أوروبا تضيق الخناق على الجماعات المتطرفة.. هل ينحسر الإرهاب في 2022 بالقارة العجوز؟
بدأت أوروبا تضييق الخناق على جماعة الإخوان
تحاول الدول الأوروبية بشتى السبل القضاء على التنظيمات الإرهابية، أو تقليص أنشطتها الإجرامية من خلال مراقبة عمليات غسل الأموال تتولى مسؤولية مراقبة عمليات غسل الأموال في المؤسسات المالية الأوروبية، وضع سجل مشترك لمكافحة الإرهاب لتسهيل عملية مقاضاة وإدانة المتشددين المشتبه بهم والأفراد العائدين من القتال مع تنظيم داعش في العراق وسوريا.
تحركات لوقف نشاط الإخوان
وتشهد الدول الأوروبية العديد من التحركات لوقف أنشطة الإخوان والتنظيمات الإرهابية، إذ عملت على تحجيم بل ووقف هذه الأنشطة بعدما أصبح تواجد هذه الجماعة يمثل خطورة كبيرة على هذه الدول الأمر الذي أدى إلى انتشار الفكر المتطرف وكذلك تعدد الجرائم الإرهابية، يأتي ذلك في ظل الجهود والخطوات التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي لمحاربة التطرف الذي يتم نشره عبر مواقع الإنترنت المختلفة.
وكشفت دراسة للمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب أن الجماعات المتطرفة تقوم باستغلال الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، من أجل نشر التطرف وخدمة أيديولوجيتها وكذلك في الاستقطاب والتجنيد، وذلك لتنفيذ مخططاتهم العبثية في البلاد.
وأضافت الدراسة أنه يسعى القانون الجديد إلى تحديد ما إذا كانت جميع المنصات على الإنترنت أو فقط تلك المعرضة لخطر التعرض للأنشطة غير القانونية يجب أن تكون أكثر استباقية لإزالة المحتوى غير القانوني، يأتي ذلك في الوقت الذي أقر النواب الفرنسي، قانونا يهدف إلى محاربة خطاب الكراهية على شبكة الإنترنت، ويلزم القانون منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث بإزالة أي محتوى يحرض على الكراهية، والعنف، والعنصرية، والتعصب الديني في غضون 24 ساعة، تحت طائلة التعرض لغرامة تصل إلى (1.25) مليون يورو.
ولفتت الدراسة أن حالة واتجاهات الإرهاب في أوروبا على مدى السنوات القليلة الماضية، تم استخدام تطبيقات المراسلة المشفرة، مثل WhatsApp أو Telegram، على نطاق واسع للتنسيق والتخطيط للهجوم والتحضير للحملات، وبات المتطرفون ينشطون على شبكة الإنترنت من خلال نشر المحتوى المتطرف، وأصبحوا يمثلون خطرًا أكبر على دول التكتل الأوروبي.
وأوضحت الدراسة أن المجلس الأوروبي اعتمد الشهر الماضي لائحة بشأن معالجة نشر المحتوى الإرهابي على الإنترنت ومحاربته وتهدف الآلية الجديدة، إلى منع الإرهابيين من استخدام الإنترنت للتطرف والتجنيد والتحريض على العنف وتشمل مضامين النشر في الإنترنت، والتسجيلات الصوتية أو مقاطع الفيديو التي تُحرض على ارتكاب جرائم إرهابية أو تُوفر تسهيلات لارتكاب جرائم إرهابية، ويندرج داخل هذا الإطار الطرق التعليمية لصنع متفجرات وأسلحة نارية، لأغراض إرهابية، والهدف من التشريع هو الإزالة السريعة للمحتوى الإرهابي على الإنترنت وإنشاء أداة مشتركة واحدة لجميع الدول الأعضاء.
إستراتيجية الأمن الداخلي
وعملت دول الاتحاد الأوروبي، على إنشاء صندوق الأمن الداخلي الذي يهدف إلى تعزيز تنفيذ إستراتيجية الأمن الداخلي والتعاون في مجال إنفاذ القانون وإدارة الحدود الخارجية للاتحاد، تعزيز التعاون الأمني بين الاتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لحماية أراضي الاتحاد من الهجمات الإرهابية، والذي يعتبر خطوة استباقية لمحاربة التطرف والإرهاب.
وقررت دول الاتحاد الأوروبي اعتماد الميثاق الجديد حول الهجرة واللجوء في دول الاتحاد الذي كشف عنه نائب رئيس المفوضية الأوروبية الذي يجبر دول الاتحاد على التضامن والتعاون مع نظيرتها التي تقع تحت ضغط موجات المهاجرين المتلاحقة، وتقديم مساعدة بمليار يورو، تخصص قسم منها للاحتياجات الإنسانية الطارئة في أفغانستان وللدول المجاورة لها التي استقبلت الأفغان الهاربين من حركة طالبان، باعتبارها تحديا للأمن الأوروبي أكثر مما لأي منطقة أخرى.
سياسات أمنية قوية
الهجمات الإرهابية التي تتعرض لها “القارة العجوز” من آن لآخر دفعت دول الاتحاد الأوروبي إلى انتهاج سياسات أمنية أكثر تشددًا ضد المنظمات والجمعيات المتعلقة بالإسلام السياسي، لا سيما جماعة الإخوان الإرهابية التي يتم حظر أنشطتها في الدول الأوروبية تبعًا بعد أن باتت تنتشر بشكل أخطبوطي في عدة دول منسقة عدة مشاريع متشددة مع بعضها البعض، فضلًا عن ملف “العائدين” من مناطق الصراع لما يمثله من تحدٍّ للأمن القومي الأوروبي، على وجه الدقة خاصةً النساء، حيث من الممكن أن يمثلن شبكة لنشر التطرف من جديد في المناطق التي يلجأن إليها.
بالإضافة إلى عودة حركة طالبان إلى الحكم أحدث شعورا لدى الاتحاد الأوروبي بالخطر الداهم في أفغانستان، إذ إن تفاقم الأوضاع هناك يؤدي لموجات من اللاجئين، سيلجؤون بأغلبيتهم إلى الدول الأوروبية، والأمر نفسه يتعلق بقضية الإرهاب، كما أن آلاف المقاتلين الأجانب الذين نجوا من المعارك في سوريا والعراق وعادوا إلى دولهم الأساسية يمثلون قنابل موقوتة إذا لم يتم تقييد حريتهم.
إستراتيجية جديدة
واعتمدت المفوضية الأوروبية في 24 يوليو 2020، إستراتيجية جديدة للاتحاد الأمني للاتحاد الأوروبي للفترة من 2020 إلى 2025، من خلال منع واكتشاف التهديدات وزيادة مرونة البنية التحتية الحيوية، لتعزيز الأمن السيبراني وتعزيز البحث والابتكار، تضع الإستراتيجية الأدوات والتدابير التي يجب تطويرها على مدى السنوات الخمس المقبلة لضمان الأمن.
وكانت قد اقترحت المفوضية في جدول أعمالها الأوروبي للأمن إنشاء مركز أوروبي لمكافحة الإرهاب لتحسين تبادل المعلومات والدعم التشغيلي لمحققي الدول الأعضاء.
كما تبنى البرلمان الأوروبي في 28 إبريل 2021 قيودًا مشددة تتيح فرض إزالة الرسائل والصور ومقاطع الفيديو ذات الطابع الإرهابي خلال ساعة على المنصات الإلكترونية، ما يمهد الطريق لتطبيقها العام المقبل في الاتحاد الأوروبي. وتهدف الآلية الجديدة، إلى منع الإرهابيين من استخدام الإنترنت للتطرف والتجنيد والتحريض على العنف، وشدد رئيس وكالة مراقبة الحدود الأوروبية فرونتكس، فابريس ليغيري، في 2 سبتمبر 2021 على أن تحمي أوروبا نفسها من استقبال أشخاص على صلة بحركات إرهابية.
محاربة الإرهاب
وكشفت دراسة للمركز الفرنسي للدراسات والسياسات الدولية، أنه على الرغم من تضاؤل وتيرة الهجمات الإرهابية في السنتين الأخيرتين في أوروبا، إلا أن القلق المجتمعي والسياسي والأمني يتزايد من احتمالات حدوث هجمات إرهابية، وذلك لأن الهدف الذي حققته معظم التنظيمات الإرهابية، هو إبقاء المجتمعات الغربية في حالة من الشك والارتياب بوقوع هجمات إرهابية مفاجئة، لقد تغيرت إستراتيجيات العمل في الحركات الإرهابية، في كثير دول العالم وأصبحت تطور من قدراتها من أجل التملص من الملاحقات الأمنية والاستخباراتية.
وأضافت الدراسة، أن التنظيمات الإرهابية غيرت من تكتيكاتها وأسلوب التراتبية التقليدي الذي كانت تتبعه سابقاً، بعدما أصبحت على قناعة أنها ملاحقة ومرصودة بشكل كبير، لقد تأثرت بشكل كبير بعد الخسائر التي منيت فيها، وفقدها المساحات الجغرافية التي حكمتها، ناهيك عن الملاحقات الاستخباراتية الأوروبية لتفكيك شبكات هذه التنظيمات.
وأشارت الدراسة إلى أنه لا يمكن الجزم بالقضاء على الإرهاب أو تجنبه كليا، وهذا راجع لعوامل سيكولوجية واقتصادية وسياسية وأمنية ودولية، لكن تزايد وتناقص نسبة العمليات الإرهابية يمكن احتواؤه من خلال إستراتيجيات تختلف باختلاف بيئة وظروف كل دولة، والسياقات الخارجية والإقليمية المحيطة بها، وذلك وفقا للمعطيات السابقة، وعلى الرغم من العمليات الإرهابية في كل من فرنسا والنمسا، فإن حالة الاستقرار داخل أوروبا التي ساهم في بلورتها سياسات التباعد الاجتماعي، والإغلاق المتعمد على الانتشار الواسع للأجهزة الأمنية لمتابعة تطبيق هذه السياسة.
إجراءات قوية
ويقول الدكتور حامد فارس، الخبير المتخصص في الشؤون الدولية أن الإجراءات التي اتخذتها دول الاتحاد الأوروبي ساهمت بشكل كبير في تحجيم الأنشطة الإرهابية، ومن المتوقع وفق المعطيات السابقة أن يشهد منحنى الإرهاب في أوروبا خلال عام 2022 انخفاضًا في عدد العمليات، مقارنة بعام 2021، ستبقى تلك العمليات محدودة على غرار “الذئاب المنفردة”.
وأضاف الخبير في الشؤون الدولية في تصريح خاص أنه نجحت القارة العجوز إلى حد بعيد خلال عام 2021 في الحد من الهجمات الإرهابية بسبب السياسات والجهود الأمنية والاستخباراتية التي انتهجتها الحكومات أوروبا، والعمل على سد الثغرات الأمنية، ونشر القوات على الأرض والرد السريع للتعامل مع تحييد المقاتلين، إضافةً إلى التحركات الاستباقية بتفكيك خلايا الإرهاب، لافتا أنه تشير التحذيرات إلى أن العمليات الإرهابية المتوقعة في عام 2022 قد تبدأ مبكرًا، وبالتزامن مع أعياد الميلاد، لذلك بدأت الدول الأوروبية في تعزيز خطتها الأمنية لمواجهة أي عمليات إرهابية محتملة.