بعد عام من انفجار مرفأ بيروت.. لبنان إلى أين؟!
لقي أكثر من 200 شخص مصرعهم في انفجار مرفأ بيروت
رغم مرور عام كامل على كارثة انفجار مرفأ بيروت، تفاقمت الأزمات وتدهور الحال في لبنان على نحو غير مسبوق، ومرورا بالأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، لم يعد لبنان قادرا حتى على إيجاد حكومة تتعامل مع الموقف الراهن.
ولم يجد السياسيون اللبنانيون حتى في كارثة المرفأ ما يحفزهم على إنقاذ البلاد وتشكيل الحكومة، وتوالت اعتذارات السياسيين من سعد الحريري الى مصطفى أديب ثم الحريري مرة أخرى.
ومنذ انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس من العام الماضي 2020، بسبب ما خزنته ميليشيات حزب الله من كميات هائلة من نترات الأمونيوم، ويعيش لبنان حالة حزن لا ينتهي.
وأسفر الانفجار عن تضرر عدد من شوارع العاصمة ومقتل أكثر من 200 شخص وجرح أكثر من 6 آلاف، وترك 300 ألف شخص بلا مأوى.
كما دمر الانفجار نحو 226 مدرسة، و20 مركزًا للتدريب، و32 حرمًا جامعيًا، ولم تكشف التحقيقات حتى اليوم كيفية حدوث الانفجار.
وما زالت الأوضاع تتدهور في لبنان، إذ يشهد البلد أزمة اقتصادية ومالية حادة، أدت بدورها إلى أزمة أمنية غير مسبوقة، بعدما انتهت الأوضاع غير المستقرة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار الذي تخطى اليوم 22 ألف ليرة لبنانية.
وانتشرت الاضطرابات الأمنية في كافة أنحاء لبنان، الأمر الذي أدى إلى حالة انهيار اجتماعي أيضا.
وبالتزامن مع اضطرابات في طرابلس شمال لبنان، الشهر الماضي، كان رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، يعلن اعتذاره عن تشكيل الحكومة اللبنانية.
ولم تعد هناك ملامح واضحة لمستقبل لبنان في ظل هذه الأزمات المتتابعة في ظل ذلك الانفلات على جميع المناحي.
أوضاع متأزمة
وفي تصريحات سابقة لـ"العرب مباشر"، حذر الدكتور إسماعيل سكرية، البرلماني السابق، ورئيس الهيئة الوطنية الصحية "الصحة حق وكرامة"، من أن الأمور معقدة في لبنان، ولا يبدو في الأفق بارقة أمل واضحة، وهناك شبه عجز عن إنتاج حل وإنتاج حكومة من قبل السياسيين المعنيين، كما أن التدخلات الخارجية ليست بذات الزخم أو موحدة الرأي حتى تنتج هذه الحكومة.
وأضاف سكرية: أن لبنان اعتاد تاريخيا أن يكون هناك مساعدة من المجتمع الخارجي، إلا أن المساعدة الخارجية الآن لا تستطيع إنتاج رأي موحد ينتج حكومة أو يسهل حلولاً، علاوة على أن اللاعبين السياسيين الداخليين الذين كانوا يمتلكون قدرة على إنتاج حل تعقدت الأمور، وخاصة أنه صارت بالحسبان حسابات لفترة رئاسة الجمهورية بعد 3 شهور، والانتخابات البرلمانية المتوقعة بعد 9 شهور.
كل هذا يزيد الأمور تعقيدا حسبما أكد البرلماني اللبناني السابق.
هل يمكن إيجاد حلول؟
ورأت الإعلامية اللبنانية "نجاة الجميل"، أنه لا يبدو الأفق مفتوحًا أمام حلول مرتقبة في المدى المنظور، مضيفة أن العيون تتجه اليوم إلى الانتخابات النيابية المرتقبة في مايو/ أيار المقبل، وكل الجهود تصب بهذا الاتجاه وعدم التأخير في هذه الانتخابات بضغوط دولية تمارس على الفرقاء لمنع أي محاولة للتفكير بتأخير هذه الانتخابات لأي سبب كان، لأن البلد لم يعد يحتمل المزيد من المماطلة في الكثير من الحلول.
وقالت نجاة الجميل: "يبدو أنه لن يكون هناك أي توافق بين أي منهم لتشكيل الحكومة، فسعد الحريري لم يكن يريدها، وحزب الله لم يكن يريدها، وميشيل عون لم يكن يريدها إلا بالشكل الذي يقوض عمل الحكومة ويجعلها أسيرة القرارات الرئاسية".
أزمات لا تتوقف
ومن جانبها أشارت الصحفية اللبنانية، حنان حمدان، إلى الأزمة التي يعيشها اللبنانيون، بدءا من أزمة انقطاع الدواء وشح الوقود وتقنين كهرباء تصل إلى 22 ساعة في اليوم، وتدهور قيمة الليرة، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وعدم توفر أبسط المستلزمات والاحتياجات الأساسية، حتى أن الطبابة باتت رفاهية زائدة وغير متوفرة للجميع.
وتقول حمدان: إنه برغم كل هذه الأزمات التي أوجعت اللبنانيين وتسببت بموت أطفال وتجويع فقراء، نجد أن الأطراف السياسية منغمسون في خلافاتهم حول السلطة والتي حالت دون تشكيل حكومة جديدة، وتركزت أبرز هذه الخلافات حول حق تسمية الوزراء المسيحيين.
فقدان ثقة
وبحسب أبناء لبنان أنفسهم، هناك واقع العيش مأزوم في لبنان، أدى إلى فقدان ثقة الناس بالسلطة السياسية الحاكمة، فالجميع يقر بغياب أي أفق للحل راهناً وبأن لبنان ذاهب إلى المجهول، فالأمور باتت معقدة والجميع يترقب ما ستحمله لنا الأيام المقبلة.
وما زالت السلطة السياسية في لبنان تراهن على تعود اللبنانيين على كل هذه الأزمات من وقف الدعم للسلع الأساسية وارتفاع الأسعار وفقدان الدواء والموت على أبواب المستشفيات والعيش بدون كهرباء وحجز أموال المودعين في المصارف وتقييد سحوباتهم.
كما أن هناك شبه إجماع لدى خبراء الاقتصاد بأن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة ستستمر في لبنان لعدة سنوات مقبلة، في ظل الانهيار الاقتصادي الكبير الحاصل، ويزيد من ذلك تأخر تشكيل حكومة، وهو ما كان يمكن أن يساهم في وقف هذا الانهيار.
وبشهادة البنك الدولي، يشهد لبنان منذ تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2019 أسوأ أزمة مالية واقتصادية، وهي إحدى أشد ثلاث أزمات منذ منتصف القرن التاسع عشر بحسب البنك الدولي.
فشل متعمد
وبحسب التقارير، يرى الشارع اللبناني أن عدم تشكيل الحكومة هو فشل متعمد غير واضح المعالم، حتى أن البعض يجد أن هناك اتفاقاً ضمنياً بين الأطراف السياسية لعدم تشكيل الحكومة إلى حين حصول توافق خارجي على عكس الموقف المعلن.