زعزعة الاستقرار الهشّ.. ندرة المياه خطر جديد يهدد النظام الإيراني
تهدد ندرة المياه النظام الإيراني الهش
تتجه إيران وأفغانستان نحو السيطرة على إمدادات المورد الحيوي الذي يتقلص يومًا بعد يوم بسبب المياه، حيث اندلعت أعمال العنف على طول الحدود بين البلدين الصاخبين في الأسابيع الأخيرة، بسبب الخلاف حول المياه المتدفقة من نهر هلمند الأفغاني إلى إيران.
وتقول طهران: إن حكومة طالبان الأفغانية تعمد حرمان إيران من إمدادات المياه الكافية من أجل تعزيز مواردها المائية، لكن طالبان تقول: إنه لم يعد هناك ما يكفي من المياه لتبدأ، وذلك بفضل انخفاض هطول الأمطار ومستويات الأنهار، حسبما ذكرت شبكة "سي إن بي سي" الأميركية.
إثارة الأزمات
وأفادت الشبكة الأميركية، بأن حرس الحدود الإيراني اشتبك مع نظيره الأفغاني في 27 مايو، حيث تبادلا إطلاق نار كثيفًا أسفر عن مقتل حارسين إيرانيين وجندي من طالبان وإصابة عدد آخر، ويلوم الطرفان بعضهما البعض على إثارة القتال، الأمر الذي دفع بقضايا المياه في المنطقة مرة أخرى إلى دائرة الضوء.
وتابعت أن الوضع السيئ يهدد بزعزعة الاستقرار الهشّ في المنطقة الفقيرة في إيران والمحرومة بالفعل من المياه، حيث اندلعت احتجاجات خطيرة ضد الحكومة في السنوات الأخيرة.
قال توربيورن سولتفيدت ، محلل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الرئيسي في شركة Verisk Maplecroft: "النزاع على المياه مع أفغانستان ليس شيئًا يمكن لإيران أن تأخذه على محمل الجد".
وتابع: "الموارد المائية في إيران تتعرض لضغوط شديدة وكان الإجهاد المائي سببًا لاضطراب مدني واسع النطاق في السنوات الأخيرة."
احتجاجات إيرانية
وبحسب الشبكة الأميركية، فإنه في صيف عام 2021، اشتعلت الاحتجاجات في محافظة خوزستان بغرب إيران بسبب نقص المياه وانقطاع التيار الكهربائي لاحقًا بسبب نفاد إمدادات الطاقة الكهرومائية، وسرعان ما امتدت المظاهرات، التي أطلق عليها اسم "انتفاضة العطشان"، إلى عدة مدن في جميع أنحاء إيران، بما في ذلك العاصمة طهران، وأثارت حملة قمع حكومية شديدة انتهت بإصابات في صفوف الشرطة والمدنيين.
وتابعت أنه في مواجهة العقوبات الأميركية والاقتصاد الضعيف بشدة واستمرار حركة الاحتجاج المناهضة للحكومة، تخضع إيران بالفعل لضغوط كبيرة، حيث قال سولتفيدت: "مع استمرار مكافحة السلطات من أجل السيطرة على الاحتجاجات على مستوى البلاد، فإن أزمة الأمن المائي في شرق إيران ستأتي في وقت سيئ للغاية".
حدود خطيرة
الحدود التي يبلغ طولها 580 ميلا بين أفغانستان وإيران مليئة بالثغرات وتزحف بالجرائم، وتأتي في الغالب من الجانب الأفغاني إلى إيران، حيث عانت أفغانستان من عدم الاستقرار والحرب لعقود من الزمن، وحكومة طالبان الحاكمة تستمد جزءًا كبيرًا من إيراداتها من التجارة غير المشروعة.
قال كمال علم ، زميل بارز غير مقيم في مركز جنوب آسيا التابع للمجلس الأطلسي: "لطالما كانت الحدود الإيرانية الأفغانية هي الأكثر عرضة للخطر".
وتابع علام أنها تستضيف عددًا من القضايا بما في ذلك تهريب المخدرات والاتجار بالبشر والإرهاب، لكنها في الوقت نفسه مصدر مهم للغاية للمياه.
تعود التوترات المائية بين البلدين إلى الوراء، ففي الخمسينيات من القرن الماضي، أنشأت أفغانستان سدين رئيسيين حدا من تدفق المياه من نهر هلمند إلى إيران، وأثار الأمر غضب طهران وهدد العلاقات، ما أدى في النهاية إلى توقيع معاهدة في عام 1973 خصصت لإيران 850 مليون متر مكعب من مياه هلمند سنويًا.