من سرت إلى فزان... أردوغان يوجه إرهابه وأطماعه لجنوب ليبيا
يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باستماتة السيطرة على البلدان والدول الفقيرة والمتناحرة، لتوسيع نفوذه وتحقيق أطماعه، لاسيما في ليبيا، ليختار بقعة جديدة بعد أن منعته مصر من سرت الجفرة.
مصر تحطم مخططات أردوغان
قبل أشهر، كان أردوغان بدأ نقل إرهابه من طرابلس إلى سرت، عبر المال والعتاد والمرتزقة، لتصنع مصر خطا ناريا بها وتحطم مخططات تركيا، حيث أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في يوليو الماضي، أثناء لقائه أعيان القبائل الليبية، أن بلاده لن تسمح بتجاوز خط "سرت- الجفرة"، وخرج لاحقا في خطاب شدد فيه على أن "سرت خط أحمر" بالنسبة لمصر.
وعقب تلك التحذيرات، شكل السيسي خطا في الشرق عبر شخصيات بارزة، ومن ثَم أدى ذلك إلى وقف زحف ميليشيات حكومة فايز السراج المدعومة من تركيا نحو شرقي ليبيا.
وعقب تلك الخطوات المصرية الحاسمة، وانكسار شوكة تركيا بسرت، اتجه أردوغان إلى التفكير في نقل أطماعه إلى الإقليم الجنوبي الغربي المعروف بـ"فزان"، وفقًا لما كشفه موقع "أفريكا إنتلجنس" المتخصص في الشؤون الاستخبارية والإستراتيجية.
الانتقال إلى فزان
انتقال تلك الأطماع التركية إلى فزان وثق الكثير من حقيقة تبعية حكومة السراج وأنها تأخذ أوامرها من أردوغان، فضلاً عن الاعتماد التركي على قبائل الطوارق بسبب المطامع الليبية في الجنوب الغربي.
وأورد موقع "أفريكا إنتلجنس" أنه في 4 نوفمبر الجاري دعت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، أحد أبرز أذرع أردوغان لتنفيذ أجنداته وطالبت أكثر من جهة بإدراجها على لوائح الإرهاب، وفدا من زعماء قبائل إقليم فزان للحضور إلى أنقرة.
وكان من بين المدعوين إلى العاصمة التركية، شخصيات بارزة، مثل رئيس المجلس الأعلى لطوارق ليبيا، مولاي قديدي، ورئيس المجلس الموحد لقبائل (تبو)، محمد وردوغو، ووكيل وزارة أسر الشهداء والمفقودين السابق، محمد سيدي إبراهيم، وهو الرجل الثاني في مجلس (تبو).
وتعمل المنظمة الخيرية التركية على تنفيذ الأجندة الخارجية لأردوغان في مختلف البلدان، وتواجدت في ليبيا منذ 2011، حيث بدأت بتوزيع الغذاء في منطقتين طرابلس وصبراتة، قبل أن تنقل المرتزقة والمال والأسلحة لميليشيات أردوغان بها.
تقليد إيطاليا
ولفت الموقع الاستخباري إلى أن أردوغان يحاول تقليد خطة إيطاليا في عام 2016، حينما سعت للتوسط من أجل "اتفاق إنساني"، بين المكونات السياسية والاثنية في المنطقة، المعروف باسم "اتفاق روما" الذي أشرفت عليه جمعية "سانت إيغيديو" الخيرية الإيطالية، وهدف إلى وقف الصراع بين القبائل، خاصة أنها خارج سيطرة حكومة فايز السراج، إلا أن الاتفاق لم يحقق مساعيه، حيث ما زالت الاشتباكات جارية بين مسلحي القبائل.
وبذلك يحاول أردوغان إعادة تنفيذ تلك الخطة الإيطالية بحذافيرها، فدفع بهيئته التركية لتنفيذ مهمة التوسط، لإضفاء صبغة شرعية على مخططه، الذي يهدف منه السيطرة على ذلك الإقليم.
أهمية فزان لأردوغان
ترجع أهمية الإقليم الجنوبي فزان لأردوغان إلى أن أجواء عديدة منه تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي في فبراير 2019، ضمن عملية عسكرية واسعة النطاق، بينما ما زالت أراضٍ عديدة به تابعة لسيطرة حكومة فايز السراج والميليشيات الموالية لها، ومن ثَم سيشبع أغراضه الدموية في نشر المزيد من الإرهاب والفوضى.
ويمتلك الفزان أهمية إستراتيجية؛ فرغم أنه منطقة صحراوية قاحلة، لكنه يضم موارد ضخمة، منها احتواؤه على أكبر حقول النفط، فضلاً عن وجود كميات ضخمة من المياه الجوفية تحت الرمال.
كما أن للإقليم دوراً رئيسياً في التوازن العسكري والاقتصادي في ليبيا، لذلك يتبع السراج أوامر أردوغان في السيطرة عليه، للحفاظ على مصالحهم، ولكنهم يظنون أن استمالة زعماء العشائر ضرورية للغاية، وفقاً الموقع الاستخباراتي، مشيراً إلى أن مواد الإقليم تجعل زعماء القبائل لاعبين رئيسيين بالفعل، فيمكنهم وقف صنبور المياه، ولكن لن يتمكنوا من فعل ذلك بسهولة.