بعد مقتل جنود أميركيين للمرة الأولى.. هل تقع المواجهة المباشرة بين طهران وواشنطن؟
تنبؤات بمواجهة مباشرة بين طهران وواشنطن
في ظل استمرار الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، تتزايد المخاوف من اندلاع مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، اللتين تدعمان طرفي الصراع بشكل غير مباشر، وتشهد المنطقة تطورات خطيرة، بعد مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة العشرات في هجوم بطائرة مسيّرة على موقع عسكري على الحدود الأردنية السورية، الأسبوع الماضي، وهذه هي المرة الأولى التي يقتل فيها جنود أميركيون في الشرق الأوسط منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر الماضي.
اتهامات أميركية لـ"طهران"
واتهم الرئيس الأميركي جو بايدن الجماعات المدعومة من إيران بتنفيذ الهجوم، وهدد برد قوي وحاسم، وفي الوقت الذي نفت فيه إيران أي تورط مباشر في الهجمات، أعلنت ميليشيات إيرانية مسؤوليتها عن الهجوم، وقالت إنه رد على الدعم الأميركي لإسرائيل.
ويأتي هذا التصعيد في ظل توترات متزايدة بين واشنطن وطهران، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران في عام 2018، وفرض عقوبات اقتصادية شديدة على طهران.
وتشهد المنطقة أيضاً تصعيداً في العنف بين إسرائيل وحماس، اللتين تتبادلان إطلاق الصواريخ والقصف على الأراضي المحتلة وقطاع غزة، مخلفة مئات القتلى والجرحى من الجانبين، وتدعم إيران حركة حماس مالياً وعسكرياً، في حين تدعم الولايات المتحدة إسرائيل بشكل كبير؛ مما يزيد من خطر تحول الصراع إلى حرب إقليمية.
وتواجه الولايات المتحدة تحديات كبيرة في الحفاظ على مصالحها وأمنها في الشرق الأوسط، حيث تتواجد قواتها في عدة دول، وتتداخل مع وجود الميليشيات الإيرانية، وتسعى الولايات المتحدة إلى الانسحاب التدريجي من المنطقة، والتركيز على التهديدات الأخرى مثل الصين وروسيا، لكن الأحداث الأخيرة تجذبها إليها مرة أخرى.
مطالبات أميركية بالرد على إيران
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن الكاتب ماكس بووت قوله: إن القوات الأميركية فقدت الحظ يوم الأحد 28 يناير، عندما استهدفت مسيّرة الموقع الذي يسمى البرج 22، بعد أن تصدت لأكثر من 160 هجوماً، بينها هجمات بالمسيّرات والصواريخ، خلال أربعة أشهر.
وأضاف بووت في مقاله الذي حمل عنوان بايدن يجب أن يرد على الوكلاء الإيرانيين بعد مقتل الجنود الأميركيين، أن الميليشيات التي تتلقى الدعم من إيران هي المسؤولة عن تلك الهجمات على القوات الأميركية، وتساءل عن سبب عدم قدرة الدفاعات الجوية الأميركية على صد الهجوم الأخير.
التوترات تهدد بحرب واسعة النطاق
يقول د. طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية: إن الشرق الأوسط يشهد مرحلة حرجة ومعقدة تتميز بالتحولات الجيوسياسية والتحديات الأمنية والإنسانية.
ويضيف فهمي في تصريحات لـ"العرب مباشر": أن الصراع بين إسرائيل وحماس، والتوتر بين الولايات المتحدة وإيران، يهددان بإشعال حرب واسعة النطاق في المنطقة، لا تقتصر على الأطراف المتصارعة، بل تمتد إلى الدول المجاورة والحلفاء والمنظمات الدولية.
وينصح د. فهمي بضرورة العمل على تهدئة الأوضاع، والعودة إلى طاولة المفاوضات، والبحث عن حلول سياسية ودبلوماسية للنزاعات، بمشاركة كل الأطراف المعنية والمؤثرة.
ويؤكد أن الشرق الأوسط يحتاج إلى رؤية استراتيجية شاملة ومتوازنة، تضمن الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون والسلام لشعوبه.
حرب غزة جزء من معادلة أكبر
في السياق ذاته، يقول د. عصام ملكاوي أستاذ الدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الشرق الأوسط يعيش حالة من الانفجار المتأخر، بعد سنوات من التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية والمطالبات الشعبية والمظالم الاجتماعية والاقتصادية.
ويضيف ملكاوي في تصريحات لـ"العرب مباشر": أن الحرب في غزة وإسرائيل هي مجرد جزء من معادلة أكبر، تشمل الصراع الإيراني الأميركي والتنافس الإقليمي والتحولات السياسية والأمنية في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والسودان وغيرها من الدول.
ويقول ملكاوي: إن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، والتوصل إلى اتفاق نووي جديد بين إيران والدول الكبرى، وإنهاء الحروب الأهلية والتصدي لميليشيات إيران التي تشعل الحرب بالوكالة في الدول المنكوبة، وتعزيز الديمقراطية والحقوق الإنسانية والتنمية الشاملة في الدول العربية.
ويحذر ملكاوي من أن الاستمرار في التصعيد والتصادم والتدخل والتهميش والفشل في الإصلاح سيؤدي إلى تفاقم العنف والتطرف في المنطقة؛ مما يهدد الأمن والاستقرار العالميين.