الهدوء الحذر يخيم على الحدود اللبنانية الإسرائيلية: ما الأسباب وراء صمت حزب الله؟.. خبراء يجيبون

الهدوء الحذر يخيم على الحدود اللبنانية الإسرائيلية

الهدوء الحذر يخيم على الحدود اللبنانية الإسرائيلية: ما الأسباب وراء صمت حزب الله؟.. خبراء يجيبون
صورة أرشيفية

في ظل التوترات المتصاعدة التي تشهدها الحدود اللبنانية الإسرائيلية، يبرز سؤال محوري يطرح نفسه بإلحاح: لماذا يخيم الصمت على حزب الله، القوة العسكرية البارزة في لبنان، دون إعلان عن أي عمليات ضد إسرائيل في الآونة الأخيرة؟ هذا التقرير يسعى لتحليل العوامل التي قد تكون وراء هذا الهدوء الغير معتاد، والذي يُعتبر بمثابة هدنة هشة قد تنقضي في أي لحظة.

*صمت غير مفهوم*

خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية، لم يُسمع صدى لأصوات المدافع أو زحف الدبابات من جانب حزب الله اللبناني، الذي ظل صامتًا إزاء القصف الإسرائيلي الذي استهدف بلدات حدودية لبنانية.

فمن بلدة الحيام إلى أطراف كفر شوبا، شهد القطاع الشرقي من جنوب لبنان قصفًا مدفعيًا إسرائيليًا، دون أن يُسجل رد فعل ملموس من الحزب الذي عُرف بردوده السريعة والقوية.

وفي فجر الثلاثاء، نقلت وكالة الأنباء اللبنانية خبر تعرض بلدة رب ثلاثين لقصف مدفعي إسرائيلي ثقيل، أدى إلى انقطاع الكهرباء عن البلدات الحدودية، مما أثار القلق في صفوف المدنيين وألقى بظلال من الشك حول مستقبل الأمن في المنطقة.

من جانب آخر، يبدو أن هذا الهدوء قد أسعد سكان المستوطنات في شمال إسرائيل، وأثار فيهم موجة من التفاؤل، خاصة مع زيارة المبعوث الأميركي الخاص للمنطقة، آموس هوكشتاين.

ومع ذلك، يُشير الصحفي الإسرائيلي جاكي حوجي، في تعليق له على منصة إكس، إلى أن هذا التفاؤل قد يكون مبكرًا، موضحًا أن تراجع وتيرة عمليات حزب الله قد يعود إلى حلول عيد الأضحى، وليس بالضرورة إلى جهود الوساطة التي يقوم بها هوكشتاين.

*أسباب الصمت*

وفي تحليل أعمق للوضع، يمكن الإشارة إلى سببين رئيسيين وراء هذا الهدوء الهش: الأول، وهو الرئيسي، يتعلق بمناسبة عيد الأضحى، والثاني، وهو ثانوي، يتمثل في زيارة هوكشتاين التي "قد" تؤدي إلى تهدئة مؤقتة على الحدود. ومع ذلك، يُعتبر الأمر مستبعدًا إلى حد كبير، نظرًا للتعقيدات السياسية والعسكرية الراهنة.

وفي سياق متصل، تُشير تقارير صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، استنادًا إلى مصادر دبلوماسية فرنسية، إلى أن حزب الله يسعى لربط وقف إطلاق النار في الشمال بوقف مماثل في قطاع غزة، وهو ما ترفضه إسرائيل بشكل قاطع. ويُعتبر هذا الربط الاستراتيجي عقبة رئيسية أمام إطلاق المفاوضات، حيث تطالب باريس بوقف دائم لإطلاق النار في غزة لخلق مناخ مناسب للتفاوض.

*تحديات جمّة*

من جانبه، يقول محمد الرزّ: إن الوضع الحالي يعكس تغيرًا في استراتيجية حزب الله، مشيرًا إلى أن "الحزب يُعيد تقييم موقفه في ضوء التطورات الإقليمية والدولية، ويبدو أن هناك توجهًا نحو تجنب التصعيد المباشر مع إسرائيل في الوقت الراهن، وذلك للحفاظ على استقرار الجبهة الداخلية في لبنان، والتي تواجه تحديات اقتصادية وسياسية جمة".

وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن هذا التحول قد يكون مؤقتًا أو جزءًا من إعادة تموضع طويلة الأمد، مضيفًا أن حزب الله لطالما كان فاعلاً رئيسيًا في السياسة اللبنانية والصراعات الإقليمية، يجد نفسه الآن في موقف يتطلب توازنًا دقيقًا بين مصالحه الاستراتيجية والضغوط الداخلية.

وتابع الرزّ، من المحتمل أن يستمر الحزب في لعب دور محوري في الساحة السياسية، بدلاً من التورط في صراعات مفتوحة قد تؤدي إلى مزيد من الاستقطاب والتدهور الاقتصادي.

*أكثر حذرًا*

في السياق ذاته، يقول دكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، أن حزب الله يسعى لإعادة صياغة دوره في المنطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار الديناميكيات الجديدة التي تشكل الشرق الأوسط.

وأضاف في تصريحات لـ"العرب مباشر"، الحزب، الذي يواجه ضغوطًا متزايدة من المجتمع الدولي والعقوبات الاقتصادية، قد يجد في الدبلوماسية والحوار السياسي مسارًا أكثر فعالية لتحقيق أهدافه.

ومع ذلك، ما يزال التزام الحزب بمقاومة إسرائيل ودعمه للقضية الفلسطينية عنصرًا أساسيًا في هويته، وهو ما قد يؤثر على قراراته الاستراتيجية في المستقبل.

وأشار إلى أن الوضع في لبنان يتطلب من حزب الله أن يكون أكثر حذرًا وتكتيكًا في تحركاته، مشددًا على أن الأولوية الآن هي للحفاظ على الاستقرار الداخلي ومواجهة الأزمات المتعددة التي تعصف بالبلاد، قد يعني هذا تأجيل أي خطط للتصعيد مع إسرائيل، والتركيز بدلاً من ذلك على بناء تحالفات جديدة وتعزيز العلاقات مع الفاعلين الإقليميين والدوليين الآخرين.