دعم دولي واسع لعودتها.. متى تحصل دمشق على مقعدها بالجامعة العربية مجدداً؟
ترحيب كبير بعودة سوريا إلي مقعدها في جامعة الدول العربية
بعد مرور ما يقرب من عقد من الزمان على خروج سوريا من جامعة الدول العربية، أثناء اندلاع الأزمة بالبلاد، عام 2011، لتظهر مساعٍ لإعادتها بين لحين والآخر، بكل فترة، لتلقى تلك المبادرة مؤخراً دعماً عربياً واسعاً.
قمة الجامعة العربية
عادت مؤخرا المساعي العربية، لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، حيث تستعد الجزائر لتنظيم القمة الـ31 في الشهر الجاري، حيث أكد وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، أن قضية سوريا هي أحد المحاور الأساسية في تحضيرات القمة العربية المقبلة، مشيرا إلى أن عودة سوريا لمقعدها سيكون خطوة متقدمة في عملية لم الشمل وتجاوز الصعوبات الداخلية.
وأضاف لعمامرة أن "هناك من يعتقد أن عودة سوريا للجامعة العربية أمر إيجابي، والجزائر مع هذا الرأي، وهناك من يرى أن هذه العودة ستزيد من الانقسام وحدّة الخلافات".
ومن ناحيته، قال فيصل المقداد، وزير الخارجية السوري، إن قرار خروج بلاده من الجامعة العربية ليس بإجماع عربي، وأن هناك ظروفا قادت البعض لاتخاذ قرار إخراجها من الجامعة.
وأكد المقداد أن مصلحة الدول الغربية تخريب سوريا، ولذلك أرسلت آلاف الإرهابيين ومولتهم، مشيرا إلى أن مكافحة الإرهاب مستمرة حتى القضاء عليه، سواء في إدلب أو منطقة الجزيرة، موضحا أن الهدف الأساسي للعدوان على سوريا، هو تغيير الواقع السياسي، لكن بلاده أفشلت المخططات التي أعدت لها.
ووجه المقداد رسالة إلى تركيا، قائلا: "إنه إذا كانت تريد فرض الاحتلال والتتريك، فإنها واهمة وعليها سحب قواتها من إدلب"، مشددا على ضرورة انسحاب القوات الأمريكية والتركية من سوريا من أجل أمن وسلام المنطقة.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيها الدول العربية إلى تجريم الاحتلال التركي لمناطق شمال سوريا، وتنديد الحكومة السورية للتدخل الأمريكي، ورفض الكيانات المنفصلة عن الحكومة السورية مثل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ومسار الدوحة تشكيل إدارة ذاتية كردية منفصلة.
الجهود العربية
وتشهد الفترة الحالية جهودا عربية واسعة لدعم عودة سوريا إلى مقعدها بالجامعة، حيث تستعد الجزائر لطرح ذلك بالقمة المقبلة، كما أطلقت الإمارات دعوة بهذا الشأن في مارس الماضي، على لسان وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، حينها، حيث طالب بضرورة التعاون الإقليمي لبدء مسار عودة سوريا إلى محيطها.
وقال الشيخ عبد الله بن زايد: إن من الأدوار المهمة لعودة سوريا هو أن تعود لجامعة الدول العربية، وهذا يتطلب جهدا أيضا من الجانب السوري كما يتطلب جهدا من "الزملاء في الجامعة العربية"، مضيفا أن الأمر يتعلق بالمصلحة العامة؛ أي مصلحة سوريا ومصلحة المنطقة.
كما دعمت مصر المبادرة، حيث أكد وزير الخارجية المصري السفير سامح شكري، أن ما تعرض له شعب سوريا من أضرار وقتل وتدمير وتشريد خلال الـ 10 سنوات الماضية أمر في الحقيقة مؤلم لكل عربي، ويجب سرعة عودتها للجامعة.
وأضاف أنه تم استكشاف الخطوات التي تحافظ على مقدرات الشعب السوري والخروج من الأزمة واستعادة سوريا كطرف فاعل في الإطار العربي، موضحا أن استعادة سوريا كطرف فاعل في الإطار العربي له الكثير من الاعتبارات المتصلة بقرارات مجلس الأمن والمنظمات الدولية المختلفة.
وأوضح شكري أن مصر تعمل على التناول والتنسيق والتعاون المثمر على أسس الاحترام المتبادل والمصالح التي تؤدي لتحقيق الاستقرار والأمن، قائلا: "ما يعنينا التوصل لحل للأزمة، وهو ما يقتضي الامتثال لقرارات مجلس الأمن والتفاهم مع الدول الفاعلة والأطراف المؤثرة واضطلاع الحكومة بمسؤوليتها وخدمة شعبها ومصالحهم وعودة السوريين النازحين والتعرف على وجهة نظر الحكومة والأطراف الفاعلة".
وشدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، على تأييد بغداد لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بجانب تشجيع بلاده للحوار الداخلي السوري.
كما لاقت المساعي العربية أيضا دعما كبيرا من الأردن ولبنان وتونس والسودان والبحرين وسلطنة عمان لعودة دمشق إلى الجامعة.
تأييد دولي
وفي الوقت نفسه، تدعم الدول الأجنبية تلك الخطوة في عودة سوريا، من بينهم أمريكا وروسيا، حيث أجرت موسكو عدة لقاءات لتأييد تلك الخطوة سريعا، في ظل العلاقات المتنامية بين البلدين.
وأفادت صحف أمريكية أن الولايات المتحدة باتت أقرب إلى وجهة النظر التي تقول بضرورة التعامل مع دمشق، حيث نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن واشنطن تخلت عن رغبتها في عزل الرئيس السوري بشار الأسد، وتغض النظر عن تجاهل دول عربية لعقوبات قانون قيصر خلال تقاربها مع الحكومة السورية.
فيما أوردت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أنه من المتوقع أن تعود لدمشق إلى مقعدها بالجامعة العربية قبل نهاية العام الحالي، وثمة توقعات بافتتاح كل البعثات الدبلوماسية، وإلى ذلك الحين من المرجح مشاركة دمشق في الاجتماع المقبل لمجلس الجامعة.
وأضافت: وفي المقابل تترقب الأوساط السياسية والشعبية انفراجا على المستوى الدبلوماسي، الذي يقود بالتالي نحو انفراجات اقتصادية، بعدما أنهكت البلاد بالعقوبات الأوروبية والأميركية، علاوة على أشد القوانين صرامة قانون حماية المدنيين في سوريا، الذي أقره الكونغرس الأميركي في ديسمبر 2019، المسمى بـ"قانون قيصر".
جدير بالذكر، أن الجامعة العربية قررت في اجتماع طارئ مسبقا، يوم 16 نوفمبر 2011، تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، لحين الالتزام الكامل من قبل الحكومة السورية بتعهداتها ضمن "المبادرة العربية" لحل الأزمة السورية، ومنذ ذلك الحين لم تتمكن دمشق من العودة لمقعدها.