وانهيار المنظومة الصحية والاقتصادية
زيادة يومية في أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد في لبنان، وبلغ إجمالي الحالات التي تم التأكد من إيجابية العينة الخاصة بها 248 حالة، الأمر الذي أثار حالة من الفزع في الشارع اللبناني، خاصة مع تنبيهات الحكومة بضرورة تطبيق إجراءات وقائية كافية أبرزها الالتزام بحجر منزلي تام، الذي أصبح مسؤولية أخلاقية فردية ومجتمعية، معاناة يعيشها الشعب اللبناني في ظل تدهور اقتصادي حاد، وأوضاع أمنية وسياسية غير مستقرة، وجاء فيروس كورونا ليزيد الطين بلّة، فالمعاناة الاقتصادية تضاعفت الأمر الذي ينذر بسيناريوهات كارثية.
السلطات اللبنانية تحذر من كارثة بسبب عدم التزام المواطنين
السلطات اللبنانية شددت على أن أي تهاون في تطبيق الإجراءات الاحترازية سيعرض صاحبه للملاحقة القانونية، وحذر وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي، من أن أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد ارتفعت "بشكل مخيف"، بسبب عدم الالتزام بالحجر المنزلي من قبل المواطنين.
وفي مؤتمر صحفي، قال وزير الداخلية اللبناني إنه "لن يعود بمقدورنا مواجهة الوباء إذا لم يلتزم الكل"،
وأكد محمد فهمي أنه سيتم اتخاذ "الإجراءات" ضد أي مخالفة للتعليمات، مشددا على أن كل مخالفة تشكل تهديدا على السلامة العامة "ستقمع".
كما طالب البلديات في لبنان بتوفير مكان ملائم لحجر المصابين الذين لا يحتاجون لرعاية صحية، والمساعدة بمهام التوعية.
وتابع: "احموا أهلكم واحموا أنفسكم، فالوضع مخيف وعلينا الاستعداد للأسوأ مع المحافظة على الإيمان بأننا سنتجاوز الأزمة في حال التصرف الصحيح، ودعا وزير الداخلية اللبناني المنظمات الدولية للتنسيق مع السلطات المحلية بشأن اللاجئين في لبنان.
وأعلنت الحكومة اللبنانية، تكليف القوى الأمنية كافة "التشدد في تنفيذ خطط صارمة لمنع الناس من الخروج من منازلهم"، في حلقة جديدة من الإجراءات المتخذة.
إجراءات صارمة من الحكومة لمحاولة حصار الفيروس
من جانبها، تابعت وزارة الصحة اللبنانية محاولة حصر جميع المشتبه في إصابتهم وأخذ عينات لكشف حقيقة إصابتهم مع ملاحقة المخالطين ومراقبة القادمين من مختلف البلدان التي تشهد انتشارا للفيروس القاتل، وتطبيق سياسة التقصي الوبائي (معرفة مصدر العدوى) لبعض الحالات التي تم التأكد من إيجابية تحاليلها مؤخرًا.
تعاون أمني صحي بين مختلف الأجهزة في الدولة اللبنانية بهدف التأكد من تطبيق الإجراءات الاحترازية، وإقفال الإدارات والمؤسسات العامة، باستثناء المؤسسات الأمنية والصحية والكهرباء، وكذلك إغلاق تام لـ"الشركات والمؤسسات الخاصة والمحلات التجارية على اختلافها، ومكاتب أصحاب المهن الحرة"، باستثناء المطاحن والأفران "وكل ما يرتبط بتصنيع وتخزين وبيع المواد الغذائية وغيرها من المواد الاستهلاكية الأساسية"، بالإضافة لقرارات الحكومة في وقت سابق بوقف الرحلات الجوية مع الدول التي تشهد تفشياً للفيروس مثل إيطاليا وكوريا الجنوبية وإيران والصين وفرنسا والعراق وألمانيا وإسبانيا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى سوريا التي لم تعلن حتى الآن أي إصابة لديها.
تاجر لبناني: الأرباح 0%.. وأحيانًا أقل لالتزامنا بسداد رواتب وفواتير
يقول عماد شلهوب، تاجر 50 عاما، من طرابلس، يقول لا أعرف كيف يمكننا الصمود، أنا أب لأربعة أبناء وأعمل في تجارة الملابس منذ 30 عامًا، ومنذ شهور أعاني من قلة حركة البيع والشراء، وتكدس المخازن وأصبحت مضطرًا لتسريح 9 عاملين من إجمالي 11 عاملا، لنتفاجأ جميعًا بفيروس كورونا الذي قضى على أي أمل لدينا، حركة البيع انخفضت من 10% إلى 0% بل أقل، لأنني لا أربح أي أموال ومطالب في الوقت نفسه بسداد أجور وإيجارات وفواتير كهرباء وماء.
وتابع شلهوب، لا أستطيع إنسانيًا أن أخبر العاملين باستغنائي عنهم لصعوبة الظروف الحالية، وفي الوقت نفسه لا أعرف كيف سأستطيع الاستمرار في سداد رواتب من مالي الخاص الذي أصبح لا يكفي نفقات أسرتي، خاصة مع وجود كل ما أملك من أموال في شكل بضائع تتكدس في المخازن دون جدوى، فكل شخص في لبنان وأعتقد في العالم يوفر أمواله الآن للأيام الأكثر صعوبة ولشراء الطعام والشراب، فالملابس إذا ما تمت مقارنتها بالدواء والطعام والشراب تصبح رفاهية.
لم تمر علينا أيام بهذه الصعوبة حتى أثناء الحرب الأهلية
من جانبها تقول، ديانا بدر الدين، 65 عامًا، نعيش في رعب من احتمالية إصابتنا بفيروس كورونا، فالأوضاع الاقتصادية غير محتملة من الأساس، فكيف إذا ما كنا مطالبين بشراء مطهرات وكمامات وغيرها من أدوات الحماية ضد الفيروس في ظل عدم قدرتنا على الشراء من الأساس، فالبنوك اللبنانية لا تسمح لنا بالسحب من أرصدتنا إلا مئة دولار أسبوعيًا وبالكاد تكفينا لشراء الطعام والشراب".
وتابعت ديانا، التقارير في القنوات والصحف تؤكد أن الوضع مأساوي، ولكن المأساة لدينا مزدوجة بسبب عدم قدرتنا على الحصول على أموالنا في البنوك، أصبحت أخشى عدم قدرتي على شراء الطعام والشراب وليس فقط الدواء، مضيفة لم أعش أياماً بهذا السوء حتى في خضمّ الحرب الأهلية".