بعد تعميق حزب الله للأزمات الطائفية.. هل يمكن أن ينجو لبنان بدون رئيس؟

يعمق حزب الله للأزمات الطائفية في لبنان

بعد تعميق حزب الله للأزمات الطائفية.. هل يمكن أن ينجو لبنان بدون رئيس؟
صورة أرشيفية

بدون رئيس دولة، لم يكن لبنان قادرًا على كبح جماح التضخم المتفشي وإصلاح قطاع الطاقة المتعثر ومحاسبة المسؤولين عن انفجار ميناء بيروت، على الرغم من وفاة أكثر من 200 شخص في الانفجار، كما فشلت الطبقة السياسية أيضًا في إدخال الإصلاحات اللازمة لإخراج نفسها من واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ، ويرى المراقبون أن وجود رئيس من عدمه لن يكون له تأثير قوي على الأزمات الكبرى التي تشهدها لبنان، لأن الأزمة لها جذور طائفية متعددة، فضلاً عن مخططات حزب الله لاستعادة السيطرة على المشهد اللبناني وبناء قاعدة شعبية وسياسية جديدة له.

ويرى مراقبون أن الأزمة في لبنان تكمن في النظام الطائفي والخلافات بين النخب السياسية والتي يعمقها حزب الله للحفاظ على المشهد الراهن لأنها الطريقة الوحيدة التي تمكنه من الاستمرار في لبنان، بعد انهيار شعبيته في الشارع اللبناني، وبين العديد من النخب السياسية.

برلمان ضعيف 

وأفادت صحيفة "ذا ناشيونال" الدولية، بأنه يمكن أن يعتقد البعض أنه حتى عندما كان لدى لبنان رئيس، كانت الدولة لا تزال غير قادرة على حل العديد من المشاكل المترابطة، ولكن كان من المفترض أن يصبح البرلمان هيئة انتخابية بمجرد انتهاء ولاية الرئيس، مع مسؤولية إيجاد من يخلفه، ولكن دستوريا في غياب رئيس يقع على عاتق الحكومة اللبنانية قيادة البلاد، وهو ما يضعها في مأزق مواجهة حالة الاستقطاب الكبرى التي يشهدها الشارع اللبناني.

وتابعت أنه في الوقت الذي يواصل النواب العمل وإجراء المفاوضات خلف الكواليس لانتخاب رئيس جديد للدولة، يواجه الزعيم المؤقت للبلاد - الملياردير رئيس الوزراء نجيب ميقاتي وحكومته المكونة من 24 وزيراً – أزمات المشهد السياسي المعقد والانهيار الاقتصادي والمالي للبلاد.

وأضافت أن حكومة ميقاتي قوبلت بالمقاومة، حيث ادعى خصومها أن رئيس الوزراء تجاوز سلطاته وتعدى على ما يمكن أن يكون للرئيس من خلال عقد جلسات مجلس الوزراء، وتوقيع المراسيم، في إشارة إلى الاستعداد لترسيم حدود لبنان الوطنية مع إسرائيل.

وأشارت الصحيفة إلى أن أزمة انتخاب الرئيس التي تشهدها لبنان مع انتهاء كل دورة رئاسية تعكس مدى هشاشة المجتمع اللبناني وضعف البرلمان، ومخططات حزب الله للسيطرة على المشهد السياسي.

رئيس بدون صلاحيات

وقال الخبير في القانون الدستوري وسام لحام: إن "الرئيس وحده لا يستطيع فعل أي شيء، إنه رئيس صوري".

وأكدت وكالة الأنباء الفرنسية، أنه بسبب التركيبة الطائفية للسياسة اللبنانية، لا يمكن تهميش الرئيس - حسب العرف المسيحي الماروني دائمًا - لأنه سيؤدي إلى زعزعة التوازن الطائفي الهش لتقاسم السلطة، وبسبب هذا ، "لديه سلطة سياسية فعالة لكنه ليس من يقود، ففي لبنان، لا أحد يقود فعلاً.

وتابعت أن لهذه الأسباب اندلعت الأزمة بين الحكومة والنخبة السياسية، فبمجرد انتهاء فترة ميشال عون كرئيس في أكتوبر الماضي، بدأ منتقدو ميقاتي يتهمونه باغتصاب السلطات الرئاسية، فخلال هذا الشهر فقط، انتقد زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل - الذي كان يعتقد على نطاق واسع أنه مرشح رئاسي - ميقاتي بشأن إشارة الحكومة للأمم المتحدة بأنها مستعدة للتفاوض بشأن الحدود البرية اللبنانية مع إسرائيل.

قال باسيل في ذلك الوقت: "مفاوضات الحدود هي من صلاحيات الرئيس"، كما قاطع هو وحزبه مرارًا وتكرارًا عقد ميقاتي لجلسات وزارية من حين لآخر لإدارة شؤون البلاد في غياب رئيس أو مجلس تشريعي، على أساس أن الحكومة ليست مفوضة بالكامل.

وقال لحام: "دستوريًا فإن في حالة عدم وجود رئيس فإن رئيس الوزراء يتولى صلاحياته، وإدارة شؤون البلاد، لكن الأمر لا يتم بهذه السهولة في لبنان، الأمر يشبه اللعبة الجميع يريد أن يفوز، وبالنسبة للشعب، هم يبحثون عن الاستقرار ورئيس للبلاد، قبل الانهيار الكامل للمؤسسات السياسية كافة".

شجار طائفي

وأكدت الوكالة الفرنسية، أن الأزمة السياسية في لبنان ليست بسبب عدم القدرة على انتخاب رئيس فقط، ولكن بسبب الطائفية، لأن الرئيس في لبنان دوره رمزي، في حين أن رئيس الوزراء - حسب العرف عادة ما يكون سنيًا بصلاحيات أكثر جوهرية، وبالتالي فإن رفض التيار الوطني الحر لعمل ميقاتي ما هو إلا شجار طائفي لأسباب سياسية لاكتساب شعبية بين المسيحيين بقوله إننا ندافع عن امتيازات الرئيس المسيحي، لكن في الواقع، فإن الخلاف "أشبه بغطاء من الدخان للاستهلاك العام.

وتابعت أن الكثيرين يعتقدون أن انتخاب رئيس في لبنان يحمل حل الأزمات الكبرى التي تشهدها البلاد، ولكن الأمر لن يحدث بدون تطبيق إصلاحات حقيقية على النظام السياسي في لبنان والقضاء على النظام الطائفي الذي يمنح حزب الله فرصة كبرى للسيطرة على المشهد اللبناني سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مع منح الجيش اللبناني فقط صلاحيات حماية الدولة وأن يكون هو الجهة الوحيدة التي تمتلك ترسانة الأسلحة.