قبل الانتخابات الرئاسية.. هل ارتكب العدالة والتنمية أكبر خطأ في حق أردوغان؟
ارتكب العدالة والتنمية أكبر خطأ في حق أردوغان
يدرك حزب العدالة والتنمية التركي أن السبيل الوحيد لفوز الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقرر لها العام المقبل، هي ضمان الفوز قبل الانتخابات، من خلال القضاء على المعارضة أو تفكيك وحدتهم، ففي ظلّ الأزمة الاقتصادية والسياسية الكبرى التي تشهدها تركيا، فإن وحدة المعارضة تؤثر بشكل كبير على الرئيس التركي وحزبه، حيث فشلت الحكومة التركية حتى الآن في إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي تفاقمت بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وانهيار الاقتصاد العالمي.
نتائج عكسية
صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أكدت أنه في 14 ديسمبر، حكمت محكمة تركية على ألد خصوم أردوغان، عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، بالسجن لمدة عامين وسبعة أشهر، كما أخضعت المحكمة إمام أوغلو لحظر سياسي، ومن الواضح أن العمدة الأصغر والحيوي يشكل تهديدًا حقيقيًا لأردوغان، الذي تتراجع شعبيته مع استعداد البلاد لانتخابات عام 2023، حيث يُظهر حزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP) الذي يتزعمه الرئيس انخفاضًا كبيرًا في الدعم في استطلاعات الرأي ، ويواجه الاقتصاد التركي تضخمًا مفرطًا لا يمكن إدارته إلا من خلال التدفقات النقدية من القوى الصديقة مثل روسيا أو دول الخليج العربية.
ووفقًا للصحيفة فإن مقترحات إقصاء المعارضة بالسجن والحظر، ليس الأفضل ولن تصب في مصلحة أردوغان وحزبه الحاكم، فهي مخاطرة أكثر من مكسب سياسي، لأنها يمكن أن تأتي بنتائج عكسية بسهولة إذا لعبت المعارضة أوراقها بذكاء، فالسباق في تركيا لم ينتهِ بأي حال من الأحوال، لأن قرار المحكمة بشأن إمام أوغلو لن يدخل حيز التنفيذ حتى تتم الموافقة عليه من قِبل محكمة الاستئناف، يُنصح معسكر المعارضة -ستة أحزاب أنشأت كتلة موحدة- بالرد على خطوة الرئيس بالالتفاف خلف رئيس البلدية أو حتى التفكير في تعيين إمام أوغلو كمرشح لها.
خطط بديلة
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإنه من الناحية الفنية، كان قرار المحكمة بالطبع نتاج القضاء التركي المفترض، على الرغم من أنه لا أحد يشكّ في أنه جاء من أعلى، القضية نفسها هي قضية كافكا حتى بالمعايير التركية، يُتهم إمام أوغلو بإهانة القضاء عندما وصف مناورات السلطات المشبوهة للغاية بعد الانتخابات المحلية لعام 2019 بأنها "حماقة"، وإذا قررت محكمة أعلى دعم الحظر المفروض على إمام أوغلو في الأشهر القليلة المقبلة، فمن المرجح أن يتفاعل الجمهور بغضب، ومناورة المعارضة ستؤتي ثمارها، فعادة ما يعاقب الناخبون الأتراك محاولات التدخل العلني في الانتخابات، وقد يجعل ذلك قرار 14 ديسمبر نعمة مقنعة للمعارضة إذا أظهر استعدادًا لاتخاذ خطوات جريئة.
وأضافت الصحيفة أن الحزب الحاكم في تركيا، بالطبع لديه تحركات أخرى في جعبته، وحظر إمام أوغلو ليس سوى خطوة واحدة من سلسلة من الخطوات لتشكيل ساحة اللعب السياسية قبل الانتخابات، فبعد 20 عامًا في السلطة، وبعد صنع العديد من الأعداء، فإن لدى أردوغان الكثير ليخسره، والقضاء على الخصم الرئيسي هو مجرد بداية، يعتبر "قانون التضليل" الذي تبنته تركيا مؤخرًا، والذي يقول النقاد أن لديه القدرة على تقييد حرية التعبير وتدفق المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، خطوة أخرى محفوفة بالمخاطر، كما يلعب أردوغان أيضًا دورًا ماهرًا في الجغرافيا السياسية بطرق يأمل أن تضمن قبضته على السلطة في تركيا. لقد استفاد اقتصاديًا وجيوسياسيًا من الحرب في أوكرانيا من خلال إبقاء تركيا محايدة تقريبًا بين الغرب وروسيا، فيما يسميه سياسة "متوازنة".
وتابعت الصحيفة الأميركية، أنه بالرغم من أن أردوغان لا يزال خبيرًا في التكتيك، إلا أن هناك دلائل على أنه فقَدَ تعاطُف شعبه، والآن يمنح خصمه الأول فرصة لمتابعة طريقه إلى السلطة السياسية، بسبب مقترحات حكومته ومستشاريه الخاطئة، فأردوغان لديه الفرصة بالفوز في الانتخابات من خلال كسب شعبية الجمهور مرة أخرى وليس من خلال إقصاء المعارضة.