إثيوبيا على صفيح ساخن.. قوات تيجراي تتقدم نحو العاصمة.. ومحللة: آبي أحمد أشعل الصراع
تعيش إثيوبيا علي صفيح ساخن وسط تقدم قوات تيغراي
لا يزال يستمر اشتعال الصراع في شمال إثيوبيا، في ظل تقدم قوات تحرير تيجراي وكأنها صاحبة اليد العليا في الحرب؛ إذ تمكنت من طرد الجيش من الإقليم، فيما تتقدم نحو أديس أبابا حيث تتواصل المعارك.
ويشتد القتال بين الطرفين في محافظة شوا التي تبعد 230 كيلومترا عن العاصمة، حيث استعادت القوات الحكومية السيطرة على مواقع في المدينة ومحيطها، بحسب التلفزيون الحكومي. وفيما تتواصل المعارك، يواصل المبعوثان الأممي والأميركي جهودهما الدبلوماسية.
ماذا يحدث في تيجراي؟
وذكر تقرير لمؤسسة رؤية، أنه لفهم ما يحدث في إثيوبيا اليوم، يجب العودة إلى ما بعد إسقاط حكم منستو هايلي عام 1991؛ إذ عين رئيسا للبلاد من قومية تيجراي، ثم خلفه «ميليس زيناوي» عام 1995، وبقي في منصبه حتى وفاته عام 2012 ما جعل تيجراي يحكمون إثيوبيا على مدى أكثر من 20 عاما تحت راية تحالف يسيطرون على مفاصله.
ولفت التقرير أنه عقب تولي «هايلي ماريام» للسلطة بدأت مجموعات عرقية على رأسها الأورومو، التململ من طريقة تقاسم السلطة فسقط حكمه عام 2017. بعد صعود رئيس الوزراء الجديد، آبي أحمد، إلى السلطة عام 2018 بدأت الأزمة بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تيجراي.
منعطف خطير
اتخذ آبي أحمد مجموعة من القرارات شكلت منعطفا حادا في العلاقات بين الطرفين أبرزها تغيير رئيس الأركان ومدير جهاز الأمن والاستخبارات الوطنية وهو من عرقية تيجراي، فضلا عن دمج الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم في حزب واحد تحت اسم حزب «الازدهار» وهو ما دفع عرقية تيجراي إلى الانفصال عن الائتلاف وتحدت آبي أحمد بإجراء انتخابات إقليمية.
وتحكم إثيوبيا عبر نظام الفيدرالية الإثنية وتقسم إلى 10 أقاليم تتمتع بحكم ذاتي، حيث قابلت حكومة أديس أبابا الخطوة بالمثل باعتبار الانتخابات التي أجريت في تيجراي غير دستورية وقرر البرلمان قطع كافة العلاقات مع إقليم تيجراي، الأمر الذي أطلق شرارة المواجهة العسكرية بخاصة بعد إعلان الجيش الفيدرالي عن تغييرات لقادة بعض القواعد العسكرية من بينها أكبر وأهم قاعدة في شمال البلاد في إقليم تيجراي.
جبهة تيجراي تسيطر
وسيطرت جبهة تيجراي على القاعدة وبموجب هذا التطور، اتهم آبي أحمد الجبهة بتجاوز الخطوط الحمراء، بعد مرور عام على انطلاق الصراع في شمال البلاد أواخر عام 2020 تبدو قوات تحرير تيجراي كما لو أنها صاحبة اليد العليا في الحرب، إذ تمكنت من طرد الجيش من عاصمة الإقليم في وينو 2021 وتتقدم نحو العاصمة بعد تحقيقها انتصارات في إقليم أمهرة القريب من العاصمة أديس أبابا، إلا أن الحرب أدت إلى مقتل وتشريد الآلاف من سكان تيجراي وسط تحذيرات من مجاعة جراء الحصار المفروض عليه، ومخاوف من اندلاع حرب أهلية تخرج عن نطاق السيطرة.
وساطات بلا حلول
وتسير فيه المحاولات لحل الأزمة في إثيوبيا بطرق دبلوماسية ووقف القتال الدائر شمال البلاد؛ تمكن مقاتلو جبهة تيجراي من التوغل بمزيد من البلدات، فيما تؤكد أديس أبابا أنها تمكنت من استعادة أماكن إستراتيجية.
واشنطن تتحرك
وعن التحرك الدولي حثت واشنطن رعاياها على مغادرة البلد فورا، مع الإضافة بأن واشنطن لن تقيم جسرا جويا مثلما فعلت مع أفغانستان، في مؤشر على ما يبدو أن إثيوبيا على أبواب حرب أهلية لحلحلة الأزمة والمواقف المتصلبة من طرفي الصراع، تتحرك الوساطات، حيث أعرب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء آبي أحمد، عن قلق بلاده بشأن الأزمة الإنسانية وحقوق الإنسان في إقليم تيجراي الإثيوبي، وحثه على ضرورة اتخاذ خطوات فورية وملموسة لحماية المدنيين، بمن فيهم اللاجئون، ومنع المزيد من العنف.
كما طلب الوزير الأميركي أن تعمل حكومة إثيوبيا مع المجتمع الدولي لتسهيل إجراء تحقيقات مستقلة ودولية وذات مصداقية في انتهاكات حقوق الإنسان المبلغ عنها ومحاسبة المسؤولين عنها.
وتشهد العلاقات الأميركية الإثيوبية توتراً غير مسبوق على خلفية العقوبات التي فرضتها واشنطن على إريتريا على خلفية المعارك الدائرة في إثيوبيا، البلد المجاور بين الحكومة المركزية ومقاتلي جبهة تحرير تيجراي.
قطع شريان العاصمة
يبدو أن الطريق الإستراتيجي الرابط بين العاصمة أديس أبابا وميناء جيبوتي هو الهدف الأساسي لمقاتلي تيجراي الذين أعلنوا السيطرة على بلدة ميرلي المطلة عليه، لكن الحكومة نفت ذلك. سيطرة قوات تيجراي على الطريق تعني قطع شريان مهم لإمداد العاصمة بكافة الاحتياجات، وإحكام الخناق على حكومة أديس أبابا.
ويطرح التحالف الأخير بين جيش تحرير أورومو، بقيادة جال مارو، وقوات جبهة تحرير تيجراي، تحديًا جديدًا أمام رئيس الوزراء آبي أحمد، الذي يواجه وضعًا صعبًا مع تصاعد القتال مع قوات الجبهة، ليخلق هذا التقارب تفوقًا محتملًا على آبي أحمد.
في الوقت الذي يرعب احتمال اتساع رقعة الحرب مؤسسات الإغاثة ففي الوقت الحالي، اضطر نحول مليوني شخص إلى النزوح أو الهجرة وذكرت مؤسسات طبية في تيجراي أن 200 ماتوا بسبب الجوع.
آبي أحمد يشعل الصراعات
فيما قالت أسماء الحسيني، الخبيرة في الشؤون الإفريقية، إنه بعد مرور عام على الصراع في إثيوبيا هناك العديد من التحولات التي تشهدها على الأرض وانسحاب وتمدد لمساحات القتال والقوات المشاركة في الحرب، وخاصة في ظل تصاعد الغضب في إثيوبيا ضد حكومة آبي أحمد الذي أطلق شرارة الحرب ولم يقدر على إنهاء القتال.
وأضافت في تصريح لـ"العرب مباشر": أن حملة القمع الواسعة التي شنها آبي ضد خصومه في إثيوبيا أدت لحرب أهلية واسعة؛ إذ تحالفت ٩ جماعات مع جبهة تحرير شعب تيجراي التي تقدمت نحو العاصمة أديس أبابا، ما يهدد بسقوط حكومة آبي، وخاصة أن إثيوبيا منقسمة على أسس عرقية لديها ميليشياتها الخاصة، بينهم ضغائن وأحقاد تاريخية بين بعضهم البعض ومع جيرانهم مثل إريتريا والصومال، وسقوط أديس أبابا في أيدي المتمردين ربما يؤدي إلى انهيار إثيوبيا وفوضى إقليمية ستحدق بسبب تصرفات آبي أحمد.