وداع رؤساء أمريكا.. جنازات تحمل بصماتهم الشخصية

وداع رؤساء أمريكا.. جنازات تحمل بصماتهم الشخصية

وداع رؤساء أمريكا.. جنازات تحمل بصماتهم الشخصية
الراحل جيمي كارتر

انتهت حياة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عن عمر ناهز 100 عامٍ، تاركًا وراءه إرثًا يمتد لعقود من العمل الإنساني والدبلوماسي، حيث ستوارى جثته الثرى في قطعة أرض صغيرة ببلدة بلينز بولاية جورجيا، حيث نشأ في مزرعة للفول السوداني، وحيث دفنت زوجته روزالين العام الماضي.

الموقع الذي اختاره كارتر وزوجته منذ سنوات يعكس تواضعه وحبه للمكان الذي شهد بداياته، قبل دفن كارتر في مثواه الأخير، ستشهد الولايات المتحدة سلسلة من المراسم المهيبة، تجمع بين التقاليد الرئاسية العريقة والطابع الشخصي، في وداع يحمل ملامح عميقة من حياة أحد أكثر الرؤساء تأثيرًا بعد مغادرته البيت الأبيض.

تفاصيل جنازة جيمي كارتر 


تبقي عائلة كارتر والغرف العسكرية المسؤولة عن تنظيم الجنازات الرئاسية معظم التفاصيل طي الكتمان، ولكن وفقًا للتقاليد المتبعة، غالبًا ما يُسجّى جثمان الرئيس الراحل في مبنى الكابيتول الأمريكي، ويُقام قداس رسمي في الكاتدرائية الوطنية بواشنطن.

في العام الماضي، كشف الرئيس جو بايدن أن كارتر طلب منه إلقاء كلمة تأبين خلال جنازته، إلا أن بايدن تراجع سريعًا، قائلاً: "عذرًا.. ربما لم يكن يجب أن أقول ذلك". 

يعهد بتنظيم الجنازات الرئاسية إلى فريق المهام المشتركة لمنطقة العاصمة، والذي يضم حوالي 4000 عنصر عسكري ومدني، هذه المراسم تعكس التقدير الوطني للرؤساء السابقين وتدمج بين الطابع الرسمي واللمسة الشخصية التي يخطط لها الرئيس بنفسه.

كيف أعاد كارتر بناء سمعته بعد الرئاسة؟ 

تعد فترة ما بعد الرئاسة لكارتر الأطول بين الرؤساء الأمريكيين، حيث عاش 43 عامًا بعد مغادرة البيت الأبيض. 
خلال تلك الفترة، أعاد كارتر صياغة صورته العامة، متحولًا من رئيس واجه تحديات سياسية واقتصادية كبرى خلال ولايته إلى شخصية إنسانية عالمية حازت على الاحترام والتقدير.

ترك كارتر بصماته عبر العمل الخيري من خلال "مركز كارتر"، الذي ركز على حل النزاعات، ومكافحة الأمراض، وتعزيز الديمقراطية.

 نال جائزة نوبل للسلام عام 2002 تقديرًا لجهوده. هذا الالتزام الإنساني رسّخ إرثه كواحد من أبرز الرؤساء الأمريكيين الذين تجاوزوا حدود السياسة لتقديم خدمات جليلة للبشرية.

الجنازات الرئاسية.. تقاليد وتفاصيل 


تجمع الجنازات الرئاسية بين التقاليد العريقة واللمسات الشخصية التي تعكس حياة الرئيس وشخصيته. 


يقول ماثيو كوستيلو، المؤرخ الرئيسي لجمعية البيت الأبيض التاريخية: "يشارك الرؤساء بشكل كبير في عملية التخطيط، وتُظهر القرارات التي يتخذونها كيف يرون الرئاسة، وكيف يريدون أن يتذكرهم الشعب الأمريكي". 


فعلى سبيل المثال، اختار الرئيس دوايت أيزنهاور، الذي كان قائدًا عسكريًا بارزًا، أن يُدفن في نعش بسيط تبلغ قيمته 80 دولارًا، تعبيرًا عن تواضعه. 


من ناحية أخرى، عكست جنازة رونالد ريغان انتماءه لولاية كاليفورنيا، حيث وضع نعشه في الجانب الغربي من مبنى الكابيتول المواجه للولاية. 

الجنازات الرئاسية تركت أيضًا لحظات خالدة في الذاكرة الوطنية. من أبرزها صورة ابن جون كينيدي الصغير وهو يؤدي التحية بجوار تابوت والده.


 كانت جنازة كينيدي أولى الجنازات التي تُبث تلفزيونيًا؛ مما جعلها تجربة وطنية شاملة، وأضفى عليها طابعًا ديمقراطيًا فريدًا.

إرث جيمي كارتر 

تمثل جنازة كارتر لحظة لتأمل إرثه الذي يتجاوز منصبه كرئيس. إذ جسد مفهوم القيادة المتواضعة والمسؤولية العالمية. 


وبينما تنتهي مراسم الحداد في بلدة بلينز الصغيرة، يظل تأثير كارتر حاضرًا في قلوب الملايين حول العالم، رمزًا للتفاني الإنساني والالتزام بالسلام.


ستكون الأيام المقبلة شاهدة على وداع مليء بالاحترام والتقدير لهذا الرئيس الذي أثبت أن القيادة الحقيقية تمتد لما بعد سنوات الخدمة الرسمية، لتصبح إرثًا خالدًا للأجيال القادمة.