شكوى قضائية ضد نعيم قاسم.. خطوة سياسية أم اختبار للقضاء اللبناني؟
شكوى قضائية ضد نعيم قاسم.. خطوة سياسية أم اختبار للقضاء اللبناني؟

في مشهد يعكس تصاعد الاحتقان السياسي في لبنان، تقدم عدد من النواب والسياسيين، الأربعاء، بشكوى جزائية أمام المدعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار ضد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم.
الشكوى التي حملت توقيع النواب إلياس الخوري وأشرف ريفي وكميل شمعون وجورج عقيص، إلى جانب النائب السابق إدي أبي اللمع ورئيس حركة التغيير إيلي محفوض، سُجلت في قلم النيابة العامة التمييزية في بيروت، وشملت اتهامات لقاسم بـ"التحريض والتهديد والانقلاب على السلطة الدستورية".
تصريحات نعيم المثيرة للجدل
القضية انطلقت من خطاب ألقاه قاسم في 15 أغسطس الجاري، أكد فيه أن حزب الله "لن يسلم سلاحه مهما كلف الأمر"، مضيفًا أن المعركة ضد ما وصفه بـ"المشروع الإسرائيلي – الأمريكي" قد تتحول إلى "كربلاء جديدة". كما حمّل الحكومة اللبنانية المسؤولية عن أي فتنة أو انفجار داخلي، في تصريحات اعتُبرت من قبل خصومه تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار.
خطوة قضائية غير مسبوقة
هذه الشكوى تمثل سابقة على مستوى التعاطي القانوني مع قيادات حزب الله، إذ يرى مقدموها أنها تتجاوز الرمزية إلى "رسالة مباشرة" للقضاء بضرورة تطبيق القوانين على الجميع بلا استثناء. ويذهب أصحابها إلى أن أي تساهل في هذا الملف يعني تكريس واقع ازدواجية السلطة بين الدولة والحزب.
اختبار للقضاء اللبناني
التحرك القضائي يضع النيابة العامة التمييزية أمام معادلة حساسة: فهل ستتمكن من التعامل مع شخصية رفيعة في حزب الله كأي مواطن عادي؟ أم أن موازين القوى ستفرض واقعًا مختلفًا؟
بحسب قانونيين لبنانيين، أن المسألة لا تتعلق فقط بالشق القانوني، بل تتجاوز إلى حسابات سياسية أوسع. فحزب الله يتمتع بثقل عسكري وسياسي يجعل أي مسار قضائي بحقه محفوفًا بالمخاطر، في وقت يعيش فيه لبنان أزمة بنيوية تهدد استقراره السياسي والأمني.
الشكوى تأتي أيضًا في سياق داخلي مأزوم يتقاطع فيه ملف السلاح غير الشرعي مع الاستحقاقات الدستورية المعلّقة، ومع ضغوط دولية متصاعدة تطالب بيروت بتعزيز سيادتها وحصر السلاح بيد الدولة.
في هذا السياق، يرى المحلل السياسي اللبناني مروان الأسعد، أن الشكوى لا يمكن فصلها عن الصراع السياسي القائم في البلاد.
ويقول: "التوجه نحو القضاء ضد نعيم قاسم يهدف إلى إحراجه أكثر مما يهدف إلى إدانته قانونيًا. لكن الأهم أن هذه الخطوة تكشف حجم الهوة بين من يطالبون بحصرية السلاح بيد الدولة، وبين حزب الله الذي يرى نفسه جزءًا من معادلة إقليمية أكبر من حدود لبنان".
ويضيف الأسعد -في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن "القضاء اللبناني سيجد نفسه في وضع دقيق، لأنه إن تجاوب مع الشكوى فقد يفتح باب مواجهة مباشرة مع الحزب، وإن تجاهلها فسوف يُتهم بالعجز أو التواطؤ، وهذا ما يجعل القضية اختبارًا مزدوجًا للدولة اللبنانية: سياسيًا وقضائيًا".