15 شهرًا من العتمة.. مأساة الكهرباء في غزة بلا حلول

15 شهرًا من العتمة.. مأساة الكهرباء في غزة بلا حلول

15 شهرًا من العتمة.. مأساة الكهرباء في غزة بلا حلول
حرب غزة

على مدى أكثر من خمسة عشر شهرًا، يعيش سكان قطاع غزة في ظلامٍ دامس، وسط تحديات يومية تفاقمت مع استمرار غياب الكهرباء. منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر 2023، فرضت إسرائيل حصارًا مشددًا شمل قطع التيار الكهربائي ومنع إمدادات الوقود؛ مما أدى إلى توقف محطة التوليد الوحيدة في القطاع. 

في ظل هذا الواقع القاسي، اضطر سكان غزة إلى البحث عن بدائل، مثل ألواح الطاقة الشمسية والمولدات الكهربائية، لكنها لم تكن حلولًا متاحة للجميع، بل شكلت عبئًا إضافيًا على حياة أهالي القطاع. ومع تفاقم الأزمة، أصبح غياب الكهرباء تهديدًا مباشرًا للحياة اليومية؛ مما ألقى بظلاله على كل مناحي المعيشة، من تخزين الطعام إلى توفير المياه وحتى الوصول إلى الخدمات الطبية.

*معاناة بلا نهاية*


محمد سالم، أحد سكان غزة، يعاني يوميًا لتأمين مصدر طاقة لمنزله، ويقول: "في البداية كنا نكافح لشحن هواتفنا أو توفير إضاءة ليلاً، أما الآن فقد أصبحت الحياة بدون كهرباء واقعًا مؤلمًا لا مفر منه".

لجأ سالم، كغيره من آلاف السكان، إلى شراء بطاريات وألواح شمسية بأسعار باهظة، لكن حتى هذه الحلول لا تكفي لتغطية الاحتياجات اليومية.

لم يكن التأقلم مع هذا الوضع سهلًا، إذ فقد الكثيرون وظائفهم بسبب انقطاع الإنترنت والكهرباء، كما اضطرت العائلات إلى تغيير نمط حياتها بالكامل، إذ أصبح تخزين الأطعمة في الثلاجات رفاهية غير متاحة؛ مما زاد من أعباء الحياة اليومية.

*البحث عن بدائل مكلفة*


مع استمرار الأزمة، تحولت ألواح الطاقة الشمسية إلى خيار رئيسي لمن يستطيع تحمل تكاليفها. يقول هيثم القادري، وهو أب لثلاثة أطفال: "اضطررت لدفع عشرة أضعاف السعر المعتاد للحصول على ألواح شمسية وبطاريات، ومع ذلك لا تكفي سوى لساعات قليلة من الكهرباء يوميًا".

ورغم أن بعض العائلات تمكنت من شراء مولدات تعمل بالوقود، إلا أن الحصول على البنزين أو الديزل يمثل تحديًا آخر، حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير، مما جعل استخدام المولدات مقتصرًا على الحالات الطارئة فقط.

وفي محاولة أخرى للتكيف مع الأزمة، لجأ البعض إلى استخدام مصابيح تعمل بالطاقة الحركية، حيث يكفي تدوير ذراع صغيرة لشحنها جزئيًا.

يقول محمود الأسطل، وهو شاب يعيش مع أسرته في خان يونس: "أصبحت أعتمد على مصباح يدوّي يتم شحنه بالحركة، لكنه لا يوفر إضاءة كافية، ويحتاج إلى مجهود مستمر". 

ورغم بساطة هذه الحلول، إلا أنها تظل غير عملية على المدى الطويل، خاصة مع حاجة العائلات لتشغيل أجهزة حيوية كالثلاجات لحفظ الطعام أو أجهزة طبية ضرورية لبعض المرضى، مما يجعل استمرار انقطاع الكهرباء تهديدًا متزايدًا للحياة اليومية.

*انهيار الخدمات الأساسية*


انقطاع الكهرباء لم يؤثر فقط على المنازل، بل أدى إلى توقف العديد من الخدمات الأساسية. فقد تعطلت مضخات المياه، مما تسبب في أزمة مياه شرب، وتوقفت العديد من المرافق الصحية عن العمل بكامل طاقتها؛ مما أدى إلى تفاقم معاناة المرضى، خاصة أولئك الذين يحتاجون إلى أجهزة طبية تعمل بالكهرباء.

يقول الدكتور ياسر النجار، طبيب في أحد المستشفيات المحلية: "الانقطاع المستمر للكهرباء جعل تقديم الرعاية الصحية معاناة يومية، فالكثير من المعدات الطبية لا تعمل دون تيار كهربائي مستقر، ونضطر أحيانًا لنقل المرضى إلى أماكن أخرى أو استخدام وسائل بدائية".

*جهود الإغاثة المتعثرة*


رغم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، إلا أن الكهرباء لم تعد إلى غزة، ما زاد من التحديات اليومية.

وتؤكد شركة توزيع الكهرباء في القطاع أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية تتطلب تمويلًا ضخمًا لإصلاحها، مشيرةً إلى أن الخسائر تجاوزت 450 مليون دولار.

يقول المهندس عمار حمدان من شركة الكهرباء، حتى لو سُمح لنا بإدخال المعدات اللازمة، فإن إصلاح الشبكات المدمرة سيستغرق أسابيع طويلة، في ظل نقص التمويل والتحديات اللوجستية".

ومع ذلك، تبقى الحلول المؤقتة غير كافية لسد الاحتياجات المتزايدة للسكان، مما يجعل عودة الكهرباء أولوية ملحّة لإنقاذ القطاع من أزمة إنسانية متفاقمة.