بن غفير يعلن حربًا بحرية.. إسرائيل تتوعد أسطول الصمود بردع غير مسبوق

بن غفير يعلن حربًا بحرية.. إسرائيل تتوعد أسطول الصمود بردع غير مسبوق

بن غفير يعلن حربًا بحرية.. إسرائيل تتوعد أسطول الصمود بردع غير مسبوق
بن غفير

بينما تواصل غزة نزيفها تحت الحصار والحرب المستمرة منذ ما يقارب عامين، يبحر في البحر المتوسط "أسطول الصمود العالمي" محمّلاً بالناشطين والوجوه الإنسانية والفنية من مختلف أنحاء العالم، لكن هذه المبادرة التي تستهدف كسر الطوق البحري عن القطاع الفلسطيني، سرعان ما اصطدمت بتهديدات إسرائيلية مباشرة، بعدما كشف وزير الأمن القومي المتشدد إيتمار بن غفير عن خطة غير مسبوقة للتعامل مع الأسطول.

 

الخطة، التي تشمل اعتقال المشاركين لفترات طويلة ومصادرة السفن وإعادة استخدامها، أعادت إلى الأذهان مشهد الهجوم الدموي على أسطول الحرية عام 2010، وفتحت الباب مجددًا أمام تساؤلات حول حدود القوة الإسرائيلية والقانون الدولي، ومع انطلاق نحو خمسين سفينة من برشلونة باتجاه غزة، بمشاركة ناشطين من 44 دولة، بدا واضحًا أن المواجهة البحرية القادمة لن تكون مجرد فصل جديد من محاولات إنسانية لكسر الحصار، بل اختبارًا حقيقيًا لقدرة المجتمع الدولي على حماية مبادئه أمام قبضة الاحتلال الإسرائيلي.

 

خطة إسرائيلية قاسية

خلال اجتماع حكومي عُقد الأحد الماضي بحضور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزراء الدفاع والخارجية، قدّم بن غفير خطة للتعامل مع "أسطول الصمود" الذي انطلق من برشلونة الإسبانية باتجاه غزة.

 

وتقوم الخطة على اعتقال الناشطين لفترات طويلة داخل سجون إسرائيلية صارمة مثل "كتسيعوت" و"دامون"، في ظروف تُخصص عادة للسجناء الأمنيين.

 

وبموجب الترتيبات الجديدة، لن يُسمح للمحتجزين بامتيازات أساسية مثل الوصول إلى التلفاز أو الراديو أو حتى الطعام الخاص.

 

كما اقترح الوزير الإسرائيلي مصادرة جميع السفن المشاركة في الأسطول وإعادة توظيفها لصالح الأجهزة الأمنية، في خطوة وصفتها وسائل الإعلام العبرية بأنها "رسالة ردع قوية" للناشطين والداعمين الدوليين لغزة.

 

وأكد بن غفير بعد الاجتماع، أن إسرائيل "لن تسمح بعودة المعتقلين بهدوء كما في السابق"، متوعدًا بفرض عقوبات قاسية لخلق "رادع واضح".

 

وجوه بارزة في الأسطول

الأسطول، الذي يضم 50 سفينة، يشارك فيه نشطاء وحقوقيون وأطباء وفنانون من 44 دولة، وتصدرت أسماؤهم عناوين الصحافة العالمية، بينهم الممثلة الأمريكية سوزان ساراندون، السويدي غوستاف سكارسغارد، الإيرلندي ليام كانينغهام، إضافة إلى الناشطة البيئية السويدية جريتا تونبرغ والسياسية البرتغالية ماريانا مورتجوا.

 

هذه المشاركة الواسعة تعطي للأسطول بعدًا إعلاميًا وسياسيًا يتجاوز مجرد محاولة إنسانية، إذ يضع إسرائيل تحت ضغط الرأي العام العالمي، غير أن تل أبيب تعتبره "محاولة لتقويض سيادتها ودعم حركة حماس"، بحسب ما جاء في تصريحات بن غفير.

التاريخ يعيد نفسه

ليست هذه المرة الأولى التي يبحر فيها ناشطون دوليون لكسر الحصار البحري عن غزة. ففي عام 2010، شنّت القوات الإسرائيلية هجومًا على "أسطول الحرية" الذي قادته سفينة تركية؛ ما أسفر عن مقتل تسعة نشطاء أتراك وأثار أزمة دبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب.

 

ومنذ ذلك الحين، حاولت مبادرات عديدة الوصول إلى غزة، لكن إسرائيل كانت دائمًا تتدخل لاعتراض السفن واعتقال المشاركين قبل ترحيلهم.

 

خلال الأشهر الماضية فقط، اعترضت البحرية الإسرائيلية عدة محاولات، منها سفينة "مادلين" القادمة من أوروبا وسفينة "حنظلة"، حيث جرى توقيف أكثر من 20 ناشطًا من فرنسا وألمانيا والبرازيل وتركيا والسويد، لكن هذه المرة، يبدو أن المواجهة قد تأخذ طابعًا أكثر صدامية بسبب الخطة الإسرائيلية الجديدة.

 

ردود فعل متباينة

المنظمون يؤكدون أن المبادرة "مستقلة وغير حزبية"، هدفها إيصال مساعدات إنسانية وتسليط الضوء على معاناة سكان غزة المحاصرين منذ أكثر من 15 عامًا.

 

وقال الناشط الفلسطيني المقيم في إسبانيا، سيف أبوكشك، في حديث لوكالة رويترز: إن الكرة الآن في ملعب السياسيين الأوروبيين للضغط على إسرائيل من أجل السماح للأسطول بالمرور.

 

في المقابل، تتوقع منظمات حقوقية أن تثير خطة بن غفير موجة انتقادات واسعة، إذ إن احتجاز الناشطين في ظروف قاسية ولفترات طويلة قد يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان.

 

تأتي هذه التطورات في وقت تعيش فيه غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، مع استمرار الحرب الإسرائيلية التي أودت بحياة أكثر من 61 ألف فلسطيني منذ نحو 22 شهرًا، وفق وزارة الصحة في القطاع.

 

 بالنسبة للعديد من المراقبين، فإن "أسطول الصمود" ليس سوى محاولة رمزية لكسر الصمت الدولي وإحراج الحكومات الغربية التي تغض الطرف عن الحصار الإسرائيلي.

 

أما بالنسبة لإسرائيل، فالخطة المقترحة لا تقتصر على منع السفن من الوصول إلى غزة، بل تسعى إلى إرسال إشارة إلى المجتمع الدولي بأن أي محاولة لتحدي الحصار ستُواجه برد صارم، بما يعكس صعود التيار اليميني المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية بقيادة شخصيات مثل بن غفير.